الأحد 24 يناير 2016 وقفت على كلام للمدعو مصطفى بوهندي أو (مول الكرموس) الذي عرف بخرجاته السخيفة يزعم فيه أن ربط انحباس المطر بالمعاصي تفسير خرافي، وحشر في كلامه للاستدلال على غثائه قصة سيدنا يوسف عليه السلام دون أن يبلغ منها المراد، وأضاف الخبير (والراء ثاء) في علم الأديان أن "انحباس المطر في المغرب هو ظاهرة دورية، يتعين مواجهتها بوضع السياسات الناجعة لا بالفكر الخرافي"!! إنها سقطة من سقطاته وزلاته، فمخلوق يعتبر لغة القرآن عادية، والأنبياء غير معصومين، وأبا هريرة رضي الله عنه ليس صحابيا، وكتب التفاسير انتهى زمانها، وأقوال مالك رحمه الله منتهية الصلاحية، لا يستغرب منه هكذا تأويلات وهكذا سخافات!!! والله ما أردت أن أخط كلمات للرد على أمثاله لولا الضرورة (وعند الضرورات نأتي الكنيف)، ولولا خيلاؤه وتجرؤه على شرع الله سيرا على نهج الأعرابي الذي بال في بئر زمزم ليعرفه الناس!!! فقررت أن أضيع بعضا من وقتي لأقرعه قرعا فإن الناس لا يزالون يخصصون بعضا من أوقاتهم الثمينة لربط الدواب وطرد الكلاب وإزالة النجاسات، فأقول ردا عليه مستشعرا هذه النية -أقصد نية إزالة النجاسة-، ومستحضرا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)!!! إن من آلاء الله جل وعلا ونعمه الوفيرة نعمة المطر، قال الله: (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) {الشورى:28}، وإن انحباسه مصيبة عظيمة، وقد جرت سنة الله جل وعلا أن النعم إذا شكرت قرت وإذا جحدت فرت، وقضت حكمته أن ما من مصيبة تنزل بالعباد إلا بسبب المعاصي، يقول الله: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) {الشورى:30} وقال سبحانه: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) {الروم:41}، (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) {الأعراف:96}. غير أن منطق بوهندي يجعل الخسف بقوم لوط راجع إلى تحرك في الصفائح التكتونية!! وطوفان قوم نوح راجع إلى تغيرات مناخية!! وريح عاد راجعة إلى انخفاض جوي!! وهكذا مما ترده آيات القران وأحاديث النبي العدنان صلى الله عليه وسلم ردا قاطعا. لقد ثبت بالنصوص الشرعية أن انحباس المطر عقوبة إلاهية بسبب الذنوب والمعاصي وليس بسبب الظواهر الطبيعية كما صرح بوهندي، وهو آية من آيات الله يخوف بها عبادة (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا) {الإسراء:59} ليعظهم ويذكرهم لعلهم إليه يرجعون. ومن الذنوب المعاصي التي تمنع القطر: التطفيف ونقص المكيال: روى ابن ماجة عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَؤُنَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ) وأخرج الطبراني عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما طفف قوم كيلاً ولا بخسوا ميزاناً إلا منعهم الله القطر). منع الزكاة: عند ابن ماجة من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ ، وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا). قال المناوي رحمه الله: أي: لم يُنزل إليهم المطر؛ عقوبةً، بشؤم منعهم للزكاة عن مستحقيها، فانتفاعهم بالمطر إنما هو واقع تبعاً للبهائم! فالبهائم حينئذ خيرٌ منهم! وهذا وعيد شديد على ترك إخراج الزكاة أعظِم به من وعيد فيض القدير (5/378-379). انتشار الربا: روى الإمام أحمد عن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله علي وسلم يَقُولُ: (مَا مِنْ قَوْمٍ يَظْهَرُ فِيهِمْ الرِّبَا إِلَّا أُخِذُوا بِالسَّنَةِ)، والسنة هي: الجدب والقحط وقلة الأمطار. قال مجاهد: إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتدت السَنَة -أي: