السبت 21 شتنبر 2013م استدعيت مهاراتي التعبيرية لكي أصف مشهدا أصبح فيه الإنسان خروفا!! توقفت برهة من الزمن أسائل نفسي عن مدى الحقارة التي وصلنا إليها في عالم طغت عليه الماديات حتى باع الإنسان كل شيء من أجل لقمة تملأ بطنه ولا يملأ بطن ابن آدم غير التراب. لا أخفيكم سرا ففي البداية كدت أنفجر ضحكا من هول السخرية أو قل الصورة التي رأيتها، ولكي لا أطيل عليك أخي القارئ الكريم وها هي الصورة بين يديك تراها، بعينك فبداية تشعر برغبة شديدة في الضحك ولكن سرعان ما يضمحل هذا الشعور، لكي يعوضه شعور بانحطاط أخلاق هؤلاء الذين يسعون وراء الثروة والمال ليس إلا. خروف يرتدي ثياب رجل أعمال!! بل وتمتد يداه إلى عنقه لكي تضبط ربطة العنق إذا ما كانت مضطربة!! ويتحدثون عن إعجاب الأسر المغربية المسلمة بعيدها القادم ليس لأنها ستُطيع الله على نحو ما يفعله الصالحون من المسلمين، بل على نحو آخر فيه إعلان الحرب على الله ورسوله!! إنه إعلان لإحدى وكالات القروض الربوية تحث فيها المسلمين بأن يسارعوا إلى طاعة الله بشراء أضحية العيد عن طريق الربا التي أحبوا أن يسموها فوائد بنكية على سبيل التلاعب بعقول الناس وكأن القرنين ليسا على رأس الخروف بل على رؤوس من يتبعون مثل هذه الإشهارات، للأسف. أبلغ حبكم للإنسان وحفظكم لحقوقه إلى هذه الدرجة الرفيعة يا ترى؟؟ حتى تشبهوه بالخرفان على نحو مقيت ممقوت!! أم أنكم لا تبالون إلا بأرباحكم وتضخم أموالكم؟؟ وبعدها تستمتعون بمشاهدة أولئك الضحايا من غرمائكم وهم يتجرعون مرارة فرحة العيد على أنغام حرب الله جل في علاه، وعلى أوتار الهموم التي ترافق الديْن، وخصوصا إذا تلطخ بجرم الربا. وإني أتساءل هنا أين هي الحكومة ووزاتها، وجمعيات حقوق الإنسان وأعوانها، ألا يهبون لحماية شرف وكرامة الإنسانية من أن تصير لعبة في أيدي الشركات البنكية يفعلون بها ما يشاءون؟؟ ففي العام الماضي خرجوا علينا بإعلان مثل هذا بمناسبة عيد الأضحى، يحتوي على صورة امرأة تموء موء الشياه، واليوم غيروا الوجهة إلى الاستهتار بالرجل، ولن ينفعهم ادعاؤهم أن الصورة تعبر عن قيمة الخروف وتكاليفه التي تجعله مثار إعجاب بنفسه؛ لأن مؤدى ذلك بدوره يؤول إلى رفع قدر الحيوان على قدر الإنسان الذي كرمه الله عز وجل على سائر الخلق، ولعل تغيير محل الاستهداف من المرأة إلى الرجل هذا العام هو الخوف من انتقاد المنظمات الحقوقية النسوية.. أما الرجال فهم خرفان هذه الحياة عند التوحش الرأسمالي القائم على النظام الربوي، في النظرة المادية للكون والحياة والإنسان. فليقم الصالحون من الدعاة والمثقفين والأساتذة بمسؤولية البيان، وليسارعوا إلى استنكار مثل هذه الإعلانات التي تروم إهانة الإنسان وتشبيهه بالحيوان، وقبل ذلك استنكار استفحال المعاملات الربوية، في وقت يضيق فيه ويمنع اعتماد المعاملات والبنوك الإسلامية، التي يحارب مشروع اعتمادها من طرف أباطرة البنوك والربا والاقتصاد الرأسمالي المتوحش.