اعتبر مصطفى المنوزي، الناشط الحقوقي، رئيس "المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف"، أن أبرز التحديات التي تواجه السلطات المغربية على مستوى ملف حقوق الإنسان هو "عدم تكرار انتهاكات حقوق الإنسان" التي وقعت في الماضي. وفي حوار مع وكالة الأناضول، أضاف المنوزي أن "مكتسبات الحراك الشعبي" الاحتجاجي التي عرفها المغرب ما تزال تحتاج إلى ترجمتها إلى نصوص تشريعية لحماية حقوق الإنسان ومنع تكرار أي انتهاكات لها. ودعا الناشط الحقوقي المغربي سلطات بلاده إلى المبادرة بالمصادقة على عدد من الاتفاقيات الدولية التي تؤمن الحماية لحقوق الإنسان، وتساهم في إحداث قطيعة مع انتهاكات الماضي، إلى جانب توفير "مراقبة حقوقية " تمنع تكرار انتهاكات حقوق الإنسان. وفيما يلي نص الحوار: * ماهي المؤشرات التي تستندون إليها كهيئات حقوقية لمراقبة تطور حقوق الإنسان في المغرب، وتقييم مدى تحقيق تقدم في هذا الصدد ؟ - نركز في المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، بشكل أساسي، على مؤشرات القطيعة مع الماضي، وكذا مراقبة تكرار أو عدم تكرار انتهاكات حقوق الإنسان، كما يرتبط رصدنا لتسجيل الخروقات بمدى وجود حكامة (إحكام) أمنية، وأمن قضائي، ومدى قطيعة السلطات مع بعض السلوكيات (أي التوقف عنها). والمغرب عرف خلال السنوات الأخيرة، ومع بداية الربيع العربي، حراكا اجتماعيا أخرج التعبير (عن الرأي) من المجال السياسي المغلق إلى الفضاء العمومي، فخروج الشباب إلى الشارع واحتكاكهم برجال الشرطة، أظهر أنه ما يزال لدى رجال السلطة والقوى الأمنية "تمثل سلبي" لاستعمال القوة. وأشدد على أن استعمال القوة والتعذيب كلما تراكم تحول إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، ونحن نحذر من تكرار كل المؤشرات والمظاهر التي من شأنها أن تعيد ماضي الانتهاكات حقوق الإنسان إلى البلاد. * المغرب انتخب الأسبوع الماضي عضوا جديدا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، هل ستنعكس هذه العضوية الأممية إيجابا على وضعية حقوق الإنسان في البلاد؟ - نتعامل مع هذا الانتخاب بشكل إيجابي، ونعتبر أنوجود المغرب في مؤسسة أممية لحقوق الإنسان هو مكسب للبلاد، فهويمثل تمرينا للمغرب على المقاربة الحقوقية أمميا، وأرى أن وجود المغرب عضوا في مجلس حقوق الإنسان هو ضبط له (المغرب) ورصد أممي للوضعية الحقوقية داخله، ما سيدفع الفاعلين السياسيين والحقوقيين إلى ممارسة رقابة ذاتية، ونتعامل مع هذا الموضوع باعتباره لا يشكل صك براءة للمغرب، وأيضا ليس باعتباره نوعا من التسويق السلبي للمغرب في الخارج . * المغرب قام بتجربة في العدالة الانتقالية من خلال تشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة عام 2003 لجبر الضرر لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان منذ استقلال المغرب إلى حدود عام 1999 (سنة وفاة الملك المغربي الحسن الثاني) هل يمكن أن تعتبر هذه التجربة نموذجا لدول أخرى في الجوار العربي؟ - المغرب تميز على الصعيد الحقوقي، وراكم نضالات لعقود من الزمن بفضل الحقوقيين والسياسيين الديمقراطيين، وتجربة العدالة الانتقالية التي عرفها المغرب من خلال هيئة الانصاف والمصالحة متميزة. ولكن العدالة الانتقالية لا ترتبط بنموذج معين، بل هي نتاج مجموعة من الديناميات الخاصة، فلكل بلد خصوصيته، وحتى في المغرب ما تزال هناك مشاكل، خاصة عندما يتعلق الأمر بتنفيذ بعض توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، كالمساءلة وجبر الضرر الجماعي، وما زالت توصيات هذه الهيئة تحتاج إلى جهود على مستوى التفعيل. وعلى مستوى الشق السياسي مثلا لا تزال الحكومة لم تدخل بعد في سياق فرض مخطط تشريعي يتعلق بحقوق الإنسان. * مايزال العشرات من ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المغرب يخوضون اعتصامات للمطالبة بتعويضهم ماديا وجبر الضرر لهم، ما هي المشاكل التي تعوق تنفيذ تلك التوصيات؟ - تنفيذ توصيات هيئة الانصاف والمصالحة ينبغي أن يصير مجتمعيا، ورغم القرار بدسترة توصياتها وأمر العاهل المغربي الملك محمد السادس بتنفيذها، لكن ما زالت الكثير من بنودها لم تفعل، سواء على مستوى الحكامة الأمنية، والأمن القضائي، وكذلك المصادقة على عدد من الاتفاقيات الدولية، كما أنه من الضروري التفكير في إحداث صندوق لجبر الضرر المستدام؛ لأن المقاربة التعويضية أعلنت عن فشلها. كما سيدعو المنتدى خلال المؤتمر الوطني الرابع إلى إخراج "الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب"، لتساهم في الرقابة الحقوقية المدنية المشتركة مع الدولة، لتفادي تكرار انتهاكات الماضي. *وكالة أنباء الأناضول