عندما تلقيت خبر انتقالك إلى دار البقاء، حيث لا ظلم و لا عسف و لا استعلاء، تساءلت كما تساءل الكثير من الناس عن السبب، و كنت كما كان اغلبهم، ضحية إعلام الإثارة ، و صحافة المنشيطات الخادعة، ولعنت الفن و الفنانين ، و ما يأتي منهم من ميوعة و انحلال و مخدرات ، بل لعنت الواقع المر الذي دفع المجرم الحقيقي ، و كان المجرم و لا يزال في اعتقادي أكبر من أن يكون مجرد حداد ارتكب جرمه بدافع السرقة ، واعتبرت كلام الداعية منى صلاح مجرد ذر للرماد في عيون ملايين المتابعين لفصول الجريمة النكراء، فقد صرحت الداعية الإسلامية الشهيرة بأنك كنت يا هبة مؤمنة صالحة تواظب على حضور دروس الوعظ و الإرشاد في مدينة السادس من أكتوبر ، ولكن بعد أن اتضحت معالم الجريمة ، و صدر تقرير المباحث الجنائية الذي يؤكد خلوك و صديقتك الشهيدة من أية آثار للمخدرات ، عرفت يقينا أن الله اختارك إلى جواره ،شهيدة حية ، لتسرح روحك و تمرح في جنان الله الواسعة ، ولتخلدي كما يخلد الشهداء" في مقعد صدق عند مليك مقتدر" . "" و أيقنت انك كنت حميدة ، و عشت سعيدة ، و مت شهيدة ، فطوبى لك الشهادة و جنة المأوى، وهنيئا لك بحياتك الجديدة التي لا رفث فيها و لا فسوق و لا ظلم ، و بمقامك العلي مع الأنبياء و الشهداء و الصالحين ، وحسن أولئك رفيقا . فرغم الوسط الموبوء الذي رأيت فيه النور ، و رغم المغريات الكثيرة ، لم تختاري كما اختارت الكثيرات ممن عشن الظروف نفسها ، حياة الترف و القصف و المجون و المخدرات ، و لم تسلكي طريق الرذيلة ، بل نبذت كل ذلك و اتجهت إلى الله و طرقت بابه بنسكك و صلاتك و حضورك مجلس العلم و الفضيلة . ولأنك كنت حريصة على لقاء الله ، كان الله اشد حرصا على لقائك ، فمن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، و من أتاه مشيا أتاه الله هرولة كما جاء في الحديث القدسي الشريف . سامحيني إن كنت أخطأت في حقك ، وسامحي كل من قال فيك كلاما لا يليق بسنائك البهي ، وسلوكك الزكي ، وعيشك الرضي ، ومقامك العلي. سامحيني يا هبة الله ، و يا منة السماء. سامحيني يا أيتها النفس المطمئنة . "يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي"