مندوبية التخطيط تكشف عدد الرافضين لعملية الاحصاء سنة 2024    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بتحديد نظام البذلة الرسمية لموظفي إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة    بايتاس يلوم الجفاف على عدم تحقيق نسبة نمو كبيرة للاقتصاد المغربي    الركراكي يساند النصيري ويكشف هوية قائد المنتخب    الانتظام في الأداء أهم المعايير للتواجد في لائحة المنتخب المغربي    الحكومة تصادق على مشروع قانون جديد لتنظيم مهنة المفوض القضائي        أخبار الساحة    الاتحاد الدولي لكرة القدم يحذر اسبانيا من احتمال سحب تنظيم كأس العالم 2030    عبد اللطيف حموشي يستقبل المستشار العسكري الرئيسي البريطاني للشرق الأوسط وشمال إفريقيا    بناء مستودع جديد للأموات في الناظور بمليار و 200 مليون    أعترف بأن هوايَ لبناني: الحديقة الخلفية للشهداء!    مهرجان سيدي عثمان السينمائي يكرم الممثل الشعبي إبراهيم خاي    قراصنة على اليابسة    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    مقاطع فيديو قديمة تورط جاستن بيبر مع "ديدي" المتهم باعتداءات جنسية    مذكرات توقف 3 أشخاص بالقصر الكبير    تداولات خضراء في بورصة الدار البيضاء    جائزة نوبل للسلام.. بين الأونروا وغوتيريس واحتمال الإلغاء    وليد الركراكي يعلن لائحة المنتخب الوطني للتوقف الدولي لشهر أكتوبر وزياش ودياز أبرز الغائبين    استدعاء وزراء المالية والداخلية والتجهيز للبرلمان لمناقشة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات    "جريمة سياسية" .. مطالب بمحاسبة ميراوي بعد ضياع سنة دراسية بكليات الطب    بسبب الحروب .. هل نشهد "سنة بيضاء" في تاريخ جوائز نوبل 2024؟    إطلاق مركز للعلاج الجيني في المملكة المتحدة برئاسة أستاذ من الناظور    غارات ليلية عنيفة بطائرات حربية في أقرب ضربة لوسط بيروت منذ حملة القصف    تطوير طائرات مسيرة مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي لاكتشاف عيوب عمليات البناء    إصابة 23 تلميذا في انقلاب حافلة للنقل المدرسي ضواحي آسفي    كم يبلغ سعر الاورو والدولار هذا اليوم؟ .. بنك المغرب يحدد    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    مؤتمر علمي في طنجة يقارب دور المدن الذكية في تطوير المجتمعات الحضرية    سفير إسرائيل بالأمم المتحدة:الرد على هجمات إيران سيكون قريبا    من بينها "العدل والإحسان".. هيئات مغربية تواصل الحشد للمشاركة في المسيرة الوطنية تخليدا للذكرى الأولى ل"طوفان الأقصى"    توقيع اتفاقية لدعم القدرات الرقمية للمؤسسات التعليمية بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة    وقفة أمام البرلمان في الرباط للتضامن مع لبنان وغزة ضد عدوان إسرائيل        إيقاف بن عطية 6 مباريات بسبب انتقادات حادة لحكم مباراة مارسيليا وليون    ارتفاع أسعار النفط في ظل تصاعد مخاوف جيوسياسية        مندوبية طنجة تعلن عن منع صيد سمك بوسيف بمياه البحر الأبيض المتوسط    الرئيس الإيراني: "إذا ردت إسرائيل سيكون ردنا أقسى وأشد"    كيوسك الخميس | ودائع المغاربة لدى الأبناك تتجاوز ألفا و202 مليار درهم    إطلاق مركز للعلاج الجيني في شيفيلد برئاسة أستاذ مغربي ببريطانيا    النظام الجزائري يستغل التظاهرات الرياضية الدولية لتصريف معاداة المغرب        سجناء يتدربون على المعلوميات بخريبكة    مقتل صهر حسن نصر الله في قصف دمشق    المغرب يشرع في فرض ضريبة "الكاربون" اعتبارا من 2025    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    مغربي يقود مركزاً بريطانياً للعلاج الجيني    الرياضة .. ركيزة أساسية لعلاج الاكتئاب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    دراسة: التلوث الضوئي الليلي يزيد من مخاطر الإصابة بالزهايمر    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إدماج طلبة أوكرانيا: نهاية كابوس!
