لا يشجع التقارب الدبلوماسي الأخير بين مدريد والرباط صناع القرار في موريتانيا للمضي قدما في تبني الخطوة الإسبانية الداعمة للحكم الذاتي، حيث جددت الحكومة الموريتانية تشبثها بالحياد. وأعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية، محمد ماء العينين ولد أييه، أن موقف موريتانيا من قضية الصحراء "ثابت يأخذ شرعيته من قناعة موريتانيا بضرورة تبني خيار الهدوء وتغييب الصراع". وأوضح ولد أييه خلال المؤتمر الأسبوعي للتعليق على اجتماع مجلس الوزراء، مساء أمس، أن "موريتانيا تتابع ملف الصحراء عن قرب ومستعدة للعب دورها المنوط بها في أي لحظة". وأضاف أن أي تدخل لموريتانيا في قضية الصحراء، "سيكون في إطار موقفها الثابت الذي هو الحياد الإيجابي". تبدو موريتانيا اليوم "محرجة" إزاء مواقف اتخذتها أنظمة سابقة منذ نهاية سبعينات القرن الماضي، حيث تميل كفة مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية لصالح التقارب مع المغرب بفضل الاستثمارات الهامة التي دشنها الأخير في موريتانيا. وقال سالم عبد الفتاح، خبير في الشأن الدولي، إن موريتانيا تخضع لضغط وابتزاز فج من طرف الجزائر لأجل انتزاع مواقف مؤيدة للطرح الانفصالي، حيث يوظف النظام الجزائري في ذلك مقدراته النفطية وحاجة موريتانيا إلى مصادر الطاقة. وأضاف المتخصص في قضية الصحراء أن الجزائر تقوض الأمن والاستقرار على حدودها الشمالية والشرقية، سواء عبر التصعيد الذي تعكف عليه البوليساريو، أو من خلال تصدير الجماعات المسلحة وعصابات الجريمة المنظمة في دول الساحل، وخاصة في مالي المجاورة لموريتانيا. ورغم التزام موريتانيا بموقف "الحياد الإيجابي" بخصوص نزاع الصحراء، يتابع المحلل ذاته، إلا أنها تقدم عمليا على كثير من الخطوات الميدانية التي تصب في صالح المغرب، خاصة منذ تأمين الجيش المغربي لمعبر الكركرات الحدودي، حيث سارعت موريتانيا إلى التنسيق مع الجانب المغربي لأجل تشغيل المعبر ضدا على رغبة الجزائر والبوليساريو. وأعلنت موريتانيا عن تعزيز تواجدها العسكري في مناطقها الحدودية الشمالية تزامنا مع التصعيد الإعلامي والسياسي الذي عكفت عليه البوليساريو، ما قوض أي إمكانية لاستعمال الأراضي الموريتانية من طرف الجبهة الانفصالية لشن أي أعمال عدائية ضد المغرب.