مناورات "شرقي 2025" بالمغرب تشعل فتيل أزمة جديدة بين الجزائر وفرنسا    الحزب الاشتراكي الموحد فرع تمارة يحيي اليوم الأممي للمرأة 8 مارس    تعيينات حكومية جديدة.. محمد خلفاوي كاتبا عاما لوزارة التعليم العالي    استدعاء السفير الفرنسي في الجزائر.. حالة من الهوس المرضي الذي يعاني منه النظام الجزائري تجاه المغرب    مأساة الطفلة ملاك.. بالوعة قاتلة تُعيد فتح ملف الإهمال بالمغرب    بعد محاولات إنقاذ صعبة لساعات... السلطات تعثر على طفلة ابتلعتها قناة للصرف الصحي ببركان    حزم أمني ضد مروجي المفرقعات بطنجة.. مداهمات وتوقيفات في الأفق    أخنوش :انتقاء مستثمري الهيدروجين الأخضر يبشر بدينامية "واعدة" تنسجم مع رؤية جلالة الملك    رسميًا.. إعلان موعد إقامة بطولة كأس العرب 2025    بوريطة يؤكد أهمية تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين المغرب ودول مجلس التعاون في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية    أمن طنجة يحبط محاولة تهريب أزيد من خمسة أطنان من المخدرات بضواحي مولاي بوسلهام    مقاييس التساقطات المطرية المسجلة خلال يوم واحد.. وهذه توقعات الخميس    "القسام" تلتزم باتفاق وقف الحرب    وكالة بيت مال القدس تواصل توزيع حصص الدعم الغذائي على أهالي القدس بمناسبة شهر رمضان    أسعار الخضر تواصل الارتفاع في شهر رمضان.. الفلفل يتجاوز 16 درهما والطماطم تستقر في 10 دراهم    المغرب يستضيف دوري دولي في "الفوتسال" بمشاركة أربع منتخبات    حملة مراقبة تغلق محلَّات تجارية في شفشاون وتحجز حجز مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك    المغرب يشهد تساقطات مطرية مهمة في بعض مناطقه    سلسلة 'صلاح وفاتي' تتصدر المشهد على القناة الأولى وتحقق رقما قياسيا في نسبة المشاهدة    ممثل البنك الأوروبي للاستثمار يشيد بالتقدم الملحوظ للمغرب تحت قيادة جلالة الملك    بايتاس: 12 ألف منصب شغل مرتقب في منطقة التسريع الصناعي ببن جرير    مجلس الحكومة يصادق على مقترحات تعيين في مناصب عليا    الفنان ابراهيم الأبيض يطل علينا باغنية "أسعد الأيام" في رمضان    مرصد: مؤسسات الإيواء السياحي المصنفة بالمملكة تسجل 2,04 مليون ليلة مبيت    بايتاس يطمئن المغاربة بشأن مراقبة المواد الأساسية ويؤكد على الوفرة في المنتجات    على عتبة التسعين.. رحلة مع الشيخ عبد الرحمن الملحوني في دروب الحياة والثقافة والفن -06-    مانشستر يونايتد يدخل التنافس على خدمات نايف أكرد    "الفيفا" يدرس توسيع كأس العالم لكرة القدم لتضم 64 منتخبا    قمة الدول العربية الطارئة: ريادة مغربية واندحار جزائري    السلطات تمنع تنقل جماهير اتحاد طنجة نحو فاس لمؤازرة فريقها أمام "الماص"    جون ماري لوكليزيو.. في دواعي اللقاء المفترض بين الأدب والأنثربولوجيا    فصل تلاوة القرآن الكريم في شهر رمضان    تساقطات ثلجية وزخات مطرية قوية مرتقبة اليوم الخميس بعدد من مناطق المملكة    شركة لإيلون ماسك تفاوض المغرب لتوفير الإنترنت عبر الأقمار الصناعية في الصحراء المغربية    الملك يهنئ رئيس غانا بالعيد الوطني    الكاف: إبراهيم دياز السلاح الفتاك لأسود الأطلس وريال مدريد!    الأداء السلبي ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    قصص رمضانية...