هوية بريس – الثلاثاء 03 نونبر 2015 بعد التصريح المثير للجدل الذي خرج به السيد الوزير لحسن الداودي الوصي على قطاع التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي السنة الماضية والذي وصف فيه أصحاب شعبة الآداب ب"العالة على الأهل والمجتمع"، ها هو يفتتح الموسم الدراسي الجامعي الجديد بإهانة وتحقير الطلبة الجامعيين في المغرب. وذلك بجوابه على سؤال لوزير التعليم العالي بالمملكة الأردنية لبيب الخضرا، أثناء افتتاح أشغال المنتدى المغربي الأردني الأول، مفاده أن خريجو كليات الحقوق والآداب مصيرهم البطالة في الغالب، وأضاف الداودي في جوابه أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، استقبل مؤخرا خريجي المعاهد و التكوين المهني لتحفيزهم، ولم يستقبل الطلبة الجامعيين، مبرزا أن الطلبة الذين يتخرجون من التكوين لهم فرص وحظوظ كبيرة في الحصول على وظيفة وراتب مرتفع، عكس خريجي كليات الحقوق والآداب الذين مصيرهم البطالة والشارع في غالب الأحيان. من خلال تصريحات معالي الوزير المحترم، يتضح جيدا أن الوزارة الوصية على التعليم العالي، لا زالت تنهج سياسة اللعب على وثر احباط الطلاب وبث اليأس فيهم، لكي يتركوا الجامعة المغربية ويتجهوا نحو التكوين المهني، بمعنى آخر أن سياسة الوزارة هي التركيز على برمجة عقل الإنسان للتفكير في إيجاد وظيفة لدى مؤسسات "التدبير المفوض الأجنبي" أو مستخدم تقني في إحدى معامل الشركات المتعددة الجنسية فقط، دون اللجوء للتعمق في الفكر والأدب والقانون، فالنقد والتحليل وتغدية العقل بفكر إنساني وسياسي وقانوني يجعل المواطن مثقف وواعي بما يدور حوله من أمور؛ أما التملص من المسؤولية الملقاة على الوزارة في حل مشاكل الطلبة والجلوس معهم في طاولة الحوار فما هو إلا استمرار لمسلسل وأد الطموح الاجتماعي والسياسي لشباب المستقبل. وأما التشجيع الموجه أساسا للمسالك العلمية التطبيقية والتكوين المهني كما فهمنا من تصريح الوزير المحترم، فهدفه حسب وجهة نظري هو خدمة الرأسمالية المتوحشة البغضاء، التي همها الربح والإنتاج، لهذا يتم العمل على تبخيس مسالك الآداب والعلوم الانسانية في نظر المجتمع والطلبة، وكذلك لكون هذه الأخيرة تنتج مفكرين ومثقفين وأفراد واعيين بحقوقهم يمكنهم أن يغيروا الوضع القائم، لكن سؤالي الجوهري الذي سأطرحه على معالي الوزير، هل تسألت ما جدوى العلوم التطبيقية إذا لم يصاحبها نظريات فكرية تقي الإنسان من العواقب الوخيمة للتطبيق الغير عقلاني للنظريات العلمية والتكنولوجية؟؟ معالي الوزير، قد أعتبر أن ما قلته في تصريحك يحمل جزءا من الصواب لأن هناك من الأدبيين وطلاب الحقوق لطخوا هذه الشعب بتفاهتهم وطيشهم، وبل هناك منهم من لا يستحقون صفة طالب وذلك نظرا للمستوى الرديء الذي يتميزون به ونظرا لكونهم صعدوا للكلية في إطار ما يُسمى (النجاح بالدفيع)، لكن مع ذلك فليس من المنطقي سيدي الوزير أن تحتقر كل أهل الآداب والحقوق، مقياسا على الأمثلة المذكورة، كما أنه ليس من المعقول أن تلقي باللائمة على الطلبة في أزمة لا دخل لهم فيها، فطلبتنا شعلة من الذكاء والعطاء، وكل ما يقع لهم من إحباط يرجع إلى مثل هذه التصريحات الغير مسؤولة والهادفة للتغطية على العجز الذي تعرفه وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر ووزارة التربية الوطنية والتكوين المهني في منظومة تربوية سليمة ملائمة للوضع الراهن. سيدي الوزير؛ إن العديد من الدول استطاعت أن ترتقي بمنظومتها التربوية، دون إعادة النقاش إلى التمييز بين الأدب والعلوم، وذلك باعتبار أن لكل منهما دور هام في تكوين وتأطير الفرد سواء في الحياة الشخصية أو الحياة المهنية، فإن كنت تعي بأن الآداب والعلوم الإنسانية له أهمية كبرى في تطور الثقافات الإنسانية ومع ذلك أطللت علينا بهذه الخرجة الإعلامية، فتلك مصيبة وإن لم تكن تدري فالمصيبة أعظم. وفي الأخير سيدي الوزير ولكي لا أطيل عليك، فهذه رسالتي لك إثر تصريحاتك الأخيرة وأتمنى أن تصلك وتشعر بما أحس به طلاب كلية الحقوق والآداب حين وصفتهم بتلك الطريقة المُهينة، وأن تعي جيدا بأن طلبة الآداب والحقوق وغيرها من الشعب، ليست عبئا على التعليم ولا على المجتمع، بل هي نسق متكامل فيما بينها، أما العبء الأكبر فهو تجاهلكم للطلبة ومطالبهم طيلة السنة، وعدم مواكبة مسارهم الدراسي ابتداء من التعليم الابتدائي، وعدم بناء جامعات ومدرجات تحد من ظاهرة الاكتظاظ التي أصبحت القضية الأولى في شؤون التعليم، وعدم البحث عن سُبل ناجعة للخروج من الأزمة التي يعرفها القطاع بمختلف أقسامه. وأختم لك رسالتي هذه بمزيد من التأكيد على أنه ليس المشكل في طلبة الآداب أو طلبة الحقوق، بل في مجتمع أغلبه يعانون من الأمية، ساسته ونوابه ووزراؤه أنانيون ويفتقدون حس النقد الذاتي، يستخلصون أجور سمينة ليس للعمل على ايجاد الحلول، بل للسب والقذف في حق مختلف شرائح المجتمع، بدءا من الأساتذة والموظفين والقضاء والنقابيين وانتهاء بفئة الشباب، وأي فئة ؟؟ فئة خريجي الجامعات، هذه الفئة التي نعتبرها أحسن من بعض الوزراء والنواب. ولكم مني أصدق تحية سيدي الوزير.