تعددت مفاهيم الأمن الاجتماعي وأبعاده في ظل التحولات التي يشهدها العالم، مع ظهور العديد من الأخطار والمتغيرات المعقدة التي أصبحت تهدد الأنساق الحياتية للبشرية، وتتداخل العديد من المفاهيم والمصطلحات حول ماهية الأمن الاجتماعي حيث تبرز العديد من التداخلات بين الأمن الوطني والقومي والأمن الإنساني والأمن الاجتماعي، باعتبارها تتوزع بين حقول علم السياسة وعلم الاجتماع والعلوم الاقتصادية والدراسات الاستراتيجية، وتصب كل هاته المفاهيم في كون الأمن مسؤولية اجتماعية للفرد اتجاه مجتمعه ووطنه. وقد ارتبط مفهوم الأمن بنشوء الدولة بمفهومها التقليدي التي تنبني على مبادئ السيادة والاعتراف والحدود الجغرافية البرية و الجوية والبحرية وتهدف إلى تحقيق السكينة والطمأنينة واستثبات الأمن، لكنه مع ازدياد حدة التحولات الاجتماعية والجيوسياسية التي يعرفها العالم في زمن العولمة النيوليبرالية ظهرت مفاهيم جديدة للدولة، الدولة الموجهة التي تسعى إلى تحقيق التوازن والتباين بين السلط والدولة العادلة ودولة الرفاه الإنساني، هاته المفاهيم التي ارتبطت بدخول العالم مع بداية الألفية الثالثة إلى ما يسمى بمجتمع التنمية، الذي ارتبط بالاشتراطيات السياسية للمؤسسات المالية والمفاهيم الجديدة التي جاءت بها التقارير الأممية حول مفاهيم الحكامة والتنمية البشرية والتنمية، والتي أكدت على أن التنمية هي توسيع خيارات الناس الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وهي تنمية الإنسان من أجل الإنسان وهدفها هو تحقيق الأمن الاجتماعي عبر إعطاء الناس الفرص والقدرات، وعلى ضوء ذلك أصبحت لهذا المفهوم أبعاد متعددة نجد من أهمها البعد السياسي والبعد الاقتصادي والبعد الاجتماعي والبعد العقدي والديني. فالنسبة للبعد السياسي والذي يتمثل في الحفاظ على الكيان السياسي للدولة وحماية ثوابتها ومرتكزاتها ورموزها الوطنية التي تسير في اتجاه تحقيق أمن الوطن واستقراره. أما البعد الاقتصادي فيتمثل في الرفع من مستوى الخدمات وتحقيق الشغل الذي بواسطته يمكن تحقيق العيش الكريم. فيما البعد الاجتماعي يرتبط بتحقيق الطمأنينة للمواطنين ويزيد من الشعور بالانتماء إلى الوطن وبث الروح المعنوية التي بواسطتها يمكن توجيه المواطن وتحقيق إرادة وطنية وشعبية لتحقيق شرعية إنجازات هذا الوطن، اما البعد البيئي فيرتكز على حماية البيئة من مصادر التلوث والمخاطر الذي بواسطتها يمكن تحقيق تنمية مستدامة تساهم في الحفاظ على خيرات الوطن الطبيعية والبحرية، أما البعد العقدي والديني فيتمثل في احترام المعتقد الديني واحترام الأقليات. تتعدد تعاريف وأبعاد مفهوم الأمن الاجتماعي، لكن لا يمكن تحقيقه إلا بتنمية سياسية ترسخ قيما للمواطنة الفاعلة ووعيا مجتمعيا يساهم في البناء الاجتماعي والقيمي للمجتمع.