أيدت الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف بالرباط، الخميس الماضي ، الحكم الابتدائي المستأنف الصادر في حق مدير جريدة "المساء"، والقاضي بأدائه تعويضا مدنيا إجماليا قدره ستة ملايين درهم (حوالي 600 مليون سنتيم) لفائدة أربعة نواب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالقصر الكبير. وأيدت الغرفة نفسها الحكم الابتدائي في شقه المتعلق بأداء الغرامة لفائدة الخزينة العامة المقدرة في 120 ألف درهم. "" الواضح أن محكمة الاستئناف أرادت بحكمها هذا تحويل تهمة "القذف والسب العلني"، إلى إدانة ملموسة، مع أنه كان بالإمكان التعامل مع هذه التهمة بطرق أكثر لباقة، خاصة أن الأمر يتعلق بجنحة النشر. فرفع الضرر في جنحة "النشر" لا يستدعي بالضرورة الحكم بالسجن النافذ أو تحديد تعويض مالي تعجيزي يستهدف وجود المؤسسة الإعلامية، في حالة ارتكابها خطأ يصفه القانون ب"القذف" و"السب العلني" و"نشر أخبار زائفة". ففي حالة "المساء" كان يكفي الحكم بالإدانة دون ربطه بأداء غرامة مالية خيالية، الحكم بالإدانة فقط، وقد وصل صداه إلى الرأي العام، في حالة تمسك المشتكين بضرورة رد الاعتبار إليهم، لأنهم تضرروا من نشر معلومات تنسب إلى أحدهم دون ذكر اسمه حضور حفل زفاف الشواذ بمدينة القصر الكبير. لا شك أن هناك قضاة كبار استغربوا للحكم الابتدائي، وسيستغربون للحكم الاستئنافي. ولا شك أيضا أن رجال القانون والحقوقيين سيلاحظون أن هذا الحكم ركز أساسا على صفة المشتكي أو المشتكين (نائب أو نواب وكيل الملك)، بالشكل الذي وردت في مقال جريدة "المساء" موضوع دعوى القذف، وهذه الصفة تخص مؤسسة قائمة الذات، وهي مؤسسة "النيابة العامة"، التي تعتبر ممثلة للحق العام وسلطة الاتهام وممثلة للمجتمع أيضا، علاوة على مكانة الصفة الملتصقة بالوكيل أو نائبه. ويبدو أن هذه المؤسسة أصرت على أن تأخذ هذه القضية المجرى الذي انتهى بإصدار مثل هذا الحكم. فلو أُخذت هذه النازلة على أساس أن طرفيها، مدعى عليها ارتكبت جنحة "النشر"، وأن المشتكين مواطنون اعتبروا أنفسهم متضررين، لحضرت لباقة وعفة وليونة القضاء تجاه جنح "النشر". نخشى من لعبة "ليّ الذراع"، خاصة في غياب سوء النية لدى مرتكبي جنحة "النشر". عمود فيها إن للحسين يزي بجريدة الصباحية