نشر في هسبريس يوم 09 - 03 - 2022

خلافا لما عودنا عليه المغاربة من اتصاف بقيم التضامن والتكافل والتآزر فيما بينهم ومع الأجانب، وهي قيم ورثوها عن آبائهم وأجدادهم وتشبعوا بحليبها من أثداء أمهاتهم منذ عقود خلت، فوجئنا بردود فعل غاضبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أثارها قرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، القاضي بإدماج طلبة الطب والصيدلة العائدين من أوكرانيا التي تقاوم الاجتياح الروسي منذ فجر يوم الخميس 24 فبراير 2022 حيث سارع مجموعة من طلبة جامعات الطب والصيدلة إلى انتقاده بشدة، معتبرينه قرارا مجحفا وغير مقبول، بدعوى أن طلبة أوكرانيا غير مؤهلين للدراسة إلى جانبهم، من حيث تدني المعدلات المحصل عليها في امتحانات البكالوريا وعدم المشاركة في اجتياز مباراة ولوج كليات الطب، فضلا عن الاكتظاظ الحاصل في المستشفيات وعدم قدرتها على استيعابهم.
إذ نسي هؤلاء الرافضون التضامن مع إخوانهم الطلبة الذين فرضت عليهم الحرب النزوح نحو البلدان المجاورة لأوكرانيا حجم المحنة التي مروا منها، وهم يوصلون الليل بالنهار ويواجهون مشاق الانتظار وقسوة أحوال الطقس في سبيل الالتحاق بأرض الوطن إلى جوار أسرهم المرعوبة. فقد عاش الكثيرون منهم أوقاتا عسيرة من القلق والذعر على إثر الوضع السيء الذي حشروا فيه مرغمين قبل وأثناء انطلاق العمليات العسكرية الروسية، مما اضطرهم إلى الاختباء خلف الظلام ومتابعة الوضع الميداني في جبهات القتال عبر وسائط التواصل الاجتماعي من داخل الأحياء الجامعية، وازدادوا رعبا بعدما أصبحوا يشعرون بأن حياتهم باتت في خطر بسبب توالي الضربات الجوية التي استهدفت المطارات وغيرها...
ونسوا كذلك أن المغرب وبتعليمات ملكية سامية لم يذخر جهدا في محاولة إجلاء أبنائه قبل حتى أن تشرع القوات العسكرية الروسية في اجتياح الأراضي الأوكرانية، حيث استنفرت السلطات المغربية طيرانها للتحرك صوب البلدان المجاورة لأوكرانيا من أجل إسعاف الطلبة العالقين، وبادرت شركة الخطوط الملكية المغربية إلى تنظيم رحلات جوية بأسعار رمزية استثناء ابتداء من يوم الأربعاء 2 مارس 2022.
ثم إن ما لا ينبغي أن يغيب عن أذهان أولئك "الطلبة" المعترضين على إدماج هؤلاء الضحايا الأبرياء، هو أن إدارة مكتب الطلبة المغاربة بأوكرانيا صرحت بأن جميع الجامعات هناك في أوكرانيا الجريحة أعلنت عن عطلة استثنائية في ظل ظروف الحرب الطارئة، مما يجعل الطلبة في وضعية عطلة قانونية، وزاد مؤكدا على أنه في إطار البحث عن حلول ملائمة لهم عقد سلسلة من اللقاءات مع عدد من مسؤولي جامعات أوروبية، التي أبدى بعضها موافقته على قبول المتوفرين على بطاقة إقامة أوكرانية، غير أن المشكل المطروح هو تعذر الحصول على أوراقهم...