القحط- وأمسك المطر، وتقول: "هذا بشؤم معصية ابن آدم". وقال عكرمة رحمه الله: دواب الأرض وهوامها، حتي الخنافس، والعقارب يقولون: مُنعنا القطر بذنوب بني آدم. ("الجواب الكافي"، لابن القيم؛ ص:38). ومن الأدلة كذلك على أن انحباس المطر عقوبة سببه المعاصي أن الله عز وجل شرع لنا عند القحط الدعاء والاستغفار، قال الله على لسان نوح: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا) {نوح:10-11}، وقال الله على لسان هود: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا) {هود:52}. كما سنّ لنا نبينا صلى الله عليه وسلم صلاة الاستسقاء لنتذلل لله سبحانه ونتضرع إليه. قال القرطبي رحمه الله: وقد استسقى نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم، فخرج إلى المصلَّى متواضعاً، متذللاً، متخشعاً، مترسِّلاً، متضرعاً، وحسبك به، فكيف بنا، ولا توبة معنا، إلا العناد، ومخالفة رب العباد، فأنَّى نُسقى؟! لكن قد قال صلى في حديث ابن عمر: (وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِم إِلاَّ مُنِعُوا القَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلاَ البَهَائِم لَمْ يُمْطًروا) ("تفسير القرطبي"؛ 1/418). إن انحباس المطر ابتلاء مرده لكثرة المنكرات والآثام وهو اختبار وتربية للناس عسى أن يتذكروا ويتعظوا.. فحري بالمسلمين اليوم أن يبادروا إلى التوبة والرجوع إلى الله والتضرع إليه عسى أن يرحمنا ويغيثنا.. فيا أيها المحرف المميّع: ألم يربط الله تعالى مصائب الناس بما كسبت أيديهم من الذنوب؟ ألم يربط النبي صلى الله عليه وسلم القحط بالذنوب والمعاصي؟؟ فهل النبي صلى الله عليه وسلم يفسر الدين تفسيرا خرافيا؟؟ إنك باتهامك العلماء والأئمة بتلك الفرية إنما تتهم النبي صلى الله عليه وسلم لأنه هو من أخبرنا وهو الصادق المصدوق أن المعاصي تمنع القطر وتؤدي إلى الجدب!! فهل نتبع نبينا أم نتبع سخافاتك المتكررة وخرافاتك التي جعلتك أضحوكة بين الناس؟ أم هي الرغبة في الشهرة وحبّ الظهور ولو على حساب لي أعناق نصوص الشريعة؟؟ أم هذا ما توصلت إليه بنظرك القاصر ومنهجك السقيم وفكرك المختل؟؟ لقد أبنت مرة أخرى من خلال نظرتك لهذه المسألة على جهل فظيع بنصوص الشريعة، وأظهرت مستواك الحقيقي الذي يدل على أنك بلغت أقصى درجات الحضيض وأنه ليس بينك وبين العلم الشرعي إلا (الصحة والسلامة)، وأنك مجرد متطاول رويبضة!! إنك وأمثالك من أبواق بني علمون ممن تلبسوا بمسوح أهل العلم زورا وبهتانا، ومن لمّعكم "إعلام المارينز"، مهما ميعتم ومهما تجرأتم على الشريعة بدعوى الرؤية المنفتحة والنظرة العصرية فلن تفلحوا أبدا في تلبيس الحق على أهل الهدى والمستمسكين بشرع ربهم، لأن الله قيض لهذا الدين حماة عدولا (يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالِ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلِ الْجَاهِلِينَ).. يفضحون كذبكم وتدليسكم وجهلكم.. ولله در من قال: تصدر للتدريس كل مهوس***بليد تسمى بالفقيه المدرس فحق لأهل العلم أن يتمثلوا***ببيت قديم شاع في كل مجلس لقد هزلت حتى بدا من هُزالها***كلاها وحتى سامها كل مفلس إنها رسالة تنبيه وتقريع إليك أن ترجع عن غيك وتطاولك على شرع الله عز وجل، وأن تعلم أنك واقف أمام الله جل في علاه، وسيسألك وحدك ولن ينفعك الذين تسعى لإرضائهم.. فتأمل جيدا.. اللهم لا تواخدنا بما فعل ويقول السفهاء منا.. اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا… اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين… اللهم اسق عبادك وبهيمتك وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت…