من المعلوم من الدين بالضرورة أن الربا حرام، بدليل قول الله تعالى: (وأحل الله البيع وحرم الربا) (سورة البقرة، الآية 274) كذلك من المعلوم من الدين بالضرورة أن الله لايكلف نفسا إلا وسعها. بدليل قوله سبحانه: (لايكلف الله نفسا إلا وسعها، لها ماكسبت وعليها ما اكتسبت) [سورة البقرة، الآية 285]. إذا كان الإنسان المسلم مكلفا بالعبادات في حدود طاقته [وخلق الإنسان ضعيفا] [سورة النساء، الآية 28]، فإنه منهي كذلك عن ارتكاب المعاصي التي تؤزم حياته الدنيوية، وتعرضه، في الآخرة، للعقاب الشديد. ومن الكبائر التي تساهل كثير من الناس في ارتكابها، كبيرة الربا والمعاملات الربوية. وإنه لمن العجب العجاب أن تمارس مؤسسات السلف الربوي، في مناسبات شتى، الغواية على المواطن بترغيبه في أخذ قروض ربوية يؤديها مضاعفة بالتقسيط. نرى ذلك في مناسبة الدخول المدرسي، كما نراه في مناسبة حلول شهر رمضان، ونشاهده في العطل الصيفية كما نلاحظه في الأعياد. ومن التزيين التضليلي للمعصية ماتدعو إليه مؤسسات السلف الربوي المواطن هذه الأيام كي يقترض منها قرضا ربويا يخول له شراء أضحية العيد من خلال اللوحات الإشهارية في شوارعنا . هل غاب عن هؤلاء وعن الذين ينقادون لإغوائهم ما قاله الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «إن الله طيب لايقبل إلا طيبا»؟! ألم يعلموا أن الغاية لاتبرر الوسيلة في ديننا الحنيف، بل لابد من نقاء الوسائل، ونقاء الغايات سواء بسواء. ولايمكن أن نتوصل إلى غاية دينية شريفة (هي هنا أضحية العيد) عن طريق وسيلة محرمة خبيثة (هي الربا أو القرض الربوي) إن الذي يقدم على هذه المعاملة يخسر مرتين: مرة أولى عندما يرتكب كبيرة الربا، ومرة ثانية عندما لاتقبل أضحيته. (إنما يتقبل الله من المتقين) (سورة المائدة، 29) كما يجب أن يعلم هؤلاء أن الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم قد ضحى بكبش عن فقراء أمته. فإذا لم يتمكنوا من شراء أضحياتهم فقد نالوا شرف تضحية النبي صلى الله عيه وسلم عنهم. إن مكمن الخطر الأكبر في هذا الموضوع أن أصبح الربا والقروض الربوية تتسرب الى قربات المسلمين نفسها، وشعائرهم الدينية. فالجشع لاحدود له، والطمع لا يشبعه شيء!