يبدو أن حزب الاتحاد للقوات الشعبية اختار خوض معركة "هوياتية" مع خصومه السياسيين، وخصوصا حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية، فبعد دعوات إدريس لشكر، الكاتب الأول للحزب، إلى ضرورة "مراجعة أحكام الإرث"، و"تجريم تعدد الزوجات بمنعه من مدونة الأسرة"، طالبت النساء الاتحاديات بتعديل الدستور المغربي. مطالب الاتحاديات جاءت خلال البيان الختامي لمؤتمر الوطني السابع، حيث دعين إلى "إقرار دستور ديمقراطي ينص على المساواة بين الجنسين في كافة المجالات، وبدون تحفظات، وعلى سمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان على التشريع الوطني، كمدخل للملاءمة"، مطالبات بالتنصيص على "الفصل الواضح بين الدين والسياسة، والإقرار بكونية حقوق الإنسان، بحيث لا يجوز التذرع بالخصوصيات الدينية الثقافية للتضييق على حقوق الإنسان المغربي امرأة أو رجلا". وجددت الاتحاديات مطالب كاتبهن الأول إلى بإلغاء كل القوانين التمييزية ضد النساء، مشددات على ضرورة "تغيير مقاربة تناول مدونة الأسرة، واعتبارها شأنا عاما، وتعديلها على قاعدة المساواة بين النساء والرجال، والمنع الواضح للتعدد، وتجريم تزويج القاصرات." ومن جهة أخرى شدد البيان على "إقرار عدالة جنائية من أجل النساء، وإخراج قانون إطار مناهض لعنف النوع"، مطالبا بفتح النقاش الجاد بشأن "إصلاح منظومة الإرث لصالح المساواة، واعتراف الدولة المغربية بالعمل الغير المأجور للنساء في أفق التعويض المالي عنه." وفي ذات السياق سجل البيان ضرورة "اعتماد سياسات تشغيل موجهة للنساء لمحاربة تأنيث البطالة، وتطوير الإطار القانوني المرتبط بالصحة الإنجابية بضمان المجانية والولوجية، مع التنصيص على الحق في الإجهاض، بالإضافة إلى تجريم المفاضلة في الأجور بين العاملات والعمال في القطاع الخاص، واعتماد آليات متخصصة في تفتيش الشغل". الاتحاديات أكدن في بيانهن "أن المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي يواجه تحديا كبيرا، في ظل المد المحافظ الراهن، هو تحدي ثقافي وإيديولوجي"، مشددات على أن ذلك "يفرض على النخب الثقافية الحزبية والوطنية تحرير الخطاب الديني من التوظيف السياسي من جهة، ومن التأويلات المحافظة واللاعقلانية المناهضة للقيم الكونية والإنسانية". وفي هذا السياق دعا البيان، الذي توصلت به هسبريس، إلى "ضرورة تحصين مكتسب دسترة جملة من الحقوق الإنسانية الكونية، اعترافا بمطالب مجتمعية تمثلها الحركة النسائية بشقيها السياسي والجمعوي"، موضحا أن "المصالحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لصالح النساء لن تتحقق إلا بإقرار الدولة المدنية كنمط للدولة، قوامه الفصل الصريح بين الدين والسياسة، وبناء دولة الحق والقانون، من أجل إشاعة ثقافة مدنية مهيكلة للعلاقات داخل المجتمع". ومن جهة ثانية اعتبر بيان الاتحاديات أن "التصدي لتوظيف الدين في السياسة مهمة تقع اليوم على عاتق كافة النخب الثقافية، وكل الأحزاب والقوى السياسية والمدنية، الديمقراطية والتقدمية، كما أنها مسؤولية الدولة من خلال ما تستدعيه من تدبير عقلاني مؤسساتي للحقل الديني، يكون من شأنه إنتاج خطاب ديني تنويري". وأكدن على ضرورة "ترسيخ قيم الحداثة الفكرية والسياسية، وفي مقدمتها قيمة المواطنة، وقيم احترام التعدد والتنوع والاختلاف، دون إقصاء ولا ميز، على أساس الانتماء الجنسي أو العرقي أو المذهبي".