تلازمتِ الدعوةُ الصادرةُ عن "ندوة زاكورة" إلى "تدريج" لغة التدريسِ في المنظومةِ التعليمية المغربية، مع دعوةٍ أخرى لم تحظَ بكبيرِ اهتمامٍ في النقاش الساري اليوم. ويتعلق الأمرُ بالدعوة إلى تقليص التعليم الديني في المستوى التعليمي الأولي، وتأكيد ربَّان الدعوتين على أن لا يتم في هذا المستوى الاقتصارُ على الجانب الديني "فقط". غير أن التتبع الوئيد لتصريحات "الربانِ" حول هذه النقطة، وما أثارته الدعوةُ الأولى لتدريج لغة التدريس من نقاش، تجعلنا نفهمُ أن ثمةَ علاقةً وشيجةً بين الدعوتين، و أنهما تصدرانِ عن "قراءةٍ" لعلاقة اللغوي بالديني تنسرِبُ بعضُ معالمها بين ثنايا التصريحات والنقاشات، دون أن تُعلن هذه "القراءةُ" عن نفسها بوضوح وجلاء كافيين. إن تلازمَ الدعوتين يُؤكّدُ ما سبق أن أشرنا إليه في مقال سابق ("اللغة العربية بين آفتي التلهيج والتلتين") من كون أحدِ أهم حوافز دعوة "تدريجِ" لغةِ التدريسِ هو اعتبار اللغةِ العربية وعاءً للفكرِ الدينيّ المحافِظ التقليداني، وأنها تلوّنُ ب"قداستِها" المستمدةِ من "قداسة الدين" البُنى الفكريةَ للصغارِ، والتي تُشكل بذورَ المُحافظةِ والتقليدانية في فهم الدينِ التي من شأنها أن تصيرَ مشتلا ممكنا للتشدد والتطرف و العنف الديني. وهذا ما أكده الأستاذ العربي المساري حين أشار إلى ما ذهب إليه البعض بصراحةٍ من أن "الدارجة هي الوسيلة لقطع الطريق على الأصولية" (أنظر مقاله: "الدارجة في التواصل نعم..في التعليم لا" ضمن جريدة "المساء"،ع 1228/28-11-2013). يُظهِرُ هذا الأمرُ ما يحملُهُ بعضُ الفرنكفونيين من تصورٍ مغلوطٍ عن اللغة العربيةِ؛ بحيثُ لا يرون فيها سوى لغةٍ شعائرية تعبدية ماضوية، في حين ترتبط "الحداثة" في متخيلهم بغيرها من اللغات الحية ولاسيما "الفرنسية". إنهم لا يرونَ اللغةَ العربيةَ إلا بجلبابٍ أو عباءةٍ؛ أو منقوشةً على أبوابِ ومحاريب وقباب المساجد والزوايا والمزارات. إنها أيضا، في متخيَّلهم ذاك، لغةُ شواهدِ القبورِ في الجبَّانَات، ولغةُ أصواتِ الأشرطة الصاعقةِ بالمواعظِ والتحذيرات؛ تمتزجُ في مخايلهمْ باللحي المختلفةِ طولا ولوناً، واللباسِ القصيرِ والعطور العتيقة، و أكوام ِالسِّواك وعُودِ الأرك، تُجاورُها عند مداخل المساجدِ رسوماتٌ فاقعةُ الألوان لأغلفة كُتبٍ تُنذِرُ العصاةَ بعذاب القبرِ وأهوالِ الجحيم. هذه الصورة تحجبُ، في متخيل هؤلاء، عربيةَ الجاحظ والمعري ومسكويه والتوحيدي والغزالي وابن رشد وابن عربي وابن الفارض وابن خلدون... وصولاً إلى عربية أحمد شوقي وجبران خليل جبران ومحمود درويش ومحمد بنيس وأدونيس و نجيب محفوظ وعبد الرحمن منيف وعابد الجابري والعروي وطه عبد