حدد الظهير رقم 1.14.104 الصادر في 20 من رجب 1435 (20 ماي 2014) في شأن تنظيم مهام القيمين الدينيين وتحديد وضعياتهم، أن المقصود بالقيمين الدينيين، الأشخاص المتعاقدين مع الدولة ممثلة في السلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف والشؤون الإسلامية، وكذا الأشخاص المكلفون من قبلها للاضطلاع بمهام دينية أو مهام مساعدة بسائر الأماكن المخصصة لإقامة شعائر الدين الإسلامي. وقسم الظهير المذكور، القيم الديني إلى فئة متعاقدة، وهم المتعاقدون مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بموجب عقد يبرم وفق أحكام المادة 25 من الظهير في شأن إحداث معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، وينقسمون بدورهم إلى فئتين، الأئمة المرشدون والمرشدات خريجو معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، والقيمون الدينيون المكلفون المزاولون لمهمة الإمامة أو الإمامة والخطابة الحاصلون على شهادة الإجازة الذين تم التعاقد معهم طبقا لمقتضيات المادة 40 من نفس الظهير. ويقصد بالفئة المكلفة، هي الموكل إليها مهام الإمامة، والخطابة، والآذان، ورواية الحديث، وقراءة الحزب، وأيضا المكلفة بمهام مساعدة كالحراسة، والنظافة، والتفقد. وحسب تدخل للوزير المكلف بالقطاع في مجلس النواب في شهر أبريل من السنة الجارية، كشف فيه أن عدد القيمين الدينيين الذين استفادوا من التغطية الصحية إلى غاية سنة 2021، 245 ألفا و649 قيما دينيا. لكن مع الأسف تعتبر هذه الفئة هي "الحائط القصير" في الوظيفة العمومية إن صح إطلاق هذه الصفة الوظيفية عليهم، وتعاني من وضعية اجتماعية هشة، حيث إن ما يتقاضوه من وزارة الأوقاف، يجعلهم يقبعون تحت خط الفقر، الأمر الذي يجعلهم عرضة للعديد من الأمور الحاطة من كرامة الإنسان، كانتظار الهبات والعطايا والصدقات وما يجود به فتات الموائد على حد قولهم أحد الأئمة، فأجرة القيم الديني الشهرية، تترواح ما بين 500 درهم و1000 درهم بالنسبة للمؤذن والمنظف والحارس وغيرهم، فيما يحصل من يمارس الخطابة والإمامة وغيرها على مكافأة شهرية تترواح ما بين 800 درهم و 2500 درهم. فالوزارة الوصية تكرس الوضعية المزرية للقيمين الدينيين، بمحافظتها على نظام الشرط القديم، فهي لا تحاول النهوض بوضعيتهم باعتبارهم موظفين عموميين في وزارة ذات ميزانية ضخمة، إذ تعد من أغنى الوزارات، بل تحاول استنساخ المنظور القديم لعمل القيم الديني، فترهن رعاية شؤونهم الاجتماعية بالمجتمع، في إطار الصدقة والإحسان، الأمر الذي ينتج عنه نوع من الإذلال والاحتقار والاهتزاز الروحي لفئة يقوم مشروع الدولة -الحفاظ على الأمن الروحي للمغاربة- عليها، كما أن هذه الفئة تشكل حلقة الوصل بينها وبين المواطنين. ويعتبر عدد من الحقوقيين، أن فئة القيمين الدينيين تعاني من انتهاكات حقوقية، حيث يتم تجريم تعبيرهم عن الرأي، خصوصا فيما يتعلق بما يقع في الوزارة، وبما له علاقة بوضعيتهم الاجتماعية والاعتبارية، أو على مستوى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بالأجور والترسيم والترقية، والحقوق النقابية حيث يمنعون من أي شكل من أشكال التنظيم النقابي. كما يُتعامل مع هذه الفئة العاملة في الحقل الديني بمنظور أمني صرف، وتتعرض لرقابة أمنية مشددة تتحالف فيها كل من وزارتي الداخلية والأوقاف والشؤون الإسلامية، والمخبرين من الجماعة (رواد المسجد)، وبالتالي فهم أضعف حلقة في منظومة الموظفين بالمغرب، لأنهم يعيشون في وضعية ما قبل الوظيفة العمومية، ويؤكد ذلك مسطرة العقوبات الفريدة والتي لا نجد أي مؤسسة عمومية تتعامل بها، بحيث أصبح العزل والطرد والتوقيف هو الإجراء الأول، دون المرور بأي مسطرة إجرائية كباقي الإدارات. فيصبح من الملِح سنّ قانون ضامن لحق الاستقرار الوظيفي للقيمين الدينيين، يضع حدا للسطوة التعسفية التي تمارسها وزارة الأوقاف عليهم، ويعتقهم من الهشاشة، ومن مزاجية بعض المسؤولين الذي ينهون عمل القيم الديني بمجرد كلمة، فنحن في بلد المؤسسات والقوانين لا بلد الاستبداد والفوضى.