هوية بريس – وكالات في المغرب، تطول البطالة أكثر من 4 شباب من أصل 10 من سكان المدن، وتعَدُّ إشكالية بقلب المشاغل الاجتماعية التي تغذي حالة الإحباط والسخط الشعبي. كما تعتبر البطالة بمثابة "قنبلة موقوتة" وقضية تستدعي "أخذها على محمل الجد" حسب مجلة مجلة Slate Afrique الأميركية. مرت 7 سنوات على حراك 20 فبراير 2011، الذي يعتبر النسخة المغربية من الربيع العربي. وقد اكتسى مستقبل الشباب أهمية أكثر من أي وقت مضى في المملكة، التي اهتزت خلال الأشهر الأخيرة على وقع تحركات واحتجاجات، قادها غالباً شباب عاطل عن العمل. حسب معطيات منبثقة عن المندوبية السامية للتخطيط، نُشرت خلال الأسبوع الماضي، سجَّل المغرب نهاية سنة 2017، معدل بطالة بلغ 10.2% مقابل 9.9% السنة الماضية. وتشمل هذه الأرقام أساساً، الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة (26.5%) مع معدل بلغ 42.8% من الوسط الحضري. من جهته، ذكر المندوب السامي للتخطيط، أحمد لحليمي، أن "بطالة الشباب ليست مجرد ظاهرة جديدة، فهي تكاد تصبح هيكلية مع الانقطاع المبكر عن الدراسة وضعف تنويع النسيج الإنتاجي الوطني". كما أن "تراجع عروض الشغل لا يشجع الأسر على الاستثمار في تعليم أبنائها، وهذا هو السبب الرئيسي وراء الانقطاع عن الدراسة". "إلى الشارع" إن هذه الآفة الاجتماعية وفق Slate Afrique مرتبطة أيضاً ب"التحول الديمغرافي" لهذه الدولة، التي وصل عدد سكانها إلى قرابة 35 مليون نسمة. فحسب الخبير الاقتصادي، العربي الجعيدي، يتقدم المغرب نحو "إعادة ترتيب الهرم السكاني العمري مع اقتحام المزيد من الشباب سوق الشغل". واصل العربي الجعيدي تعليقه، مؤكداً أنه "رغم النمو الذي حققه الاقتصاد المغربي سنة 2017 بنسبة 4% مقابل 1.2% السنة الماضية، فإن ذلك لم يوفر مَواطن شغل كافية، مقارنة بعدد الشباب الذين اقتحموا سوق الشغل". وحسب المعطيات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، فإن حاملي الشهائد يمثلون أكبر نسبة من الشباب الذين لم يتلقوا أي تكوين. في مطلع العقد الحالي، حاولت الحكومات تهدئة التوتر الاجتماعي مع تقديم وعود شغل في الوظيفة العمومية. وبعد مضي سنوات، بشوارع العاصمة الرباط، وتحديداً بين المباني الإدارية ومباني "آرت ديكو" (التي بنيت بعهد الاستعمار الفرنسي) يواصل "حاملو الشهادات المعطَّلون" المطالبة "بالحق" في الاندماج ضمن هذه الوظيفة العمومية وضمان الأمن الوظيفي. وبالفعل، إن الشهادات العليا التي يحملها هؤلاء ضعيفة التأهيل، حيث يعاني الخريجون فشل نظام التعليم وعدم تطابقه مع متطلبات سوق الشغل. في هذا الإطار، تحدث "أشرف"، البالغ من العمر 25 سنة، وصاحب إجازة في التصرف، قائلاً: "بعد أن تُنهي دراستك، تجد نفسك في الشارع". وواصل حديثه: "إنه خطأ الحكومة"، ويتهم هذا الشاب العاطل عن العمل الحكومة، حيث ذكر أيضاً أنه تظاهر منذ سنتين "دون جدوى". في الواقع، تعصف البطالة أيضاً بالنساء بنسبة بلغت 14.7% مقابل 8.8% مقارنة بالرجال. وفي هذا السياق، يفسر أحمد لحليمي جزءاً من هذه الفجوة بين الجنسين، حيث اعتبر أن ذلك يعود إلى التوجه الذي يتبعه الآباء في "تفضيل البنين على حساب البنات، فضلاً عن التمييز في الأجور". نظام التعويل على الذات تطلق الصحافة المحلية بانتظام، صافرة الإنذار للتحذير من البطالة في صفوف الشباب، والتي تعتبرها بمثابة "قنبلة موقوتة" تغذي "السخط الشعبي". وقد اعترف العاهل المغربي، الملك محمد السادس، في خطاب له، خلال شهر أكتوبر 2017، بأن التقدم المسجل لا ينتفع به "الشباب الذين يمثلون أكثر من ثلث الشعب. وبينهم العديد من الذين يعانون الإقصاء والبطالة". خلال الشهر الماضي (يناير 2018)، دعا صندوق النقد الدولي السلطات المغربية إلى "الحد من مستويات البطالة التي ترتفع باستمرار، ولا سيما بين صفوف الشباب". وقد أكد البنك الدولي أن "هذه القضية يجب أن تُؤخذ على محمل الجد". في ظل هذا الوضع، ينتاب طلبة الشغل، من حاملي الشهادات أو غيرهم، إحباطٌ من عمليات البحث غير الناجحة التي لا نهاية لها، وغالباً ما يختار أغلبهم التعويل على الذات. وحيال هذا الشأن، ذكر العربي الجعيدي أن "الإمكانية الوحيدة لإدماج الشباب، تتلخص في قدرتهم على الاندماج في حد ذاته، ضمن سوق شغل غير رسمي، مع ضعف مَواطن الشغل والدخل، فضلاً عن الافتقار إلى الحماية الاجتماعية". ومن بين الحالات التي تعكس ذلك، وضعية "مهدي"، شاب يبلغ من العمر 28 سنة، الذي يوزع منشورات إعلانية في المدينة العتيقة بالرباط كل نصفي يوم في الأسبوع؛ من أجل الحصول على قرابة 50 يورو شهرياً، مع مواصلته إرسال سيرته الذاتية هنا وهناك. وقد نوَّه هذا الشاب المغربي بقوله: "لا أملك عقد عمل، ولا تغطية صحية"، مع العلم أن مهدي يواصل تكوينه في فن الطبخ منذ بضع سنوات، ولكنه لم يجد بعدُ عملاً "في اختصاصه". المصدر: هاف بوست عربي.