قصة الصبر على البلاء (فيديو)    سكينة درابيل: يجذبني عشق المسرح    توقعات نشاط قطاع البناء بالمغرب    السمنة تهدد صحة المغاربة .. أرقام مقلقة ودعوات إلى إجراءات عاجلة    "مرجع ثقافي يصعب تعويضه".. وفاة ابن تطوان الأستاذ مالك بنونة    الفاتنة شريفة وابن السرّاج    السعودية تدعم مغربية الصحراء وتعتبر مبادرة الحكم الذاتي حلا وحيدا لهذا النزاع الإقليمي    كأس العرب قطر 2025 في فاتح ديسمبر    خبير يدعو إلى ضرورة أخذ الفئات المستهدفة للتلقيح تجنبا لعودة "بوحمرون"    تقارير تنفي اعتزال اللاعب المغربي زياش دوليا    بريظ: تسليم مروحيات أباتشي يشكل نقلة نوعية في مسار تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة    اليابان.. قتيل وجريحان في انفجار بمصنع لقطع غيار السيارات    قمة أوروبية طارئة بمشاركة زيلينسكي على ضوء تغير الموقف الأمريكي بشأن أوكرانيا    الأمم المتحدة تحذر من قمع منهجي لنشطاء حقوق الإنسان في الجزائر    وزارة الصحة : تسجيل انخفاض متواصل في حالات الإصابة ببوحمرون    عمرو خالد: 3 أمراض قلبية تمنع الهداية.. و3 صفات لرفقة النبي بالجنة    مسؤول يفسر أسباب انخفاض حالات الإصابة بفيروس الحصبة    مكملات غذائية تسبب أضرارًا صحية خطيرة: تحذير من الغرسنية الصمغية    عمرو خالد يكشف "ثلاثية الحماية" من خداع النفس لبلوغ الطمأنينة الروحية    في حضرة سيدنا رمضان.. هل يجوز صيام المسلم بنية التوبة عن ذنب اقترفه؟ (فيديو)    عمرو خالد: هذه أضلاع "المثلث الذهبي" لسعة الأرزاق ورحابة الآفاق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب واشنطن على تنظيم «داعش».. وإذا قالت واشنطن فلا تصدقوها
نشر في هوية بريس يوم 04 - 09 - 2014


برهان إبراهيم كريم (عميد متقاعد)
هوية بريس – الخميس 04 شتنبر 2014
وبعد مرور أربعة أعوام حددت واشنطن موقفها من الأزمة السورية، والذي يتلخص بما يلي: واشنطن ضد الرئيس بشار الأسد، وضد فصائل المعارضة جميعها، باستثناء المعارضة المعتدلة. أما من هي المعارضة المعتدلة بنظر واشنطن فهو ما سيبقى المبهم والمجهول ربما لعدة أعوام.
كلنا يذكر كيف اتهمت واشنطن تنظيم القاعدة بأحداث 11 أيلول عام 2001م. وأعلنت الحرب على أفغانستان بذريعة أن حركة طالبان تؤوي تنظيم القاعدة. وحالياً أعلنت الحرب على تنظيم الدولة الاسلامية ( داعش)، بعد أن سيطر التنظيم على بعض المحافظات، واتهمته بذبح الصحفي الأميركي جيمس فولي. ولكنها على ما يبدوا أنها في ورطة كبيرة. وهذا ما تدل عليه بعض تصريحات الرئيس أوباما وبعض رموز إدارته، ومن هذه التصريحات:
تصريح الناطق بلسان رئيس الاركان المشتركة الاميركية الجنرال مارتين دامبسي والذي جاء فيه: القيادة الاميركية تدرس حالياً جميع الخيارات للتعامل مع تنظيم داعش في سوريا والعراق بما في ذلك القصف الجوي. ونمتلك بعض المعلومات عن أنشطة داعش داخل سوريا، لكننا نرغب في مزيد من الإيضاحات بشأن التنظيم في سوريا، ونحن نشق طريقنا قدماً. غير أن هذه الخطة لم تصبح حتى الآن في حكم المؤكد. والسؤال: هل إعلان واشنطن الحرب على التنظيم هدفه امتصاص غضب الأميركيين على ذبح فولي، لأنه اعتداء على بلادهم وأمنها القومي بنظرهم ونظر إدارتهم؟
تصريح ماري هارف الناطقة بلسان وزارة الخارجية الأميركية، والذي جاء فيه: أن هناك حوالي 12 الف مقاتل اجنبي من خمسون بلداً على الاقل، منهم أكثر من 3000أوربي وبينهم عدد صغير من الامريكيين، توجهوا إلى سوريا منذ بدء النزاع. وكأنها تريد تأهيل الشارع الأميركي مسبقاً على أن موت أميركيين وجنسيات أخرى وأوربيين وغيرهم أمر لابد منه في الحرب التي ستخوضها واشنطن ضد هذا التنظيم.
