هوية بريس – سناء أزنود إن ما يحز في النفس ويدمي القلب أن نرى المرأة المسلمة تتجول في الشوارع والأسواق بثياب أحسبها ثياب غرف النوم، لينظر إليها كل من هب ودب، دون مبالاة منها لتعاليم الدين الإسلامي الذي يدعوها إلى الستر والعفة والحياء، ولا تقديرا منها لجناب رجولة محارمها إن كانوا رجالا طبعا، فهي تخرج متبرجة شبه عارية تقريبا أو بلباس ضيق يصف تفاصيل جسمها، متزينة ومتعطرة، كأنها عروس تريد أن تزف في ليلة عرسها، تسير متبخترة متمايلة معجبة بنفسها وسط الطريق بلا حياء ولا حشمة، والنظرات تلاحقها من أشباه الرجال الأجانب الذين يقفون الساعات الطوال لأجل أن يراقبوا هذا الصنف من النساء الذي يحرك في نفوسهم المريضة بالشهوة واللذة، فهم يتلذذون بما يعرض مجانا دون أن يكلفهم ذلك درهما ولا دينارا. والذي يدمي القلب أن تجد زوج هذه المرأة يمشي بجانبها بلا حياء من الله عز وجل ولا من الناس، فتجده يرافقها وهي شبه عارية لحفل زفاف مختلط، بل والأدهى والأمر تجده يرقص معها ويصفق لرقصها بلا خجل ولا غيرة ولا رجولة والله المستعان، أو يرافقها إلى البحر بملابسها الداخلية ليسبح معها أو ليسبح غيره معها، ولا يأبه لتعريها، بل تجده يشجعها على التعري وذلك من خلال شرائه لها الثياب التي تكشف أكثر مما تستر، وتشف وتصف مفاتن الجسد لتظهر في أبهى حلة وهو فرح مسرور باطلاع الناس على لحم زوجته كأنه يقول للناس: "انظروا لزوجتي انظروا لعرضي يا لجماله"، ثم هناك من يصور محارمه ويعرض صورهن على مواقع التواصل الاجتماعي وهن في تلك الحالة، ليجمع عددا لا بأس به من علامات الإعجاب دون غيرة منه ولا رجولة، فيا للعجب كيف يرضى هذا الرجل وتطوع له نفسه أن يترك زوجته أو أخته أو ابنته تخرج شبه عارية عارضة مفاتنها للأجانب تصطادهن نظراتهم وتلوكهن ألسنتهم؟! وكيف تنعدم الغيرة من هذا المسكين على محارمه؟! وكيف يرضى أن يرافقها ويسير معها في الطريق أو يعرض صورها وهي شبه عارية؟! فأي رجل أو أي ذكر أو أي نوع من المخلوقات هذا الذي يرى الغريب يتلذذ بالنظر إلى محارمه ولا يحرك ساكنا… إن كانت الحيوانات تغار فما بال هؤلاء الذكور لا يغارون، ألهذا الحد ماتت الغيرة في قلوب الرجال؟! ألهذا الحد مسخت الفطرة عند هؤلاء؟! حقا لتبك الأمة الإسلامية على هؤلاء الذين يطلق عليهم اسم رجال. وأنت أختي كيف ترضين أن تكوني بلباسك السافر الشفاف شبه العاري عبارة فقط عن قطعة لحم تنهشها عيون الذئاب ويتجمع حولها الذباب؟! وكيف تفرحين بمعاكسة الآخرين لك؟! أما تستحين؟! بالله عليك أين ذهب حياؤك؟! أين هي عفتكِ وطهارتك؟! عندما نرى حجم التهتك والعري الذي أصبحت عليه المرأة المسلمة اليوم، نعلم يقينا أنه يستحيل أن تكون هذه المرأة تشعر ولو بقليل من رجولة وغيرة ومروءة زوجها أو أبيها أو أخيها… فهي تخرج بتلك الحالة غير مبالية برد فعلهم لأنها على يقين تام أنهم لن يعترضوا، فلو أحست فقط بقليل من غيرتهم ورجولتهم لما خرجت بتلك الصورة المقززة، ولكانت رمزا في الطهر والعفاف، التزاما بشرع الله وتقديرا لجناب رجولة ذاك الزوج أو الأب أو الأخ.. لكننا للأسف الشديد أصبحنا في عصر ما عاد فيه سوى أشباه الرجال إلا من رحم ربي، عصر كثرة الذكور وقلة الرجال والله المستعان .. وصدق الشاعر حينما قال: ما كانت العذراء تبدي سترها…لو كان في هذه الجموع رجال فالناظر إلى واقع الأمة اليوم يجد أن الغيرة قد ماتت عند كثير من الرجال، وذلك لضعف الإيمان في قلوبهم، وتركهم تعاليم الدين الإسلامي وتشبههم بالغرب، وغيرها من الأسباب، فأدى ذلك إلى ظهور كثير من الفساد… إن موت الغيرة عند الرجل هي السبب الرئيسي في هذه المصيبة التي عمت البلاد الإسلامية، لما له من قوامة على المرأة شرعا، فهو الذي لا يحرك ساكنا اتجاه ما يراه من تعري، وهو الذي فرط في الأمانة التي أسندت له وهي الحفاظ على عرضه وحمايته من نهش الذئاب له، فهو المسؤول يوم القيامة عن من تحت رعايته من بنت وأخت وزوجة..