وفضلا عن ذلك سارعت الوزارة الوصية إلى إحداث منصة إلكترونية يوم الجمعة 4 مارس 2022، وهي المنصة التي خصصت لجرد وإحصاء الطلبة المعنيين وتخصصاتهم في الجامعات الأوكرانية، سعيا منها إلى تبديد مخاوف عائلاتهم وطمأنتهم على استكمال دراساتهم عبر دمجهم في منظومة التعليم العالي بالمغرب، كما ورد على لسان مدير التعليم العالي والتنمية البيداغوجية محمد الطاهري خلال حلوله ضيفا على نشرة الظهيرة بالقناة التلفزية الثانية 2M في 7 مارس 2022، مشددا على ضرورة التدقيق في مستوياتهم الدراسية ومسالكهم وقدراتهم اللغوية، بما من شأنه أن يجعلهم قادرين على مواصلة دراساتهم بأريحية ودون مشاكل. كما أنه أوضح بأن إدماجهم يقتضي دراسة متأنية لملفات الطلبة المسجلين وفق المعطيات المتاحة، ويمكن التواصل مع الجامعات الأوكرانية للتزود بكل ما يلزم من معطيات حول كل ملف على حدة، كما يمكن اعتماد اختبارات تقويمية إذا ما تطلب الأمر ذلك، على أن يؤخذ بعين الاعتبار أمران أساسيان: ترصيد مكتسبات الطلبة المعنيين، وتوفير شروط النجاح لهم بعد إدماجهم...
فمن المؤكد أنه لم يعرف أبدا عن المغاربة عامة والطلبة خاصة مثل هذا السلوك من الأنانية والخسة، بل على العكس من ذلك كانوا دائما سباقين إلى إطلاق مبادرات التضامن والتعاون مع الجميع مغاربة وأجانب على حد سواء، ولاسيما أثناء المحن والشدائد وعند الكوارث الطبيعية والفواجع الإنسانية، التي كانت آخرها فاجعة سقوط الطفل ريان في بئر عميقة، التي حرك فيها المغرب جبلا من أجل إنقاذه. وقد بدا ذلك واضحا كذلك خلال الأزمة الصحية التي فرضها تفشي جائحة "كوفيد -19′′، عندما أبى عاهل البلاد محمد السادس إلا أن يصدر تعليماته السامية بإحداث صندوق خاص لتدبير ومواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للوباء، والذي هب على إثرها المغاربة عن بكرة أبيهم للمساهمة فيه بأريحية. ناهيكم عن اختراعات الطلبة وإطلاق الشباب حملات تضامن واسعة لفائدة الأسر الفقيرة والمتضررة، مباشرة بعد إعلان السلطات العمومية عن الحجر الصحي الشامل وحالة الطوارئ الصحية، وما رافق ذلك من إجراءات احترازية تمثلت في إغلاق الحدود البحرية والجوية والمساجد والمطاعم والمقاهي والأماكن الرياضية والترفيهية وتعليق الدراسة حضوريا وغيرها كثير...
إنه لشيء مخجل حقا أن يأتي الاعتراض على إدماج الطلبة الفارين من جحيم الحرب الروسية الأوكرانية من قبل ثلة من أبناء المغرب في كليات الطب والصيدلة، إذ بماذا يمكن أن يؤذيهم مثل هذا الفعل النبيل، الذي يفترض أن يكونوا هم أيضا ضمن المصفقين له إلى جانب زملائهم الذين باركوا هذه الخطوة الجريئة، لما تحمله معها رسائل إنسانية رفيعة؟ فهنيئا لبناتنا وأبنائنا المدمجين في جامعات وطنهم، مع أصدق متمنياتنا لهم جميعا بالتوفيق والنجاح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.