قال الإمام القرافي: وأغراض الرياء الباعثة عليه منحصرة في ثلاثة: جلب الخيور، ودفع الشرور، والتعظيم. الذخيرة(1/48) قلت: ويندرج تحت قوله"والتعظيم" السعي في تحصيل العلوم قصد نيل لقب الدكتور، فهي من أفتك أدواء هذا العصر ممن ينبغي أن يدعى لطائفة من أصحابها بلا بأس طهور. وقد قلت في منشور سابق: الدال المهملة أعني دال الدكتور تصيب صاحبها بنوع من الإهمال والكسل بذريعة دال الإهمال..فالدال فاضحة نوايا أصحابها والموفق من جعلها وسيلة لتبليغ شرعه لا لتمييعه. استبدلوا لفظ الفقيهِ بغيره ** ومن العجيبِ محدِّثون دكاتره والله لو علم الجدودُ بفعلنا ** لتناقلوها في المجالسِ نادره. ولست في هذا السياق من الصادين عن نيلها والوصول لسقفها والتحليق في سمو الدرجات العلمية فهذا لا ينبغي أن يتصوره عاقل في زمن فتحت الأبواب بمصارعها أمام الحاج والداج ممن بيده شارة الدكتور..بل الحكمة تقتضي في زمننا مدافعتهم ومزاحمتهم فشتان بين من نالها وسعى إليها بحق وجعلها سبيلا من سبل التبليغ ومن نالها بباطل فركبها قصد التدليس والتضليل. وما أدق بصر العلامة ابن باديس رحمه الله حيث قال عند قوله تبارك وتعالى: قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) الآية: ( أنا) تأكيد للضمير المستتر في (أدعو) ونكتته الإعلان بنفسه في مقام الدعوة. الدرر الغالية ص17 وقال الإمام القرافي رحمه الله: واعلم أنه ليس من الرياء قصد اشتهار النفس لطلب الاقتداء، بل هو من أعظم القربات، فإنه سعي في تكثير الطاعات وتقليل المخالفات، وكذلك قال إبراهيم عليه السلام:( واجعل لي لسان صدق في الآخرين)..وقال العلماء بالله: ينبغي للعابد السعي في الخمول والعزلة؛ لأنهما أقرب إلى السلامة، وللعالم السعي في الشهرة والظهور تحصيلا للإفادة، ولكنه مقام كثير الخطر، فربما غلبت النفس وانتقل الإنسان من هذا المعنى إلى طلب الرئاسة وتحصيل أغراض الرياء والله المستعان وهو حسبنا في الأمر كله. الذخيرة(1/49-50).