تصريح وزير الخارجية الأميركي جون كيري في سيدني، والذي قال فيه: واشنطن واستراليا اتفقتا على إحالة قضية الجهاديين الأجانب الذين يقاتلون في سوريا والعراق واماكن أخرى إلى هيئة الأمم المتحدة. وهذا مؤشر على أن واشنطن تتبع أسلوب إقناع حلفائها بالمشاركة في الحرب التي أعلنت عنها، وهو أمر لم تتبعه من قبل.
تصريح الناطق الرسمي عن البيت الأبيض، والذي جاء فيه: سيستضيف الرئيس الامريكي أوباما في نهاية شهر أيلول قمة امنية مع رؤساء دول وحكومات تركز على مخاطر المقاتلين الاجانب في سوريا والعراق. وهذا يؤشر على أن واشنطن تريد من حلفائها وأصدقائها والمنظمة الدولية المشاركة في حرب أعلنتها على هذا التنظيم.
مقال جو بايدن نائب الرئيس في الواشنطن بوست، والذي أقترح فيه: تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق تتمتع بحكم ذاتي للشيعة والسنة والاكراد، وإقامة نظاماً فدرالياً فعالا كوسيلة لتجاوز الانقسامات في العراق. وربما هدف بايدن هو حصر وجود تنظيم الدولة الاسلامية في منطقة حكم السنة، بحيث يسهل على واشنطن حصره في منطقة محددة، كي يكون في مرمى نيرانها ونيران معارضيه، فيضمن بذلك انتصار بلاده في حربها على هذا التنظيم وباقي فصائل المعارضة التي لا تحبذها بلاده.
تصريح الجنرال السابق جون ألن الذي قاد القوات الامريكية في العراق وقوات الحلف لمجلة ديفنس الالكترونية، والذي جاء فيه: الدولة الإسلامية هي كيان مرفوض وينبغي القضاء عليه. اذا ارجأنا تحركنا فسندفع الثمن باهظاً. وربما أراد ا الجنرال بتصريحه لجم كل معارضة للحرب التي أعلنها الرئيس أوباما على هذا التنظيم وأمثاله.
والرئيس الأمريكي باراك اوباما، قال: الانتصار على تنظيم داعش في سورية يحتاج إلى بناء تحالف في المنطقة. و سنحاول بناء هذا التحالف للتعامل مع داعش على المدى البعيد. وأن النظام السوري، لا يملك القدرة على الدخول لمناطق يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية، وأنه ليس على واشنطن أن تختار بين النظام وداعش. وهو من قال سابقاً: لن نسمح لتنظيم داعش بإقامة دولته. وهذا معناه أن واشنطن تحتاج لتحقيق أهدافها ومراميها إلى تحالف دولي كبير يشاركها هذه الحرب ويتحمل معها التكاليف.
حرب واشنطن على تنظيم داعش تجابهها الكثير من المشاكل والعقبات، وأهم هذه العقبات:
توجس الشعب الأميركي من أن تكون هذه الحرب بداية تورط أشد مرارة من قبل. وخاصة أن التورط الأميركي في العراق لم تبرأ جراحه، والانسحاب من أفغانستان المقرر نهاية هذا العام مرتبط نجاح المفاوضات بين حركة طالبان وواشنطن في الدوحة.
وهناك أيضاً مشكلة أن النظامين في سوريا والعراقي يحاربان تنظيم الدولة الاسلامية. وإعلانها الحرب على التنظيم يجعلها في صف واحد مع النظامين السوري والعراقي المتهمين من قبلها على أنهما حليفي إيران. وإذا كان هذا الاشكال حل في العراق باستقالة حكومة نوري المالكي وتكليف آخر بتشكيل الحكومة الجديدة. إلا أن حل هذا الإشكال في سوريا يبدوا صعباً، إلا إذا تم إيجاد توافق بين النظام والمعارضة، أو راجعت واشنطن مواقفها السابقة مع النظام السوري وتحالفت معه في هذه الحرب.
