– هوية بريس خلّف الحكم القضائي بسحب الكتاب المثير للجدل "البخاري نهاية أسطورة"، لتضمن صفحاته مسا بالأمن الروحي للمواطنين والمخالفة للثوابت الدينية المتفق عليها، حنقا شديدا لدى التيار العلماني الذي اعتبر حكم القضاء جائرا ومصادرا للحريات. فأصدرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع المنارة مراكش، في 12 مارس 2018 بلاغا، نددت من خلاله ب"قرار القاضي وحجز نسخ الكتاب من مكتبة الآفاق الكائنة بالحي المحمدي بمراكش". واعتبرت الجمعية أن "مضامين الكتاب تعبر عن رأي لم يحرض على العنف، ولم يدعو للكراهية" وأن قرار القاضي "يندرج في خانة محاكم التفتيش والتضييق على حرية الرأي والتعبير، ومنع تعدد القراءات والتأويلات للنصوص بشكل عام"، وأنه "مشوب بالانحياز للسلطة الإدارية، وتضخيم غير مبرر لما يسمى الأمن الروحي للمواطنين". يومية "آخر ساعة" حاولت الرفع من مؤلف كتاب نهاية الأسطورة، والذي لم يحصل على شهادة الابتدائي، فجعلت منه كاتبا وباحثا سوسيولوجيا -هكذا- تعرض للاضطهاد، وكتبت "فوجئ الكاتب والباحث السوسيولوجي رشيد أيلال.. بمنع ندوة كان من المزمع تنظيمها.. بمدينة مراكش في ظروف غامضة"، وأضافت بأن "كتابه منذ صدوره يتعرض لحملة شرسة ومصادرة أي نشاط فكري حوله". بدوره اعتبر الناشط العلماني، أحمد عصيد، مصادرة كتاب (نهاية الأسطورة) "يعكس غياب الدولة وحضور اللوبيات الإيديولوجية التي تهيمن هنا أو هناك لتتخذ إجراءات تتعارض مع التزامات الدولة ومع الدستور، ومع المكتسبات التي حققها المغرب بعد عقود من النضال". المتطرف عصيد، الذي سبق وهاجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصالة، ووصف رسائله بالإرهابية، قال في تصريح إعلامي "مراكش ليست إمارة داعشية خارج الدولة بل هي عاصمة السياحة والانفتاح بالمغرب، ومن الضروري محاسبة من تسول له نفسه اتخاذ إجراءات من هذا النوع تسيء للمغرب ولسمعتنا جميعا"، حسب تعبيره. القاضي المعزول محمد الهيني دافع عن "نهاية أسطورة" وعلى الطرف الآخر هاجم البخاري، وحكم عليه بهواه، ودون أي اعتبار للتخصص الشرعي الحديثي أنه "مرجع للحديث جمع الصحيح فيه والفاسد فسادا مطلقا، لأن بعض الأحاديث الواردة فيه من العار نسبتها إلى الدين الإسلامي أو إلى رسول الله ومن مضحكات الزمن والعصر التي لا يمكن أن نحكيها حتى للأطفال". لطالما تبجح من يدافعون عن "كتاب" مسروق من مواقع الإنترنت باحترام التخصصات والقانون، وضرورة الحفاظ على الوحدة الدينية والأمن الروحي للمغاربة، لكن شعاراتهم الجوفاء هذه كانت صالحة حينما كانت ترفع في وجه الخصوم الأيديولوجيين، من الإسلاميين.. والمجالس العلمية.. والمجلس العلمي الأعلى.. أما اليوم فقد باتت تلك الشعارات منتهية الصلاحية، لأن الأمر -وبكل اختصار- يتعلق بمرجع يجب تجاوزه وإسقاط هيبته وإقصائه من حياة المسلمين. والغريب في هذا النقاش هو عدوان التيار العلماني على معتقدات الناس ورموزهم وعلمائهم، ثم الادعاء بأن كل هذا لا يحرض على العنف ولا يدعو للكراهية!! يبدو أننا في حاجة ماسة لإعادة تعريف التطرف والعنف.. والكراهية والإقصاء..