الرحمن... إلخ. إن الإشكال ها هنا. محاصرةُ الإيديولوجي للغوي. إنه مأزقُ سؤالِ التحديثِ في المجتمعِ الإسلامي، ومأزقُ فهم "معضلة الأصولية"، وحلِّ معادلة "الأصالة والمعاصرة" المستعصية، والتي يرمز تسمي أحد أحزاب مشهدنا السياسي باسمها إلى وعي بالإشكال، لكن دونَ امتلاك رؤيةٍ فكرية عميقةٍ كفيلة بصياغة أجوبة ملائمة لفكِّ مناطات هذه المعادلة في السياق المغربي الراهن. إحراجاتُ دعوتَي "ندوة زاكورة" ناجمةٌ عن كونهما مرتَجلتيْن، ولا تحملانِ في ثناياهما عمقا تفكيريا في الإشكالات العديدة التي تطرحانها؛ لأنهما لم تُبنيا على استقصاء كافٍ للمقترحات والرؤى، ولا على دراساتٍ وافية لأطياف الواقع ومعطياته الإحصائية، ولا على مناقشةِ واسعةٍ لمقاربات سالفةٍ لذات القضايا، ولا على إشراكٍ ل"مفكرين" و"باحثين" و"خبراء" مختلفي المشارب نذروا حيواتهم لفحص مثل هذه الإشكالات، ولا على اعتبارٍ حَقيقٍ للتجارب والمقررات والوثائق ذات الصلة بالموضوع. إنها نماذجُ لأوراشٍ كان على مراكزِ الدراسات والأبحاث والجامعات المغربية و مؤسسات المجتمع المدني أن تنخرطَ فيها، قبل إطلاق "المقترحات" وتعميم النقاش فيها، ليليها في الختامِ رفعُ التوصياتِ المتفق في شأنها إلى الدوائر العليا وصناعِ القرار. وإذا كان للدعوتين من ميزةٍ فهي أنهما أخرجتا للعلنِ بعضَ ما تمُوج به "الصالونات الباذخة الخاصة" التي تُخطط لمستقبل المغرب من جهة، ثم أنهما أطلقتا، من جهة ثانية، نقاشاً عاما نفيسا حول المنظومة التربويةِ المغربية؛ وإن كان هذا النقاشُ في مسيسِ الحاجةِ إلى ترشيد في الآليات والأسلوب. وقد يكونُ بروزُ أدوائه وأعطابهِ وتكشُّفُها خَطوا أوليا على طريقِ الترشيد. و مواصلةً لهذا النقاشِ، ها هنا ملاحظاتٌ أراها ضروريةً لإضاءة مآزقِ الدعوة الثانية المتعلقةِ بتقليص التعليم الديني في المستوى التعليمي الأولي. 1- إن المماهاةَ بينَ اللغةِ العربيةِ والقداسةِ الدينية المشارِ إليها آنفاً داحضةٌ ولا سند راسخَ لها من الواقع أو الدرس اللغوي؛ ذلك أن العربيةَ وُجدَت قبل الإسلام كما تشهدُ على ذلك خُطبُ الكهان ومُعلقات "الجاهليين" و"مأثوراتُ العرب قبل الإسلام؛ أضف إلى ذلك أن اللغةَ العربيةَ قد تفجرت جماليتُها كلغةٍ في النص القرآني المُعجِزِ، وأن هذا النصَّ العظيمَ كان منبعًا لعلومٍ شرعية دينيةٍ ولمعارفَ أخرى قد يكونُ منطلقُها أو الحافزُ عليها دينياً؛ لكن آفاقَها راحتْ، وبوحيٍ منَ النصِّ القرآني نفسهِ، تسبحُ في الدنيويةِ وتُترجمُ الأبعادَ المختلفة للوجود البشري. فعلومُ اللغةِ والبلاغةِ وصناعةِ الشعر، وعلومُ الفلك والطب والجبر والهندسة والجغرافية وغيرها مما برعَ فيه العربُ وأفادوا به الإنسانيةَ وشكلوا به رافداً رئيساً للنهضة في الضفة الشمالية للمتوسط أكبرُ شاهد على ذلك. زد على هذا أنَّ التراثَ الفلسفي اليوناني قد توطَّن في اللغة العربية، وأسهم في بلورتِه وتطويرِهِ الفلاسفةُ المسلمون باللغة العربية قبل أن يَنتقِلَ بفضلهم للشمالِ، ولم تكُنْ قداستُها المزعومةُ مانعةً لهم من الابتكار في العلوم العقلية والمعارف الفلسفية، مثلمَا لم تكُنْ مانعةً لحملِ العربيةِ لإبداعِ شعراءِ الصعلكةِ والخمرياتِ والغزلِ العُذري والفاحشِ بالأنثى والمذكر..و غيرِهَا مما لا يرتبط بالمقدس. ذلك أن اللغة حاضنةٌ لسِجِلات لغويةٍ ما تفتأ تتعدد وتتكاثر وتتطور بحسب استعمالِ وتطور المتكلمينَ والمفكرينَ والمبدعين بتلك اللغة، ومن ثمَّ يتوسعُ مجالُ التفكيرِ بتلك اللغة على قدرِ تحرُّرِ وتطورِ أهلهَا. 2- إذا تأكد هذا الاستنتاجُ من كون القداسةِ في اللغةِ لا تمنعُ الاستعمالاتِ المختلفةِ لها في مختلف الحقول الدنيوية وبمختلفِ الأشكالِ، وأن هذا الاستعمالَ مرتبطٌ بمدى إبداعية المستعملينَ لا بموانعَ ذاتيةٍ من القداسة في اللغةِ، إذ المُقدسُ هو اللغةُ القرآنيةُ لا اللغةُ العربيةُ بإطلاقٍ، والتي يعتريهَا من النقصِ و"الدَّنسِ" والتخلفِ والازدهارِ ما يعتري البشرَ المستعمِلَ لها؛ إذا تأكد لنا هذا، فإن اللغة العربيةَ لا تُصبحُ حينئذٍ عائقاً أمامَ التحديثِ بوجه عامٍ، وتحديثِ التعليمِ الدينيِّ في المستوى التعليمِي الأولِيِّ هنا بوجه خاص. لكن الأمرَ الرئيسَ المسكوتَ عنه، والمُتَلَكَّأُ في طرحِهِ صراحةً في اقتراحِ "ندوة زاكورةَ"، هو أننا إزاءَ دعوةٍ غير صريحةٍ إلى "علمنَة" التعليمِ الأولي نوعاً من "العلمنةِ"، وذلك للأسبابِ عينِهَا التي دفعتْ إلى اقتراحِ تدريجِ لغةِ التدريسِ (أنظرمثلا حوار نورالدين عيوش في « MAROC HEBDO » , N° 1048 - Du 22 au 28 Novembre 2013, p21.). دعوةٌ لم تُفصِحْ بوضوحٍ عن نفسِها لحساسيةِ مثلِ هذا الطرحِ في سياق الحضورِ النشطِ للإسلام السياسي في راهنِ المجتمعات الإسلاميةِ من جهةٍ، وتَصدُّرِ حزبٍ ذي مرجعية إسلامية للمشهد الحكومي المغربي من جهة ثانيةٍ، ولحساسيةِ هذا الطرحِ المضاعَفةِ ضمنَ نسقٍ سياسيٍّ تجتمعُ في قمتِّهِ صفتا رئَاسةِ الدولةِ وإمارةِ المؤمنين من جهة ثالثةٍ. إن هذه الحساسية هي التي جعلت الدعوةَ "الزاكوريةَ" تبدو مُتردِّدةً؛ لأنها لم تَحسِمْ في بعضِ الخياراتِ الاستراتيجيةِ لمثلِ هذا الطرحِ لا فكرياً ولا سياسياً. لقد تحاشت هذه الدعوةُ الاستعمالَ الصريح لمصطلحِ "العلمانية" - وإن كانت بعض الإشاراتِ تستحضرُه بنوع من الحذر-، وهو أمرٌ مفهومٌ في سياقنا الموصوفِ آنفاً؛ إذ من شأن