المشاهدات: 8٬167 هوية بريس – عبد الله مخلص الخميس 19 نونبر 2015 خطة هيكلة الحقل الديني التي وضعها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق؛ وفرضها على العلماء والخطباء، وألزم بها كل الفاعلين في المجال الدعوي، بما فيها جمعيات المجتمع المدني ودور القرآن الكريم، لم تشمل أتباع فكر ربيع المدخلي، بل على العكس من ذلك تماما فقد فتح الباب أمامهم على مصراعيه للنشاط؛ والدعوة إلى اللاتسامح والغلو والتطرف والحزبية الضيقة التي يوالي أصحابها على بعض الدعاة السعوديين المعدودين على أصابع اليد الواحدة. من جالس أصحاب هذا الفكر سيدرك حتما درجة الغلو التي بلغوها وخطرهم على المجتمع، وأن السلطات تلعب بالنار حين تسمح لأصحاب هذا الفكر ببناء أعشاش لهم بين أبناء المجتمع المغربي، ولئن كانوا يعلنون الطاعة العمياء لولاة الأمور وموالاتهم موالاة تامة، فإنهم على الطرف الآخر يشكلون خطرا كبيرا على مكونات المجتمع الأخرى ووحدته العقدية والمذهبية. فالخوارج الذين قاتلوا عليا رضي الله عنه يوم النهروان، ابتدؤوا ببدع صغيرة منحصرة في الغلو في جانب الذكر لينتهوا بالغلو في سفك الدماء، أما هؤلاء فقد ابتدؤوا بالغلو في أعراض العلماء والدعاة والعاملين لخدمة الإسلام؛ والله وحده يعلم بما سينتهي هذا الفكر الذي يمَكَّن له في زمن تضييق كبير على السلفيين خاصة والإسلاميين عامة. فبالرجوع إلى وثائق مراكز الدراسات الغربية نجدها تؤكد على تعاون أجهزة الاستخبارات مع حاملي فكر المداخلة، ودعمهم وفتح الباب أمامهم، لأنهم يقومون بنفس الدور الذي كانت تقوم به بعض الفرق الصوفية الموالية للاحتلال، ويقفون حجر عثرة أمام الحركات الإسلامية برمتها، ويستصنمون منهجهم إلى درجة التقديس، ويقلدون بعض رموزهم تقليدا أعمى؛ ولا مكانة لديهم لعلماء المغرب لأنهم بالنسبة لهم مبتدعة ضالون. فغلاة هذا المنهج يصفون المخالفين لهم بالحزبيين والحركيين والقطبيين والتكفريين والثوريين ودعاة المظاهرات.. إلى غيرها من التهم المعلبة الجاهزة التي يرمون بها إخوانهم. مع الإشارة إلى أنهم غارقون في الحزبية الضيقة إلى آذانهم بموالاتهم المطلقة للمسمى "ربيع المدخلي" و"محمد المدخلي" و"عبيد الجابري"..، وبراءتهم التامة من كل العلماء والدعاة الآخرين ومهاجمتهم الشديدة لهم، وتحذير الناس منهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصًا يدعو إلى طريقته، ويوالي ويعادي عليها، غير النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا ينصب لهم كلامًا يوالي عليه ويعادي، غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمة، بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصًا أو كلامًا يفرقون به بين الأمة، ويوالون على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون). الفتاوى:20/164، ودرء التعارض:1/ 272-273. هذا ويجد المتابع لأنشطتهم وكتاباتهم أن طرحهم الشرعي ضعيف جدا، والعقلي أضعف من ذلك بكثير، أما السلوكي فلا مجال للحديث عنه لأنه مغيب، وإن تم عقد بعض الجلسات لهذا الغرض فسرعان ما يتبخر أثرها بفعل المجالس اليومية للغيبة والنميمة. ولا تخطئ عين المتابع توظيفهم المنحرف للنصوص الشرعية، وإخراجهم للقواعد العلمية عن إطارها، ولآثار العلماء عن سياقها، واستعمالهم المفرط للغة التعالي والكبر ضد من يعتبرونهم مخالفين خارجين عن المنهج، وعدم ورعهم في إطلاق عبارات السب والشتم، والتحذير والتحريض، والرمي بالبدعة والضلال والمروق؛ والاحتقار والرغبة الكبيرة في سحق الآخرين. وهذه سمة عامة للمداخلة أينما وجدوا سواء في المغرب أو أوربا أو الجزائر أو مصر أو العراق أو الشام أو السعودية، مع الإشارة إلى أن هذا الفكر لا يحظى بتاتا بالقبول في الحجاز، وقد حذر منه جل علماء المملكة العربية السعودية، بما فيهم أعضاء هيئة كبار العلماء، والشيخ عبد المحسن العباد في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبلهم الألباني وابن باز والعثيمين، وغيرهم كثير. والدورات التي يقيمونها ويستقطبون لها رؤوسهم في المغرب أو خارجه؛ ويرفعون فيها شعار العلم وكتب أهل العلم، ويسمونها بأسماء علماء أو حكام كدورة السلطان محمد بن عبد الله العلوي، لا يجب أن تدفعنا إلى التردد في التحذير من هذا الفكر الذي انتشر كالنار في الهشيم بسبب إحسان بعض العلماء الظن بأتباع هذه الجماعة في بداياتها، ليدركوا بعد ذلك أن الخرق اتسع على الراتق، وأن المداخلة أصبحوا خنجرا مسموما في ظهر الدعاة إلى الله تعالى. فأصل العلم خشية الله تعالى؛ كما قال إمام السنة أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، وإن قادت معلومات علمية متناثرة من هنا وهناك وهنالك إلى صناعة قوالب من هذا الشكل فلا مرحبا بها، فخير للإنسان أن يقيم دينه بالمحافظة على الفرائض والسنن فقط، من التنمر بالعلم، ونشر ثقافة الحقد والكراهية، والحكم على المسلمين دون بينة أو برهان. وقد سنح مقالي المنشور بهوية بريس للمتابعين بالوقوف على عقلية غلاة المداخلة، وطريقة تفكيرهم وتعبيرهم عن قناعاتهم، والمراجع التي يستقون منها منهجهم المحدث، ووفرت التعليقات على المقال مادة جديدة للباحثين في الجماعات الإسلامية حول الفكر المدخلي في المغرب، والذي أرجو أن يخص بدراسة مستقلة من بعض المراكز المختصة، وأرى أقربها لتحقيق هذا المراد مؤسسة ابن تاشفين للدراسات والأبحاث، لمعرفة مديرها الدقيقة بشخصية ربيع المدخلي وقدراته المعرفية، واطلاعه على كثير من التفاصيل والجزئيات التي من شأنها أن توضح الرؤية حول هذا الفكر. في ختام هذا العمود أهمس في آذان إخواننا الذين بغوا علينا من المداخلة؛ وأنصحهم بالاحتفاء بعلماء المغرب؛ و(إن بدرجة أقل من علماء المشرق)! لأن المغاربة عندهم علم كبير لا مجال لمقارنته بمن يقدسونهم من المداخلة، وبعض الطلبة في سوس العتيق لديهم من العلوم والمعارف ما لم تكتحل به عيون ربيع وإخوانه، مع احترامي الكبير لعلماء الشرق والغرب الشرفاء فلست ممن يرى التقوقع على منطقة جغرافية معينة للنهل من معين معارف الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.