ثم هناك الخلاف بين واشنطن وحلفائها وأصدقائها وبعض الدول الأخرى، والذي يمكن تلمسه من المواقف والتصريحات المتباينة والمختلفة. ومنها التصريحات التالية:
تصريح وزير الخارجية البريطاني، والذي قال فيه: ليس معقولاً ولا عملياً ولا مجدياً أن نتعاون أو نتحالف مع الرئيس الأسد، لأن ذلك سيضر بمحاولتنا لفصل السنة معتدلي التفكير عن الايديولوجية المسمومة لتنظيم الدولة. وكلا وزير الخارجية البريطاني أشبه برسالة احتجاج على الموقف الاميركي الجديد.
تصريح لوران فابيوس، وزير الخارجية الفرنسي، والذي قال فيه: إنه لا يحبذ توجيه ضربات في سوريا للدولة الإسلامية وأن بلاده مع دعم المعارضة المعتدلة فيها. وأن الأسلحة التي أعلنت باريس عن إرسالها إلى المعارضة السورية لم تقع بيد الإسلاميين. وهذا التصريح نوع من الاعتراض المموه.
والرئيس الفرنسي هولاند قال اجتماع سنوي لسفراء بلاده: من الضروري تشكيل تحالف واسع. لكن لتكن الأمور واضحة: بشار الأسد لا يمكن أن يكون شريكاً في مكافحة الإرهاب، فهو الحليف الموضوعي للجهاديين. وتابع قائلاً: هذه المجموعة تهدد بغداد وكردستان العراقية في آن، تهاجم الأقليات. وفرنسا قدمت أسلحة إلى القوات التي تقف في الخطوط الأمامية من المواجهة مع داعش. وكلام هولاند أشبه برسالة احتجاج لواشنطن.
تصريحات مسؤولون بالإدارة الأمريكية، وجاء فيها: واشنطن تكثف مساعيها لبناء حملة دولية ضد التنظيم في العراق وسوريا بما في ذلك تجنيد شركاء للقيام بعمل عسكري مشترك. وأن بريطانيا وأستراليا مرشحتان محتملتان.
إعلان ألمانيا إنها تجري محادثات مع الولايات المتحدة وشركاء دوليين آخرين بشأن عمل عسكري محتمل ضد تنظيم داعش لكن ألمانيا لن تشارك.
تصريح جين ساكي المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية للصحفيين: نعمل مع شركائنا، ونسأل كيف سيكون بمقدورهم المساهمة؟ ثمة عدة وسائل للمساهمة: إنسانية وعسكرية ومخابراتية ودبلوماسية.
لم يتضح حتى الآن عدد الدول التي ستنضم لحرب واشنطن على التنظيم. فبعض الحلفاء لديهم ذكريات مريرة عن تحالفهم لغزو أفغانستان والعراق. بعد افتضاح كذبة أسلحة الدمار العراقية، والتي حفزتهم للتحالف السابق.
تصريحات عدد من المسؤولون الأميركيين بأن واشنطن قد تتحرك إذا دعت الضرورة بمفردها ضد المتشددين الذين استولوا على أراضي في العراق وسوريا، وأعلنوا حرباً مفتوحة ضد الغرب ويرغبون إقامة مركز في قلب العالم العربي.
تواصل اجتماعات كبار مسؤولي البيت الأبيض لبحث استراتيجية توسيع الهجوم، بما في ذلك توجيه ضربات جوية على معاقل المتشددين في سوريا. وهو تصعيد سيكون اكثر خطورة من الحملة الأمريكية الحالية في العراق.
تصريحات مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون يعتبرون فيها إن القوات الأمريكية تواجه تحديات هائلة، وفي نفس الوقت الذي يدرس فيه الرئيس باراك أوباما إمكانية شن هجوم جوي على مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا. ومن هذه التحديات: عدم كفاية معلومات الاستخبارات عن الأهداف المحتملة، ومخاوفُ من احتمال استخدام الدفاعات الجوية السورية ضد الطائرات الاميركية إذا تدخلت بدون موافقة السلطات السورية والتنسيق معها. وخاصة أن وزير الخارجية الروسي اعتبر أن أي تدخل أميركي في سوريا بدون موافقة السلطات السورية هو بمثابة اعتداء على سوريا وعمل مرفوض وغير شرعي. اضافة الى احتمال امتلاك التنظيم أسلحة مضادة للطائرات متطورة نتيجة سيطرته على مخازن أسلحة وذخيرة لوحدات الجيش العراقي.
