تسببت الأزمة الاقتصادية في إسبانيا وإيطاليا واليونان في تأزيم الأوضاع الاجتماعية لكثير من العمال المغاربة المقيمين هناك، بعد فقدانهم لعملهم، مما دفع الكثير منهم إلى اللجوء نحو فنلندا لبناء حياة جديدة. ورغم نجاح البعض منهم في الحصول على الإقامة عبر الزواج بفلنديات، أو عقود عمل، خصوصا من أضحى يحمل جنسيات تلك الدول، إلا أن آخرين عجزوا عن ذلك، واضطر عدد منهم لمواجهة الجوع والبرد القارس، خصوصا في فصل شتاء تنخفض فيه درجة البرودة ببعض الأحيان إلى 30 درجة تحت الصفر. بعض المهاجرين المغاربة لا يتوفرون على مبالغ مالية للعودة إلى الوطن الأمّ، وهناك من لا يتوفر حتى على ما يمكّنه من التنقل من منطقة إلى أخرى للبحث عن مأوى للنوم، ويعمد إلى ركوب الميترو أو القطار دون تأدية ثمن التذكرة. "نوفل" من الدارالبيضاء وعبر اتصال هاتفي من حي "إتاكسكس" شرق مدينة هلسنكي، وهو مكان يلتقي فيه مغاربة مهاجرون من إسبانيا وإيطاليا، يشكي معاناته مع البرد هو وأصدقاؤه القادمون من إسبانيا.. ويقول نوفل: "الله يرحم ليك الوالدين، راه قهرنا البرد، معدناش فين نعسوا، هل يوجد مكان نلجأ إليه للنوم؟". أما عُمَر، القادم من مدريد، الذي قضى عشرة أعوام بإسبانيا وكان يعمل بمطعم للبيتزا، فمع الأزمة الاقتصادية التي أرخت بظلالها على إسبانيا، جرى تسريحه من العمل، ووجد صعوبة في إعادة إعداد وثائق الإقامة. يسرد عمر حكايته التي وصفها بالمؤلمة قائلا: "منذ وصولي إلى فنلندا، التي كانت تعتبر بالنسبة إليّ بلد الحلم، وأنا أعاني من مشكل العمل والإقامة، والمال الذي كان بحوزتي نفذ، ولا أتوفر على ما يمكنني من تلبية حاجياتي اليومية، فأنا أنتقل من مكان إلى آخر للبحث عن مكان للنوم في مواجهة برد الليل القارس". أمّا "نبيل"، المنحدر من الدارالبيضاء فيورد: "رغم معاناتي اليومية مع الجوع والبرد لن أعود إلى المغرب.. لا أريد أن أكون عالة على أسرتي بعد أن كانت تفتخر بي أمام الناس حين كنت أبعث بالأموال والهدايا إلى كل أفرادها". ما يثير الاستغراب يكمن في كون العديد من هؤلاء المهاجرين المغاربة لا يجرؤون على اتخاذ قرار العودة إلى المغرب رغم تحديات العيش القاسية في الغربة، وكذا انتشار المراقبين ورجال الشرطة، وفي حالة مخالفتهم للقانون الفنلندي بخصوص مدة الإقامة المسموح بها للسياح الأجانب، الإطار القانوني الذي يعتبرون ضمنه، فهم يعتبرون ذلك فشلا وعارا.