الاستعمالِ الصريح لهذا المصطلحِ في سياق إيديولوجي ملتهبٍ أن يثيرَ سوءَ تفاهماتٍ شتى؛ خصوصا، وأن الناس في فهمه أيضا على مذاهب شتى. غير أن ما نسجله هو أن هذه الدعوةَ، ومهما كانت احتياطاتُهَا في أسلوبِ الطرحِ، يحولُ دونها الفكرُ والسياقُ لا اللغةُ، و أن هذه الأخيرةَ لا يُمكنُ أن تمنعَ أي دعوةٍ "تحديثية" بدعوى حملِ اللغةِ العربيةِ للنص المقدسِ، مثلما لم يمنع هذا الحملُ اللغةَ العربيةَ الحديثةَ من أن تتكلم الفلسفةَ والعلومَ الإنسانية والآدابَ العصرية والإعلامَ و غيرها من المعارفِ الحديثةِ بكفاءة. ولئن بدا في هذه اللغة اليومَ بعضُ القصورِ فبفعلِ تقصيرِ أهلها في الدفع بإبداعيتها في هذه الحقول إلى الأقاصي، خصوصا تقصيرَهم في الترجمةِ؛ والتي يبدو أنها بدأت تنحت أفقاً واعداً عبر بعض المؤسسات الخليجية كما ألمح لذلك ذ. العروي في حواره الأخير(أنظر: "الأحداث المغربية"، ج 5 من الحوار، ع 25-11-2013م). وهو ما يعني أن توسيعَ تحديثِ اللغةِ واردٌ من خلال توسيع إمكانات التفكيرِ بها في الفلسفة والعلوم الإنسانية الحديثة والعلوم المختلفة، وذلك عبر توسيع ترجمةِ المعارف الحديثةِ ضمنَ مخطط استراتيجي يُطلق ما يشبهُ "بيت حكمة" جديدٍ، من شأنه أن يعطي ولادة جديدة للغة العربية في العصر الحديث. وهو الأفق الذي يجعلُ من تفسيرِ تعذر التحديث في التعليم الأولي بقداسة العربيةِ وتمنعها على التحديث أمراً متهافتاً. ومن ثم، ومثلما لم تلغ قداسةُ اللغة القرآنية إمكاناتِ العربية في التفكير الفلسفي والآداب المختلفة في ماضي العربية، فكذلك يمكن أن تجمعَ العربيةُ اليوم- كما تدل ذلك الشواهد المشار إليها آنفا- بين قداسةِ اللغة الدينية، وحريةِ التفكير بهذه اللغةِ في مختلف الأسئلة والقضايا والعلوم ذات الانشغالِ العقلي والدنيوي. على أن الحدود بين النقلي والعقلي؛ بين الديني والدنيوي هي دوماً متحركةٌ بحسب تطور اللغة ومناطات التفكير بها وفيها. غير أن ما يحولُ دون اعتمادِ هذا المنحى، هو أن الدعوةَ لتدريج لغةِ التدريس تنطلقُ من عطبٍ حقيقيٍّ عنوانه إفلاسُ منظومتنا التعليمية، لكنها تختارُ مدخلا مغلوطا حين تُحَمِّل العربيةَ وزرَ هذا الإفلاسِ. كما تنطلقُ الدعوةُ لتقليص التعليم الديني في المستوى التعليمي الأولي من تقليدانية التعليم الديني في منظومتنا، لكنهَا تُخطئ المدخلَ أيضاً حين تعتبرُ قداسةَ اللغةِ هي حاميةُ هذه التقليدانية، وأنها مانعةٌ من تحديثِ وتطوير الجانب الديني في هذا التعليم. في حين أن سؤال التعليم الديني في مغربنا، وبمختلف مستوياته، شائكٌ للغاية؛ إذ رغم ما بُذل فيه من مجهود من أجلِ التطوير والتحيين والتحسين، ما زالَ يتطلبُ عملا