، فهم أمانة في عنقه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته" فيدخل في هذه الرعاية بجانب الإنفاق عليهن والكسوة والمسكن، الحفاظ عليهن وحمايتهن من أذى أراذل الرجال، والغيرة عليهن وإلزامهن بحقوق الله تعالى التي منها المحافظة على الحجاب الشرعي، والتستر والحشمة، وكثير من الرجال للأسف الشديد يظن أن الرعاية هي توفير المال والكسوة والطعام فقط، ولا يهتم بجانب التربية وجانب الأخلاق، فيشتغل بالمهم عن الأهم، فهو في غفلة عن أهله الذين سيسأل عنهم يوم القيامة والله المستعان… إن الغيرة خلق محمود، وهي صفة من صفات الله عز وجل وهي كذلك صفة من صفات المؤمنين الصادقين، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه"، وهي تعتبر من مظاهر الرجولة الحقيقية، وضعفها علامة على سقوط الرجولة بل على ذهاب الديانة، ففيها صيانة الأعراض، وحفظ الحرمات، وفيها تكريم للمرأة، وحفظ لها من العابثين المفسدين، فالأعراض غالية ثمينة عند أهل الغيرة والعفة، فهم يبذلون الغالي والنفيس في سبيل الحفاظ على أعراضهم، بل قد يبذلون أرواحهم أيضا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من قتل دون أهله فهو شهيد". ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم من أشد الناس غيرة على أعراضهم، فهذا سيدنا سعد بن عبادة -رضي الله عنه- يقول: "لو رأيتُ رجلاً مع امرأتي لضربتُه بالسيف غيرَ مصفحٍ عنه" (غير مصفح: أن يضربه بحد السيف لا بعرضه، فالذي يضرب بالحد لا يقصد إلا القتل بخلاف الذي يضرب بعرض السيف فإنه يقصد التأديب)، فبلغ ذلك رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فقال: "أتعجبون مِن غَيْرة سعْد فو الله، لأنَا أغيرُ منه، والله أغيرُ منِّي، مِن أجل غيْرة الله حرَّم الفواحش ما ظهَر منها وما بطَن، ولا شخص أغير مِن الله..". فكانوا رضي الله عنهم يغارون بشدة على نسائهم، يخافون عليهن من أراذل الرجال، أما الآن فحدث ولا حرج… فانعدام رجولة وغيرة الرجل هو السبب الرئيسي لانعدام حياء المرأة اليوم، لكن هذا لا يخول للمسلمة أن تخرج بذاك اللباس المخزي الفاضح، لذلك يجب على المرأة المسلمة أن تتقي الله عز وجل وأن تلبس الحجاب الشرعي الذي يستوفي جميع الشروط، وأن تتخلق بخلق الحياء والحشمة، فالحياء زينة يجب أن تتزين به المرأة المسلمة، فمن فقدت حياءها فقد فقدت كل شيء وأصبحت فريسة لمرضى النفوس من أشباه الرجال… إن الحياء يا أختاه هو تاج فوق رأسك يجب ألا تتخلي عنه مهما حصل، ولا تقبلي أن تخلعيه مهما كانت الإغراءات ومهما كانت الظروف، فإن المسلمة الحرة تعيش بالحياء وتحافظ عليه وتكون قدوة حسنة في ذلك، واعلمي أختي أنه ليس هناك طريق لهدم الإسلام أقصر مسافة من خروجك متبرجة شبه عارية، لذلك فإن أعداء الإسلام فهموا ذلك جيدا، فخططوا ولا يزالون يخططون لهدم الدين من خلالك، فلا تكوني لقمة سهلة لمخططاتهم، وكوني بحيائك لبنة بناء للأمة الإسلامية لا معول هدم… وختاما أقول لك أيها الرجل اتق الله في نفسك وفي أهلك، وكن غيورا على محارمك، وأمرهم بالستر والاحتشام، واعلم أن الذي لا يغار لا خير فيه، واعلم أن المرأة كيفما كانت فهي تحب أن يغار عليها من ولاه الله القوامة عليها، وأن يشعرها بأنها جوهرة ثمينة يذود عنها بما يملك من قوة ليحافظ عليها، فقم بواجبك نحوها ولا تدعها تظل الطريق…