القطاع الصّحيّ في المغرب "مريض"؛ هذه هي الخلاصة التي يمكن الخروج بها من التقرير الأخير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول الولوج إلى الخدمات الصحّية الأساسية، الذي أعدّه بناء على الإحالة الموجّهة إليه من طرف رئيس الحكومة، بهدف تقييم جودة الولوج إلى الخدمات الصحيّة الأساسية في العالمين القروي والحضري. وحسب المعطيات التي تضمنّها تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي، والذي أعدّته اللجنة الدائمة المكلفة بالشؤون الاجتماعية والتضامن، وهمّ جهتي سوس ماسة درعة والحسيمة تازة تاونات، فإنّ دستور 2011، وعلى الرغم من إقراره بسبعة حقوق مرتبطة بالصحّة، في عدد من فصوله، "فإنّ التنظيم الحالي لشبكة الخدمات الصحيّة الأساسية لم يعد يستجيب لحاجيات المواطنين". التخطيط الحالي لتنظيم شبكة مؤسسات العلاجات الصحية، حسب ما جاء في تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، "وصل إلى الطريق المسدود"، لكون التخطيط، كان مُنبنيا، في مجال التغطية الصحيّة، على بناء مؤسسات علاجية دون اعتبار لنقص الموارد البشرية والمادية والمالية، "وهو ما أفضى إلى وجود 143 مركزا صحيا مغلقا في الوقت الراهن، فيما لا تشهد باقي المراكز إلا ارتيادا ضعيفا". ويُعتبر النقص الحادّ في عدد المهنيين في القطاع الصحّي من أكبر المشاكل التي يعاني منها هذا القطاع، إذ لا يتجاوز عدد الأطباء 6.2 طبيب فقط لكل 10 آلاف نسمة، وهو ما اعتبره تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي "نقصا خطيرا"؛ وإضافة إلى النقص الحاصل في عدد مهنيي القطاع الصحّي، يشكو القطاع أيضا من التفاوت الكبير في توزيعهم بين الجهات، أو داخل جهة واحدة، وبين الوسطين الحضري والقروي. وحسب الأرقام التي كانت وزارة الصحة قد كشفت عنها في وقت سابق، والتي تحدّد النقص الحاصل في عدد الأطباء في 6000 طبيب، و 9000 في عدد المهنيين شبه الطبّيين، فإنّ الأعوام القادمة، ستكون "أسوأ" مما هي عليه الآن، فبالإضافة إلى كون القطاع الخاصّ يزيد من حدّة نقص الأطباء العاملين في القطاع العمومي، فإنّ 24 بالمائة من المهنيين شبه الطبيين سيبلغون خلال العشرية القادمة سنّ التقاعد، وهو ما سيضاعف من الخصاص. وعلى الرغم من أنّ المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يقرّ بأنّ الولوج المنصف إلى علاجات صحية ذات جودة، "يعدّ هدفا يصعب بلوغه، بسبب التعقيد الذي يطبع مجال الصحّة، والاكراهات العديدة التي تعانيها المنظومة الصحية"، إلاّ أنه دعا الحكومة، إلى مباشرة إصلاح جذريّ للمنظومة الصحّية، مدعومة بإرادة سياسية حازمة، وتوسيع تدريجي للتغطية الصحيّة، من أجل التغلّب التدريجي والفعّال على الصعوبات التي يواجهها القطاع. وتتمثل التوصيات التي تقدم بها المجلس إلى الحكومة، في خمس توصيات، وهي تحسين الولوج إلى العلاجات الصحية الأساسية، وتحسين الولوج إلى الأدوية، والحرص على تكثيف الاستثمار في الموارد البشرية، والوقاية من الرشوة ومحاربتها، ودعم آليات التمويل.