هوية بريس – إبراهيم بيدون يجتهد العلمانيون العرب والمرتزقة والمتطفلون على التراث الإسلامي، في السنوات الأخيرة، في مهاجمة أمير المؤمنين في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، صاحب أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى -لأنه جمع وحي النبوة-، "صحيح البخاري". وليس ببعيد عنا في الأشهر الأخيرة ضجة الكتاب المسروق في أغلبه "صحيح البخاري نهاية أسطورة"، لمنتحله رشيد آيلال، والذي أراد أن ينهي ما اعتبره أسطورة البخاري، فما كان جزاؤه إلا أن خبت عاصفته وكان رجع صداها قاسيا عليه، لتغير المواقع اللاهثة وراء الرفع من نسب المتابعة و"البوز" وجهتها صوب كل ما يمكن أن يلهي المغاربة ويثيرهم. والغريب في هذا الأسبوع أن يخرج علينا موقع مهتم بالشأن المغاربي بمقطع فيديو تحت عنوان (ظن واضعوه أنهم كسبوا معركة النيل من الإمام البخاري): "حقائق صادمة عن البخاري"، والموقع اسمه "أصوات مغاربية Maghreb voices"، وهو بالمناسبة موقع يشرف عليه (مجلس أمناء البث الإذاعي والتلفزيوني BBG وهو وكالة فيدرالية أمريكية مستقلة)، ويموله "الكونغرس الأمريكي"1، كما أنه تابع (لشبكة الشرق الأوسط للإرسال MBN، التي تدير أيضا قناة "الحرة" و"راديو سوا"، الأمريكيين)2. المقطع نشره الموقع في جميع منصاته الافتراضية، كما نشرته صفحة "قناة الحرة" على الفيسبوك، وقد تجاوز فيها المليون مشاهدة، بعد دعم انتشاره عن طريق تمويل المارد الأزرق "الفيسبوك"، وقد ذيل رابط نشره بعدد كبير من التعليقات أغلبها ترد على مضمون ما ورد فيه مما وصف ب"الحقائق الصادمة" عن الإمام البخاري، وهي أمور تدور بين: 1- المعلوم أصالة عند أصغر طلبة العلم؛ مثل دراسة الإمام البخاري ل600 ألف حديث والتي أغلبها روايات وطرق لنفس الحديث، واستخراج وتنقيح أحاديث صحيحه من كل هذا الكم الهائل، بالإضافة إلى شرطه المتشدد (اللقيا والمعاصرة) في كتابة جامعه، وهو الشرط الذي لم يُعمله في كتب أخرى مثل "الأدب المفرد". 2- ما هو مفخرة وصفة مدح؛ وأصحاب المقطع جعلوها حقيقة صادمة، من قبيل أن الإمام البخاري ليس عربيا، وهذا أمر محمود ودليل واضح على أن الإسلام دين العربية لا دين العرب، وأن علماء مسلمين كثر برزوا في علوم الشرع وعلوم الآلة، وليسوا عربا، بل حتى في علوم العربية ذاتها، مثل إمام النحويين سيبويه. 3- أو أغاليط وتدليسات؛ من قبيل أن كتبا كثيرة شككت في صحيح البخاري وأنه عرف نقدا شديدا من طرف العلماء.. والأمر أن انتقاد البخاري من بعض العلماء لبعض أحاديثه في الجامع الصحيح، علامة على قوة الكتاب لا ضعفه، كما أن جمع الكتاب جهد بشري، وعاد جدا أن يكون فيه بعض الخلل (هذا إن سلمنا جدلا للحمولة التي قد تفهم من هذه الكلمات)؛ ومع ذلك فإن صحيح الجامع تلقته الأمة بالقبول وهو أصح كتاب جمع وحي النبوة (أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم)، وأغلب علماء الأمة على أن كل