قادت الأزمة الاقتصادية العالمية عشرات المهاجرين المغاربة من إسبانيا وإيطاليا إلى البحث عن وجهة أخرى في الأراضي الأوروبية، بحثا عن عيش كريم، وهروبا من البطالة. مكان يلتقي فيه مغاربة مهاجرون من إسبانيا وإيطاليا إلى فنلندا (خاص) في إحدى القرى الواقعة وسط منطقة "أوسترا سانتغوم" البعيدة عن هلسنكي بحوالي 60 كيلومترا، يجتمع مغاربة وعرب قدموا من بلدان أوروبية كثيرة، يوحدهم البحث عن العمل. "جابني طرف الخبز"، هذه العبارة نطقها رضوان بصعوبة، وهو مغربي قادم من برشلونة الإسبانية. في البداية لم يحبذ الحديث، لكن بمجرد ما شاهد مهاجرا من العراق يسرد حكاية هجرته إلى فنلندا، قاطعه قائلا "سأحكي قصتي مع الهجرة، لكن شريطة عدم التقاط صور". وبعد أن شعر بالاطمئنان شرع في سرد حكايته التي وصفها بالمؤلمة، بدءا من المغرب مرورا ببرشلونة، وصولا إلى فنلندا. أكد رضوان أنه حديث الإقامة في هذا، ولم يتمم بعد شهرا فيه، وهاجر عام 2001 من المغرب بطريقة غير شرعية بمبلغ تجاوز 5 ملايين سنتيم إلى إسبانيا، موضحا أنه اشتغل بسهولة في محل لبيع "البيتزا"، لكن أحواله تغيرت عام 2010 بسبب إغلاق المحل. وأفاد رضوان أنه منذ ذلك الحين لم يعثر على عمل قار، وظل ينتقل من سوق إلى آخر من أجل بيع "الخردة"، دون فائدة، ما دفعه هذه السنة إلى التفكير في الهجرة نحو فنلندا، التي تعتبر بالنسبة إليه بلد الحلم، موضحا أنه مازال يبحث عن عمل، ويقيم لدى صديق مغربي في إحدى الضيعات. أما عبد الكبير، المتحدر من مدينة بركان، فقضى 15 عاما بإسبانيا، وكان يعمل تقنيا في صناعة الأحبال السلكية الخاصة بالترامواي والميترو، إلا أنه، مع الأزمة الاقتصادية التي أرخت بظلالها على إسبانيا، جرى تسريحه من العمل، ووجد صعوبة في إعادة إعداد وثائق الإقامة. قال عبد الكبير بلكنة شرقية "نعاني مشكل العمل، والقنصلية المغربية لا تساعدنا على إعادة إعداد الوثائق الخاصة بالإقامة". وأضاف أن من بين الأسباب التي جعلته يغادر إسبانيا نحو فنلندا، هو "الهروب من البطالة وغياب الاهتمام بالجالية المغربية المقيمة بالخارج من طرف المسؤولين على تسيير شؤونها". وفي ركن منزو بأحد مطاعم البيتزا في "أسترا أستغوم"، معقل العرب والمغاربة، لفت انتباهنا مغربيان يقتسمان "البيتزا"، وجهاهما شاحبان، ويبدو أنهما لم يستحما منذ فترة طويلة، ولما اقتربنا منهما سعدا بالمقابلة وطلبا منا الجلوس لتناول قطعة "بيتزا". ومن خلال كلام مهاجرين آخرين، سعيد وهشام، القادمين من إيطاليا، تبين أنهما يحبان بلدهما المغرب، ولديهما غيرة، ويطمحان إلى مغرب أفضل. وأجمع أغلب المستجوبين على أنهم يرفضون العودة إلى المغرب، خوفا من نظرة العائلة والأقارب والجيران، مؤكدين أنهم لن يفكروا في العودة حتى يصبحوا ميسورين، بهدف إحداث مشاريع بالبلد الأم.