ثمرة الرجولة هي تحمل المسؤولية، وتحمل المسؤولية ثمرة قوة الشخصية، وقوة الشخصية ثمرة التربية السليمة، فلكي تربي رجلا لا بد أن تعرف الركائز الخمسة للتربية على الرجولة وتطبقها مع ولدك كي تنمو شخصيته متوافقة مع فطرته وبالتالي منسجة مع أحكام الشريعة الربانية {فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم} فالفطرة والدين القيم وجهان لعملة واحدة. الركيزة الأولى: الاعتراف بالفوارق قال تعالى {ليس الذكر كالأنثى} وعلى هذا الأساس تنبني ركيزة الاعتراف بالفوارق، فيتربى الذكر على الصلابة ويخاطب بمقتضيات الرجولة ويخص بمجموعة من المعاني التي تبني فيه الرجولة والشعور بالمسؤولية تجاه أخواته، فيقال له أنت رجل لا يليق بك أن تفعل ذلك، وخصوصا حين ينازعهن، فيقال له الرجل يسامح، الرجل يعفو الرجل يفعل كذا ويفعل كذا، كما يفرق بينهم في اللباس وفي نوعية الألعاب والقصص وغير ذلك، ويجب التفريق بينهم كذلك في فصول الدراسة لأن طول اختلاط الجنسين يضعف هذه الفوارق ويصبغ الأنوثة بالرجولة والرجولة بالأنوثة ويصبحان كأنهم جنس جديد لا ذكر ولا أنثى. الركيزة الثانية: القوامة والمسؤولية قال تعالى {الرجال قوامون على النساء} وليس الأزواج قوامون على الزوجات، فالأخ قوام على أخواته والأب على بناته والجار على جاراته إن فقدن المعيل، فيتربى الطفل على المسؤولية على أخواته ويكلف بحمايتهن ورعايتهن والحرص على تلبية حاجاتهن، ويكون هو القائد الصغير بينهن، فيتعود على المسؤولية منذ صغره ولا يستثقلها في كبره، ويتدرب على فن القيادة (الليذرشيب) منذ نعومة أظافره. الركيزة الثالثة: المشقة للرجل قال موسى لأهله حين رأى نارا {امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى} فلم يرسل زوجته ولم يأخذها معه بل قال لها امكثي وذهب ليستكشف الخطر ويقضي الوطر، فيربى الطفل على أنه المسؤول عن حاجيات أخواته وجلب المشتريات وحمل الثقل والخروج بالليل وإصلاح ما تعطل في البيت ومقابلة الطارق وتنظيف درج البيت وصحنه وفنائه، وإذا تذمر من ذلك قيل له أنت الرجل، فتصبح تلك الكلمة مشمولة في عقله الباطن بكل تلك المعاني، فما دمت تنال الريادة فلتتحمل تبعاتها، فلا تشريف بلا تكليف. الركيزة الرابعة: الأنوثة تنشأ في الحلية ولا تبين في الخصام. قال تعالى {أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين} فالفتاة تنشأ في الحلية والرقة والزينة، أما الولد فينشأ تنشئة مختلفة ولا يربى على النعومة والتأنق والوقوف أمام المرآة، بل يُهتم بالأنثى في ذلك ما لا يهتم بالذكر، وتكسى من الملابس الناعمة والألوان الزاهية، بينما يربى الطفل على الخشونة والتمعدد كما قال عمر رضي الله عنه "تمعددوا واخشوشنوا واقطعوا الركب وانزوا وارموا الأغراض" ويربيان على هذا الفرق منذ الصغر حتى في نوع الرياضات، فيوجه الطفل إلى الرياضات العنيفة والقتالية، بينما توجه الفتاة إلى الرياضات الناعمة كالايروبيك وغيرها، فالفتاة لا تعد للنزال والقتال، وإنما تعد للرقة والحنان. الركيزة الخامسة: عرضك أولا قال تعالى {قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} فيتربى الطفل على أن أخته عرضه يفديها بماله ونفسه، ويتربى على توجيه أخواته ونصحهن ويعوّد على الاستجابة لدوافع الغيرة إن رأى منهن تقصيرا في لباسهن أو توجس من أحدٍ خيفة، وتوجه هذه الفطرة فيه بحيث لا تطغى ولا تموت، فالأخ صمام أمام وخير معين لك أيها الأب على حفظ أخواته وألصق بهن منك وأقدر على ملاحظة الانحرافات في بداياتها، وإذا قتلت فيه هذه الفطرة ومنعته من التدخل فإنه يتدايث وينزع عن نفسه هذه المسؤولية ويتعود على امتصاص لذعات الغيرة حتى تتبلد تماما، وبالتالى تنتكس رجولته وينزل عن الرتبة التي كلفه الله بها، ولذلك فإنه حين يتربى على أنهن عرضه فإنه يستسيغ أن يعيل أخواته عند فقدان الأب، ويرى ذلك أمرا طبيعيا، فلا يتذمر ولا يستثقل ذلك، بل الأثقل على نفسه أن تخرج أخته للعمل من أجل لقمة العيش بل يراها عرضه الذي يحميه بكل ما يملك. هذه الركائز قد قلبت رأسا على عقب تحت تأثير العولمة، فأصبحت الركيزة التي يربى عليها الأبناء هي المساواة، ولذلك فقد الذكر الرجولة وفقدت الفتاة الأنوثة،قد ترى هذه القيم قديمة لكن القديم هو الأصيل وهو النافع. فانتبه إلى هذه الركائز وابن عليها تصرفاتك، فإنها تنفعك إن شاء الله…