ما فيه صحيح. صراحة لست في معرض انتقاد مضمون المقطع لأن ذلك موجود ومتوافر وقد قرأه المغاربة في عدد من المقالات والكتب، زيادة على أن مطاعن أعداء البخاري ومرتزقة التراث الإسلامي سبقت من يظهرون لنا هذه الأيام في المقاطع المصورة أو المقالات المبعثرة أو الكتب "المُشْفرَة" (المسروقة)، وسبق أيضا علماء الأمة للتصدي لتلك المطاعن التي لا تعدوا شبهات يمكن التأثير بها على ضعاف العلم والتدين وممن لا صلة لهم بمعرفة مقومات دينهم وأبجديات معارفهم وعلومهم.. ولذلك اختار صحفيو "الكونغرس الأمريكي" من بني جلدتنا وأصحاب لساننا، هذا العنوان الغبي "حقائق صادمة"! قلت لا يهمني الرد على المضمون بقدر ما تستوقفني الجهة المشرفة والممولة لهذا الموقع الذي أعد هذا المقطع، ف"الكونغرس الأمريكي" يشارك أيضا في الهجمة الشرسة على أئمة وعلماء الإسلام، وعلى كتب السنة النبوية المطهرة!! وذلك عن طريق تمويل منصات إعلامية تظهر أنها مغاربية وفي الحقيقة هي وجه متخفي لنشر قيم وأفكار الغرب الذي يعادي قيمنا وأصالتنا المتمسكة بالكتاب والسنة. ولا أنسى في هذا الصدد أن أذكر بمقال سبق وكتبته تحت عنوان: "التقارير المكذوبة لمراسلي البنتاغون في المغرب"3، تناولت فيه نموذجا من نماذج الأخبار (الخبر والتهمة المكذوبة "سلفيون يعتدون على فتاة بسويقة الرباط ويجردونها من ملابسها)4 التي يحررها صحفيون ومراسلون مغاربة لصالح موقع كان اسمه "مغاربية" (توقف عن العمل منذ مدة)، وهو موقع كانت تشرف عليه "قوات أفريكوم" التابعة للبنتاغون، وكيف أن مثل هذه الأخبار الملفقة تعتمدها وزارة الخارجية الأمريكية ومراكز دراسات الغرب، لإعداد التقارير والمذكرات والخلاصات حول البلدان وبالخصوص الحركات الإسلامية!! وختاما لنا أن نتساءل، هل المفترض في هيئة مثل "الكونغرس الأمريكي" التي تسوق لنفسها صورة المنافح عن القيم والمدافع عن الحقوق والمحترم للخصوصيات، أن تتحول إلى خصم يهاجم مقومات وثوابت ومقدسات الآخرين؟ وهل ممكن أن نرى "الكونغرس الأمريكي يهاجم كتاب أمة أخرى، أو مقدسات ديانة أخرى؟! ومتى يعي الغرب وأذنابه من المشككين أن صحيح البخاري باق إلى أن يأذن الله تعالى؟! 1-2- جاء في خانة "من نحن" بالموقع هذا التعريف "منصة رقمية غير تجارية تجدّد على مدار الساعة وتهتم بتغطية القصص الإنسانية في البلدان المغاربية". أصوات مغاربية" تابعة لشبكة الشرق الأوسط للإرسال MBN، التي تدير أيضا قناة "الحرة" و"راديو سوا"، وهي مؤسسة لا تبغي الربح، يمولها الكونغرس الأميركي من خلال هبة مقدمة من مجلس أمناء البث الإذاعي والتلفزيوني BBG وهو وكالة فيدرالية مستقلة. يشرف هذا المجلس على "أصوات مغاربية" ويحافظ على استقلالية عملها الإعلامي". 3- المقال سبق ونشرته جريدة السبيل، بالإضافة إلى عدة مواقع من بينها موقع "مجلة البيان". 4- هذه الحادثة أعد حولها الصحافي (مصطفى الحسناوي) روبورتاجا مصورا أثبت فيه تهمة التلفيق.