الحمد لله ، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله ،وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: فهذه فوائد متعلقه بشعبان كتبتها بطريقة سؤال وجواب ليسهل استيعابها رغبة مني في تذكير الأحبة بما يشرع ويستحب في هذا الشهر وكذا التنبيه على بعض الأخطاء العلمية والبدع العملية التي يتلبس بها بعض الناس ، اعتقادا منهم أن هذا هو الصواب. س1.لماذا سمي شعبان بهذا الإسم ؟. ج :سمي بذلك لتشعبهم فيه أي تفرقهم في طلب المياه، وقيل في الغارات ، وقال ثعلب ، قال بعضهم:((إنما سمي شعبان شعبان لأنه شعب أي ظهر بين شهرين رمضان ورجب. س2. هل يستحب الصيام في هذا الشهر؟ وما الدليل على ذلك؟. ج:نعم ، يستحب الصيام في هذا الشهر ،ودل على ذلك مايلي : 1 عن عائشة – رضي الله عنها – قالت:{ كان رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يصوم حتى نقول لا يفطر ، ويفطر حتى نقول لا يصوم ،ما رأيت رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – إستكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان }.متفق عليه . 2 وعن أسامة بن زيد – رضي الله عنهما – قال:قلت يارسول الله لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان ؟، قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم –{ ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب وشعبان ،شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم } .رواه الإمام أحمد والنسائي ،وصححه الألباني ،أنظر الصحيحة رقم 1898. س 3 ،كيف الجمع بين حديث عائشة المتقدم {ما رأيت رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – إستكمل صيام شهر إلا رمضان}،وحديث أم سلمة {إنه لم يكن يصوم من السنة شهرا تامًا إلا شعبان يصله برمضان } .(صححه الألباني ؟. ج:نقل الترمذي عن ابن المبارك أنه قال :جائز في كلام إذا صام أكثر الشهر أن يقول :صام الشهر كله ،ويقال :قام ليلته أجمع ،ولعله تعشى واشتغل ببعض أمره . قال الترمذي :كان ابن المبارك جمع بين الحديثين بذلك ، وحاصله أن الروايتين الأولى مفسرة للثانية ومخصصة لها ،وأن المراد بالكل الأكثر ،وهو مجاز قليل الاستعمال .(عون العبود س4 ،ما الحكمة من تفضيل صوم شعبان عل غيره من الشهور ؟. الحكمة من ذلك – الله أعلم – مايلي: 1 أنه شهر وقع بين شهرين عظيمين فاشتغل الناس بهما وغفلوا عنه ،فأصبحت العبادة فيه عبادة في وقت الغفلة ،وهي أفضل من غيرها ،وأشار إلى هذا المعنى قوله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – {ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان}. 2 ترفع فيه الأعمال ،ويستحب أن يرفع عما العبد وهو على عبادة،كما قال رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم {وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين،وأحب أن يرفع عملي أنا صائم } 3 أن أفضل العبادات ما كانت قبل الفرئض أو بعدها ،وذلك لأن الرواتب أفضل من التنفل مطلقاً.قال ابن رجب – رحمه الله – :{فظهر بهذا أن أفضل التطوع ما كان قريباً من رمضان ،قبله وبعده، وذلك يلتحق بصيام رمضان لقربه منه ،وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها ،فيلتحق بالفرائض في الفضل ،وهي تكملة لنقص الفرائض ،وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده…} انظر اللطائف لابن رجب . س5 ،هل يشرع صيام النصف من شعبان؟. ج:نعم ،يشرع الاستمرار في الصيام إلى ما قبل رمضان بيوم أو يومين ،إلا إن وافق اليوم الأخير من شعبان صوماً معتاداً،كمن يصوم الإثنين والخميس مثلا ،فإنه يصوم اليوم الأخير ولا حرج ،ودليل هذه المسألة ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قال:{لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم}. س6 ،كيف الجمع بين هذا الحديث الذي ذكرته وحديث آخر بلفظ {إذا انتصف شعبان فلا تصوموا}؟. ج:اعلم أولا أن الجمع بين النصوص فرع التصحيح ،ومعنى هذا أنه لا تعارض بين صحيح وضعيف ،لأن الضعيف لا عمل عليه ، فيلغى من الاعتبار ،فينبغي العمل بالحديث الصحيح فقط ،وهذا الحديث الذي ذكرته مختلف في صحته ،والأكثرون على تضعيفه ،قال ابن رجب بعد ذكر من خرجه من الأئمة {واختلف العلماء في صحة هذا الحديث ،فأما تصحيحه فصححه غير واحد منهم:الترمذي وابن حبان والحاكم والطحاوي وابن عبد البر ،وتكلم فيه من هو أكبر من هو هِؤلاء وأعلم وقالوا:هو حديث منكر ،منهم عبد الرحمان بن مهدي والإمام أحمد أبو زرعة الرازي والأترم وقال الإمام أحمد :لم يرو العلاء حديثا أنكر منه ،ورده بحديث {لا تصوموا رمضان بيوم أويومين}. وخلاصة القول أن الحديث ضعيف آفته العلاء بن عبد الرحمان ،وقال الطحاوي :هو منسوخ وحكى الإجماع على ترك العمل به ،ومن أهل العلم من حكم عليه بالشذوذ ،فهذه ثلاث علل تقتضي عدم العمل بهذا الحديث ،ومن الأمانة العلمية أن أثبت هنا أن الشيخ الألباني – رحمه الله – صحح الحديث في صحيح الجامع رقم 397.