كبيرا أساسهُ الاجتهادُ من أجل تجديد فهم الدين في ثقافتنا قبل تحديث تلقينِه في مدارسنا وثانوياتنا وكلياتنا؛ اجتهادٌ يضمنُ تحصيلَ معرفة إسلاميةٍ متينةٍ وإيمانيةٍ عميقة، لكنها في ذات الوقت معرفةٌ عقلانية ومنفتحة على قضايا وأسئلة العصر وقيمَه (تكريم الإنسان بما هو إنسان، التسامح؛ حرية الاعتقاد؛ الانفتاح على الآخر، القبول بشرعية الاختلاف؛ حرية البحث والتفكير والتعبير؛...). ويكفي، في هذا السياق، تذكُّرُ ما أُثيرَ من صخبٍ حولَ مبادرةٍ سابقة لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية من أجل إصلاحِ وتطويرِ مناهجِ التكوين في دار الحديث الحسنية، والنظرُ في التردي الفظيعِ للمستوى العِلمي لبعض شُعب الدراسات الإسلامية بكلياتنا المغربيةِ بشهادة بعض أساتذتها وخريجيها، وكذا استحضارُ طبيعةِ التكوين الديني المحصَّلِ في كثيرٍ من دور القرآن- والتي يُشكل التوتر الدائم معها مؤشرا على الالتباس الواقع في فهم وظيفتها وعلاقتها بما يعرف ب"التدين المغربي"-؛ يكفي استدعاءُ هذه النماذج لنعلمَ أن مشكلةَ التعليمِ الدينيِّ مردُّها إلى الأفقِِ الاجتهادي المحدودِ لفهمنا السائد للدينِ أولا، وإلى أساليبنَا التقليدانية في التعاملِ مع علومِه وتدريسِها ثانياً، ثم إلى القطيعة الحاصلةِ بين تلكَ الأساليبِ وبين روحِ الإبداعِ التي حركتْ إنتاجَ تلك العلومِ ثالثاً؛ ثم إلى القطيعة الأخرى الحاصلةِ بين تلك الأساليب وبين التطورات الحديثة الحاصلة في علوم الإنسان والمجتمع رابعا، فضلاً عن طغيان التعاطي الإيديولوجي مع أسئلة المعرفة الدينية على التعاطي العلمي والأكاديمي معها. وهو واقع لا سبيلَ إلى تجاوزِهِ بغير مواصلةِ تحديث اللغة العربيةِ ذاتِها، وإعمالِ التجديد والتحديث في العلوم المعتبرَة شرعيةً، وفي أساليب ومناهج التعليم الديني بوجه عامٍ، و العمل على صياغة اجتهادات جديدة وحديثة في فهم الدين تسائلُ الفهم التقليداني من داخل اللغة العربيةِ وتجدِّدُه. وخلاصةُ الأمرِ أن مؤسسة "زاكورة" قد وضعتِ اليدَ على مشكلٍ عويص يَرهن مستقبلَ تعليمنَا، لكنها أساءت القراءةَ فأخطأتِ الحل؛ ذلك أن مسارَ الإصلاحِ اللغوي في التعليمِ يبدأ أساساً بتحديثِ اللغة العربية لا بتهميشها، والتعاملَ مع التصور التقليداني للتعليم الديني لا يقتضي إقصاءه بقدر ما يستلزمُ اجتهاداً مُجدِّدا لفهم الدين ولوظائفه في حياة المسلمِ المعاصرِ ضمنَ السياق المغربي؛ اجتهادٌ يرومُ صياغةَ رؤيةٍ إيمانية تمنح روحاً حديثة وأكثر انفتاحاً للتدينِ المغربي؛ و هي رؤيةٌ لم تتبلور بعدُ بما يكفي من العمق المعرفي؛ لأنَّ مثل هذا الأفقِِ مشروعُ أمةٍ، وليس حلاًّ لمشكلٍ جزئي لغوي موضعي.