رغم بدأ وزارة الدفاع الأمريكية بإعداد الخيارات بشأن مهاجمة التنظيم بعد أن نشر التنظيم مقطع فيديو مصور لذبح الصحفي الأمريكي جيمس فولي. ورغم مداولات فريق الأمن القومي الذي يعمل مع أوباما حول توسيع نطاق الضربات الجوية لتشمل مواقع التنظيم في سوريا أيضاً إلى جانب العراق. إلا أنه من غير الواضح حتى الآن موعد بدء هذه الهجمات. رغم أن موافقة الرئيس أوباما على إجراء عمليات استطلاع جوي فوق سوريا رفعت التوقعات بأنه سيوافق على الهجمات ولن يتراجع كما تراجع العام الماضي.
وهناك من يرجح أن يتركز أي هجوم جوي على قيادات التنظيم ومواقعه حول مدينة الرقة الواقعة في معقل التنظيم في شرق سوريا. وكذلك المناطق الحدودية التي سهلت لقوات التنظيم اجتياح ثلث مساحة العراق.
تصريح ارون ديفيد ميلر المستشار السابق لشؤون الشرق الأوسط، حيث قال: توجد كل أنواع المحاذير والمخاطر التي تشير إلى أن الضربات الجوية في سوريا قد لا تكون فكرة عظيمة. لكن هذا لا يعني أنها لن تحدث.
وتخوف بعض مسؤولي الإدارة الأميركية من أن ضرب الأهداف الصحيحة في سوريا أكثر صعوبة، لنقص معلومات الاستخبارات على الأرض. بينما في شمال العراق قدمت القوات العراقية والكردية المعلومات المطلوبة والضرورية.
وتخوف بعض مسؤولي الإدارة الأميركية من أن المعارضة السورية التي تحظى بدعم أمريكي ليست بقوة قتالية يعتد بها. ومن غير الواضح ما إذا كان باستطاعتها أن توفر المعلومات المطلوبة وعناصر رصد متقدمة ضرورية لتوجيه أي ضربات جوية في الأراضي الخاضعة لسيطرة التنظيم.
خشية المخططون العسكريون من أسلحة لدى مقاتلي التنظيم. فقد صدر تقرير لمجموعة أبحاث مستقلة باسم مسح الأسلحة الصغيرة ومقرها جنيف، ورد فيه نظم صواريخ تطلق من على الكتف في أيدي المتشددين. وأن بعضها سرق من المخازن الحكومية، والاخر قدمته مصادر في دول أخرى.
اعتراف وزارة الدفاع الأمريكية علنا أن المعلومات التي تملكها عن تحركات مقاتلي التنظيم غير كافية. وقد انعكس هذا في المحاولة الفاشلة التي قامت بها قوات أمريكية خاصة لإنقاذ رهائن أمريكيين في يوليو تموز الماضي. ونقص المعلومات سيؤدي لسقوط ضحايا بين المدنيين من جراء الضربات الجوية الأمريكية بسبب سرعة حركة المتشددين واندماجهم وسط السكان المدنيين.
والخيارات المتاحة أمام الرئيس أوباما لتوجيه الضربات كثيرة ومتعددة، وتبدأ من الطائرات دون طيار إلى مقاتلات الشبح، وإطلاق صواريخ من السفن الحربية، واستخدام الطائرات دون طيار التي تعد السلاح المفضل لدى أوباما في محاربة القاعدة في باكستان واليمن، لكنها قد تستخدم للاستطلاع أكثر منها في توجيه الضربات الصاروخية. وفي ضوء احتمال سقوط ضحايا من المدنيين وعدم مهاجمة الأهداف الصحيحة، فإن القوات الأمريكية تفضل طائرات دون طيار مع عناصر استخبارات على الارض في وقت واحد.
ويقول مسؤولون أمريكيون على دراية بأساليب التنظيم، أن استخدام قيادات التنظيم للتشفير في اتصالاتهم متطور جداً، ويعرقل محاولات اقتفاء أثرهم.
