سيكون على حكومة عبد الإله بنكيران أن تبذل جُهدا كبيرا لإقناع الفرقاء الاجتماعيين بمضامين مشروع قانون المالية لسنة 2014؛ ففي الندوة الفكرية التي نظمتها المنظمة الديمقراطية للشغل، صباح اليوم بالرباط، تحت عنوان "أية معادلة للاستقرار الاجتماعي بالمغرب"، قال الكاتب العامّ للمنظمة، إنّ مشروع قانون المالية لسنة 2014، إذا صودق عليه من طرف البرلمان، كما أعدّته الحكومة، "سيكون كارثة على الوضع المعيشي والقدرة الشرائية للمغاربة". ووصف لطفي مشروع قانون المالية للسنة القادمة بأنّه "مشروع موازنة لتدبير الأزمة على حساب الطبقات الفقيرة والمتوسطة والطبقة العاملة"، وعدّد عِلاّت المشروع في افتقار الحكومة إلى مشروع مجتمعي ورؤية واضحة تعطي الأولوية لضمان العدالة الاجتماعية وتوزيع ثمار النموّ، مضيفا أنّ المشروع خالٍ من أي توضيح للسياسات الاقتصادية والمالية للحكومة، والمرتكزات التي استندت إليها التوقعات، سواء بالنسبة للإدارات أو النفقات. من المؤاخذات الأخرى، التي أبدتها المنظمة الديمقراطية للشغل على مشروع قانون المالية لسنة 2014، اعتماد منهجية تقليدية مبنية على القانون التنظيمي للمالية، أو ما يعرف ب"الموازنة التقليدية"، التي تتضمّن مجموع النفقات، والواردات التي ستجنيها الدولة من خلال الضرائب والرسوم، دون تفاصيل، حيث اعتبرت المنظمة هذه المنهجية بأنها "منهجية متجاوزة"، كما انتقدت "ضبابية المشروع في التعاطي مع الاشكاليات والاختلالات الاقتصادية وغياب التنسيق بين مكوّناتها حتى على مستوى سياسة المخططات". وعلى الرغم من أن وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد، كان قد صرّح قبل أيام في البرلمان بأنّ مشروع قانون المالية للسنة القادمة لم يكن بإملاءات من البنك الدولي، بل كانت هناك "توجيهات" فقط، إلا انّ الكاتب العامّ للمنظمة الديمقراطية للشغل ألحّ على أنّ المشروع جاء نتيجة إملاءات صندوق النقد الدولي، قائلا "هذه السياسة مُمْلاة من طرف المؤسسات الدولية، ثمّ إننا لا نفهم أصلا ما الفرق بين الإملاءات والتوجيهات التي تحدث عنها وزير الاقتصاد والمالية". واستدلّ علي لطفي، بكون مشروع قانون المالية، يعتبر الأكثر تقشفا في تاريخ المغرب، معتبرا أنّ ذلك كان نتاج إملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين، وهو ما يطرح، على حدّ تعبيره، مسألة القرار السيادي للمغرب، و "يضعه بين مزدوجتين". "وبما أننا لا نقوم بتحليل مضامين مشروع قانون المالية فقط، يقول علي لطفي، فإننا نتقدم بمقترحات لتعديل مشروع القانون"، وتتجلّى أهمّ المقترحات التي تقدمت بها المنظمة الديمقراطية للشغل في الرفع من مناصب الشغل إلى 30 ألف منصب، تخصص 30 بالمائة منها للأطر العليا المعطلة، المشمولة بالمرسوم الوزاري ومحضر 20 يوليوز 2011، والرفع من عدد مناصب الشغل المخصص للتعليم بأسلاكه الثلاثة، مع الرفع من مناصب المخصصة للتعليم العالي من 300 منصب إلى 600 منصب أستاذ في مختلف التخصصات. وفي مجال إصلاح نظام التقاعد، دعت المنظمة إلى تعميم التقاعد، وإجباريته على كل الأجراء، على غرار نظام التأمين عن المرض، مع حصْره في قطبين اثنين، عامّ وخاص، في أفق توحيدهما، واعتماد آخر أجرة لاحتساب المعاش، وإعفاء المتقاعدين من الضريبة على الدخل والزيادة في معاشات المتقاعدين ودوي حقوقهم.