الإثنين 18 ماي 2015 اتصل بي أحد الأفاضل يخبرني أنه يشعر بضيق بسبب انتكاسة أحد الشباب المعروفين بمناظرة الملاحدة، في بعض المنتديات المتخصصة. وأن هذا الشاب بعد أن كان من المميزين في تلك المناظرات قد صار الآن يشكك في بدهيات العقل، وأوليات الأديان. وقد كان من جوابي التذكير بأن الهداية والإضلال من الله تعالى، ولا نملك إلا الإيمان بحكمته سبحانه. وأن الانتكاس -في الغالب- لا يأتي فجأة، وإنما يكون باتباع خطوات الشيطان الواحدة تلو الأخرى. وأن إظهار النتيجة علنا يكون مفاجئا للمتتبعين، ولكنه -في حقيقة الأمر- ثمرة مرة لبذرة خبيثة ما زالت تنمو في غفلة من كل أحد. وأخبرته أن الوعظ والتذكير بالله قد يكون أنجع في حق مثل هذا الشخص من المحاجة العقلية الخالصة، وذلك لأن الكثير من أمثال هذه الانتكاسات الفكرية يكون بسبب نفس مضطربة لم تجد المحضن التربوي الإيماني الذي يداوي جراحها، ولم تجد أمامها غير المناقشات العقلية الصارمة، التي تصيب تارة وتضل تارات. وقد رأيت أناسا كثيرين يغيّرون جلدتهم (الفكرية بالطبع) دون أن يجدّ لديهم جديدٌ في براهين العقل. ولا تفسير لذلك سوى اضطراب أحوال النفس وتزعزع يقين القلب. والحل مع هؤلاء روحي إيماني لا جدلي عقلي. ثم ذكرت له أنه ينبغي إعادة النظر في منهج المناظرة العلنية مع الملاحدة، وفي فتح الباب لهم لنشر شبهاتهم في منتديات متخصصة يرتادها المتدينون، الذي يدخلونها بإيمان العجائز ويخرجون منها بالشك والحيرة. وليس هذا انتقاصا من أصل مناظرة الملاحدة والرد على أباطيلهم، بل تلك جادة مسلوكة، بل نوع من أنواع الجهاد في سبيل الله. ولكن انتقادي منصبّ على المنهج المتبع في عرض الشبهات، وفتح الباب لكل أحد أن يقرأ ويشارك. ونصيحة أخيرة أكررها بعد أن ذكرت نظيرها مرارا من قبل: أيها الفاضل.. والله إني لك ناصح.. ولا أريد لك غير الخير.. لا تدخل فيما لا يطيقه عقلك .. لا تغتر بكتب قرأتها، وفلسفات فهمتها.. فسمّ الشبهة أشد من أن يمنعه ترياق سنوات قليلة من الاطلاع والقراءة.. لا تركن إلى قلبك وتحسب أنه آمن من كل تقلب.. وهل سمي قلبا إلا لتقلبه؟! ولا تغفل عن دعاء ربك قائما وقاعدا.. بالعشي والإصباح.. وفي كل حال: أن يثبت قلبك على الإسلام، ويعصمه من مضلات الفتن. يا مقلب القلوب.. ثبت قلوبنا على دينك وسنة نبيك..