الحرب الأميركية على تنظيم داعش معقدة وتواجه مصاعب شتى، رغم أنها أقرت بالقرار الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي بالإجماع منذ عدة أسابيع، وتحت الفصل السابع الذي يتيح استخدام القوة ضد داعش والنصرة لنزع سلاحهما وتفكيكهما مع جميع التنظيمات المرتبطة بالقاعدة. مع قطع التمويل عنهما، وتحذيره لأي جهة يثبت تورطها في تمويلهما. ولكن الرئيس أوباما وإدارته يعتبرون أن الوقت كفيل بتذليل كل الصعوبات، وإحباط كل تذمر واحتجاج واعتراض وفرض الشروط المسبقة على هذه الحرب. وأن الكثير من الأطراف ستنضوي للمشاركة في هذه الحرب بدون قيد أو شرط. وهذا ما عبر عنه وزير الخارجية الأميركي جون كيري حين قال: هناك دول وحكومات أبلغتنا أنها ستشارك بهذه الحرب.
إذا قالت واشنطن فلا تصدقوها
انتبهوا يا عرب من مسلمين ومسيحيين، فإن لواشنطن دور أو قرص في كل مأتم أو عرس. واسخروا أيها العرب من واشنطن إن كنتم سوريين ويمنيين وعراقيين وفلسطينيين وليبيين وغيرهم ممن تشرد وهجر أو قتل وأستشهد ابنائهم، وثكلت وترملت نساؤهم. فواشنطن على ذمة المحلل السياسي فريد زكريا هي المهددة وتعاني مما يجري في أوطانكم ولستم أنتم، والذي وضح لنا بحواره مع CNN، أن حجم معاناة وقلق واشنطن يتلخص بهذه الأمور:
1. إن مستوى القلق في واشنطن من تنظيم الدولة الإسلامية غير مسبوق.
2. وتنظيم الدولة الإسلامية تحول إلى النموذج الذي لطالما كانت القاعدة تصبو إليه.
3. والتنظيم يؤسس قاعدة قوية ومتطورة ، وقادر على بيع النفط والغاز والغلال الزراعية.
4. والقدرات العسكرية المميزة للتنظيم تحاول التعامل مع الضربات الجوية الأمريكية عبر الانتقال من أماكن مفتوحة إلى السيطرة على مدن وقرى، وممارسة حرب العصابات.
5. وداعش هو أكثر التنظيمات الإرهابية التي واجهتها أمريكا إثارة للانتباه حتى اليوم.
6. وموقف السنة هو الأهم. لأن التنظيم ينشط ويتحرك بينهم، وقد قال ماو تسي تونغ: إن الذي يخوض حرب عصابات يسبح مثل السمكة في الماء، ما يعني أنه من الضروري أن يكون لها حاضنة شعبية قادرة على دعمها وإلا يصعب عليها البقاء.
7. ودخل تنظيم داعش من باب الشعور السائد بين السنة الذين يرفضون الخضوع لحكم الأقلية في سوريا ولحكم الفرس كما يصفونه في العراق. وهذا الأمر هو في صميم المشكلة المطروحة، وهناك بعض العناصر الأخرى في المعادلة، مثل قدامى جنود الجيش العراقي وأركان نظام الرئيس السابق صدام حسين وحزب البعث.
8. وعن إمكانية تحالف الغرب مع النظام السوري الذي يطالب برحيله عن السلطة، قال زكريا: هناك سوابق مماثلة ، فحين سأل الناس رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل، عن سبب تحالفه مع السوفييت. قال إنه مستعداً للتحالف مع الشيطان. وبالطبع قضية الاصطفاف إلى جانب الأسد لن تكون سهلة، فالأسد هو سبب ظهور التمرد المسلح في الأساس وهو سبب ظهور هذا الخلاف الواسع النطاق.
9. الحل الأمثل هو اقتلاع جذور داعش المتمثلة بالامتعاض السني، ودفع حكومة العراق لتكون أوسع تمثيلاً، وتغدق الأموال على القبائل كما فعل الجنرال بترايوس.
10. التنظيمات الوحيدة التي أثبتت فاعليتها في القتال على الأرض في سوريا هي تلك الشبيهة بداعش أو جبهة النصرة. وربما كان من الممكن أن يتغير الوضع لو حصل دعم أمريكي، ولكنني لا أرجح ذلك، فالحرب الأهلية الجارية تشهد انقساماً حاداً مما دفع بالقوى المتطرفة إلى البروز، في حين تعرض المعتدلون للسحق.
