من المعلوم بأن الشعب السوداني الحر قد سطر أروع معاني الشجاعة والصمود والتضحية ليضع السودان على درب الحرية والتحول الديمقراطي، والخلاص من الظلم والطغيان، ولا يسعنا هنا إلا أن نحيي هذا الشعب الأبي ونترحم على شهداء ثورة 18 ديسمبر الأبرار. – وبما أننا نعيش مرحلة ما بعد سقوط نظام الإنقاذ الذي حكم البلاد والعباد لمدة ثلاثين عاماً دون أن يقدم أية حلولً قطعية لأزمات السودان السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأمر الذي أدى إلى سقوطه المدوي بفعل إرادة الجماهير السودانية في الداخل والخارج، مما يعني أننا انتقلنا إلى مرحلة الاستحقاقات الوطنية ومتطلباتها المتمثلة في إشاعة السلام والحرية والكرامة والعدل والمساواة بين كافة مكونات المجتمع السوداني والتي تستدعي المشاركة الفعالة لكل القوى الحية أحزاب ونقابات وجاليات ومؤسسات وجمعيات المجتمع المدني. – وبالنظر إلى حجم التحديات الكبيرة التي تنتظر البلاد في مختلف المجالات .فإن الحديث يقودنا من موقع الاغتراب عن أصوات الاستقطاب التي تمارسها بعض المكاتب التنفيذية للجاليات السودانية لصالح قوى سياسية حزبية بعينها والوقوف ضد الأخرى وهي انشغالات لا تتناسب ومتطلبات المرحلة ، وبدلاً من أن تنهمك الجاليات في حيز الاستقطابات الحزبية التي غالباً ما يكون لها أدوار سلبية في شق صفوف الجاليات وإبعادها عن العمل المشترك خاصة وأن الانهماك في الاستقطابات الحزبية لدى البعض يصبح أكثر أهمية من الانتماء القومي أو الوطني مما يؤدي الى بروز الصراعات الفكرية والعرقية والدينية وبالتالي عزوف أفراد الجاليات عن العمل لصالح القضايا الوطنية التي تهم المجالات التنموية والتي تحتاجها البلاد حاضراً ومستقبلاً. – وهنا بإمكان الجاليات السودانية وبعيداً عن الاستقطاب السياسي أن تلعب دوراً مهماً في بناء الدولة والمتجمع من خلال إبداعاتها الفكرية والثقافية والعلمية والناتجة عن المزيج الثري المكتسب من خلال تفاعلهم مع حياتهم الجديدة في المجتمعات التي يتواجدون بها ويعيشون بينها، وقد أثبتت التجارب عن مدى الحاجة الملحة للجاليات في القيام بواجباتها في دعم بلادها على المستوى المؤسسات الرسمية والمجتمعية بمختلف الوسائل المتاحة ذا ت الطابع الترويجي مثل المهرجانات التراثية والفنية والتسويق السياحي والتي تشكل جميعها عنصر جذب للأفراد والشركات الأجنبية لزيارة السودان واكتشاف ما يزخر به من مواقع أثرية سياحية وما يتمتع به من موارد طبيعية ضخمة كافية لجذب المستثمرين. – وعليه فإن بإمكان الجاليات السودانية أن تكون اللبنة الأساسية في المساهمة في بناء الدولة والمجتمع بالاستناد إلى الخبرات والتجارب والعلوم التي اكتسبتها بالنظر الى خارطة انتشارها الموزعة في مختلف القارات أوربا وأمريكا وأسيا واستراليا وأفريقيا كما بدى واضحاً منذ اندلاع ثورة 18 ديسمبر المجيدة والتفاعل الايجابي لتلك الجاليات الذي عكس عمق شعورها الوطني، وبالتالي فإن ربط تلك الجاليات بما يمتلكه أفرادها من خبرات علمية ومعرفية بحسب مجالات تخصصاتهم حتماً ستشكل إضافة ايجابية في دعم الجهود التنموي فضلاً عن صياغة الاستراتيجيات التي تعني بمجالات التنمية المستدامة بدلاً من الانشغال بالتجاذبات السياسية والانتماءات الحزبية على أهميتها إلا أنها ليست من صميم مهام ونشاط الجاليات الانتماء للوطن وبنائه هو الأساس وهو الأهم والله المستعان.