معلوم أن المغاربة دأبوا في كل المحطات الكروية قبل عهد تبون وشنقريحة، ورغم كل الخلافات السياسية، على تشجيع الفريق الجزائري، والفرح لانتصاراته والحزن لانهزاماته، والأمر نفسه مع الفريق التونسي والمصري، متى لعبوا مع فرق أجنبية، وقد كان لهذا التشجيع المغربي المغاربي والعربي الدور الكبير في الإعلاء من شأن كثير من المعلقين، المغتربين والعرب، وفي طليعتهم المعلق الجزائري حفيظ دراجي، الذي رفعت الجماهير المغربية والمغاربية من أسهمه في سوق التعليق الرياضي، لكثرة مطالبتها به في المقاهي، حتى غدا من أعمدة أكبر قناة رياضية عربية. أما اليوم فإن الجماهير المغربية بل والعربية، قد بدأت تحيد عن إعجابها بهذا المعلق الذي كان مخبوءا وراء لسان المعلق قبل أن يتحور إلى فيروس ناهق حين اختار أن يرتفع نحو الأسفل، وينزل إلى الحضيض، الذي بموجبه انتقل من طور التعليق إلى طور النهيق، وقدا بدا واضحا للعيان منذ كأس العرب التي جرت بقطر، أن حفيظ دراجي خرج من دائرة التعليق الواقعي والمحايد إلى دائرة النهيق الحماري، ما دام هذا الصوت كما ثبت بالنص القرآني من أنكر الأصوات. ويتجلى نهيق، وشذوذ تعليقات الدراجي على سبيل التمثيل لا الحصر من خلال المباراة التي جمعت منتخب الجزائر بمنتخب الكوت ديفوار، حيث اعتمد أسلوبا سفسطائيا مغالطا في التعليق على المباراة، ومنحى تبريريا مضحكا عند تبرير الأخطاء التي ارتكبها فريق بلاده، وتسييس المباراة باستعارة لسان كابرانات الجزائر واتهام المغاربة وإقحامهم في مباراة هم فيها مجرد مشاهدين متفرجين، واعتبارهم السبب الرئيسي في الهزائم النكراء التي لحقت المنتخب الجزائري بالكاميرون، بل وصلت به الوقاحة إلى حد السب والتهجم، واستغلال منبر إعلامي عالمي للتنفيس عن أمراضه وأحقاده على المغاربة الذين بدل أن يبادلهم التقدير والاحترام، -على ما فعلوه معه حين كان ضيفهم- ناصبهم العداء بدون موجب حق. من هنا، وبناء على ما سبق، يحق لنا أن نقول: إن حفيظ دراجي قد دخل مرحلة الأفول الرياضي، حين خرج عن الحياد الرياضي الذي يقتضيه التعليق، وكشف عن صوته النشاز وشذوذه الفكري الذي أخفاه زمنا وراء بحة صوته الجهوري حين كان فعلا يمارس التعليق لا النهيق. وختاما أقول (إكرام الميت دفنه) ومباراة اليوم خير شاهد على أن الدراجي قد مات رياضيا وخرج من قلوب كثير من محبيه القدامى، وعلى المنبر الذي يوظفه أن يلجم لسانه السفسطائي المسيس المغالط وإخماد نيران أحقاده المجانية، التي ينفثها عبر الشاشات.