توصيف المحلل فريد زكريا يتطابق مع توصيفات الادارة الأميركية ومعظم الساسة الأميركيين، فالولايات المتحدة الأميركية كانت وماتزال تعتبر نفسها على الدوام ضحية الإرهاب. وأن هذا الإرهاب لا يد ولا مصلحة لها فيه، وإنما هو من فعل الآخرين.. وتصريحات وحوارات الساسة الأميركيين أشبه بجوقة ترقص وتدبك وتشدوا على أنغام هذه التوصيفات الماكرة. ونقول لهؤلاء ولطواقم مراكز الدراسات والبحوث، بأن معظم أزمات العالم أسبابها هي:
* شرعة وقوانين المنتصرون في الحربين العالمية الأولى والثانية، والنظام الجديد الذي اعتمدوه، إنما هي شرعة وقوانين ونظامين غيبوا العدل ونشروا الكثير من الجور.
* وميثاق الأمم المتحدة الذي حدد مهام مؤسساتها كمجلس الأمن، منح الأقوياء الحقوق وحررهم من كل واجب، وحرم غيرهم من حقوق و كبلهم بالواجبات.
* والسياسة التي مارسها الاستعمار القديم ويمارسها الاستعمار القديم الجديد،
* وتواطؤ بعض الدول ومنظمة الأمم المتحدة مع إسرائيل، وتهربهم من تنفيذ القرارات الدولية، وإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية وللصراع العربي الصهيوني.
* ومصادرة واشنطن لبعض قرارات حلفائها و بعض الانظمة أنعكس سلباً على حقوق مواطني هذه الدول في كل المجالات، وأسهم في التضييق على الحريات العامة.
* والتحالف الاستراتيجي الأميركي الإسرائيلي على السراء والضراء وبهذه الصورة القبيحة والمزرية لن يدع أية فرصة لنمو برعم من براعم الأمن والعدل والحوار والسلام.
* والغزو الأميركي بذرائع كاذبة تسبب بسفك دماء وأرواح الكثير، طالما بقي بدون حساب، وقوانين الحصار والحظر الأميركية اللاإنسانية . ويشير إلى أن العدالة الأميركية مكبلة أو قاصرة أو لا تجرؤ على طرح أو مناقشة مثل هذه الأمور.
* والاتفاقيات التي وقعتها بعض الدول العربية مع إسرائيل برعاية أميركية وأطلق عليها معاهدات سلام تسببت بسخط الجماهير، لأنها صادرت بعض حقوق هذه الدول.
* وتهرب واشنطن والأمم المتحدة من تحرير الأسرى لمعتقلين في السجون الاسرائيلية.
* والتاريخ العنصري للولايات المتحدة الأميركية من أبادتها للهنود الحمر إلى خطفها الأفارقة وغيرهم، ينقض ادعاءاتها بأنها الحامية للحرية والديمقراطية وحقوق الانسان.
* والخداع الذي مارسته واشنطن في زجها المسلمين بالحرب ضد الروس في أفغانستان، والذي وصفهم بالرئيس ريغان ليقول بأن المقاتلون المسلمون والأفغان هم المعادلون التاريخيين لمؤسسي الولايات المتحدة الأميركية. وجاء خلفه والذي كان نائبه بوش الأب وأبنه ليسفكا دماء وأرواح هؤلاء المعادلين، سيبقى سبب الكثير من الأزمات.
* وسجن غوانتانامو والسجون السرية الأميركية الأخرى في القواعد العسكرية الأميركية المنتشرة في دول العالم وفي السفن والحاملات. والمعاملة المهينة والمزرية للمعتقلين في هذه السجون ستبقى هي السبب الرئيسي لنمو وتنامي طرق وأساليب الإرهاب. وأخيراً نقول للمحلل فريد زكريا ولساسة واشنطن وصقورها. لنذكرهم لعلها تنفعهم الذكرى:
1. واشنطن لم تربح أية حرب خاضتها بمفردها، أو قادت حلفائها فيها. فانتصارها في الحربين العالمتين الأولى والثانية كانت نتيجة التضحيات الكبيرة والجسيمة بالعتاد والأرواح التي قدمها الفرنسيين والبريطانيين والروس.
2. أية حرب خاضتها واشنطن لوحدها أو قادت حلفائها فيها انتهت بهزيمتها، كحروب كوريا و فيتنام والصومال وأفغانستان والعراق، وسارعت للتفاوض مع خصومها لوقفها كي تنجوا من الهزيمة المزرية ، وتنجوا بجلدها.
3. هناك مثل عربي تعتمده الشعوب. ونذكر المحلل فريد زكريا وساسة واشنطن به، ويقول المثل: الثلم الأعوج من الثور الكبير . وهذا الثور هو بلاد أوباما.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.