لم يعد المشتبه في انتمائهم إلى جماعات إرهابية وحدهم من يقف شعر رأسهم عند سماع الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بل حتى رجال الأعمال والسياسيين وكبار رجال الأمن والإدارة، بعد أن أصبح لهذا الجهاز صلاحايات واسعة تخول له حتى النبش فيما هو سياسي. "" وهذا ما حدث، أخيرا، إذ فتحت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحقيقا معمقا مع عدد من المواطنين والمسؤولين في مدينة السياحية مراكش الحمراء، حيث فشل مرشح حزب "الأصالة والمعاصرة"، الذي يضم في صفوفه الوزير المنتدب السابق في الداخلية، فؤاد عالي الهمة، في الظفر بمقعد في الانتخابات الجزئية، أمام مرشح الاتحاد الدستوري عبد الله الرفوش، المعروف باسم "ولد العروسية". وتأتي هذه المهمة الجديدة لتنضاف إلى سلسلة من التحقيقات الحساسة التي قادها عناصر هذا الجهاز، الذي خرج ، بداية التسعينات، من رحم فرقة العمليات الخاصة التي كانت يد "الكاب 1". ولم يعد هذا الجهاز، الذي وضع له إطار قانوني، أقوى فقرة في العمود الفقري بالجسم الأمني إلا في عهد الجنرال حميدو لعنيكري، المدير السابق للأمن الوطني، الذي حاول استنساخ مجموعة من التجارب الأمنية الأميركية بالمغرب، في مقدمتها مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آى" وشرطة القرب "كيس". وبدأ هذا الحلم يتجسد على أرض الواقع، بعد اعتداءات 16 ماي الإرهابية في الدارالبيضاء، إذ منحت صلاحيات واسعة لهذا الجهاز بهدف تعقب المشتبه بانتمائهم إلى جماعات المتطرفة وإحباط المخططات الإرهابية في مهدها. يستفيد عناصر الفرقة الوطنية من دورات تكوينية وتدريبة مستمرة، إذ في أكثر من مناسبة توجهت مجموعة من عناصر الفرقة إلى الولاياتالمتحدة الأميركية للاستفادة من دورات تدريبية على يد "إف بي آي"، فيما يخص جمع المعلومات وتقنيات الاستجواب واستخدام الأجهزة المتطورة. كما ينتقل ضباط من أميركا إلى المغرب لإخضاع عناصر الفرقة لدورات تكوينية، والأمر نفسه بالنسبة للأجهزة الأمنية الفرنسية والإسبانية. وسبق روبير مولير، رئيس التحقيقات الفيدرالي الأميركي، أن قام بحوالي 3 زيارات إلى المغرب، في حين تكلف مسؤولي الفرقة بمجموعة من الإنابات القضائية في بريطانيا وفرنسا وإسبانيا وموريتانيا وغيرها. كما أن محققيها شاركوا في تحقيقات تتعلق بملفات الإرهاب خارج التراب الوطني، كما هو الحال بالنسبة إلى الأعمال الإرهابية الأخيرة التي عرفتها موريتانيا، فيما يتسلمون سنويا، في إطار التعاون مع الأجهزة الأمنية الأجنبية، عشرات المغاربة الذين اعتقلوا لارتباطهم بجماعات إرهابية دولية أو مبحوث عنهم في اعتداءات الدارالبيضاء. ومنذ سنة 2005 اقتحم "الجنس الناعم" مكاتب الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، إذ تشير مصادر أمنية متطابقة إلى أن أزيد من 14 أمراة تعملن بالمقر العام في الدارالبيضاء، غير أنهن لم يكتب لهن المشاركة في عملية اقتحام ميدانية بسبب المخاطر التي قد تهدد حياتهن. وتضطلع هؤلاء النساء، منهن ضابطات ومفتشات، بمهام إدارية تتعلق أغلبها بتحرير المحاضر، في حين يكتب لعدد قليل منهم المشاركة في التحقيقات وتفتيش المتهمات، كما يشاركن في عمليات الاستجواب. وتشير مصادر بالفرقة إلى أنه سيجري تعزيز هذا الجهاز بعناصر نسائية جديدة بعد أن أعطت التجربة الحالية ثمارها، إذ كانت لتحرياتهم دور كبير في إسقاط مجموعة من المتهمات بالإرهاب. وكان هذا الجهاز، خلال السنة الجارية، أمام امتحان صعب، يتمثل في فك شيفرات أكثر الخلايا تعقيدا، يتعلق الأمر بشبكة عبد القادر بليرج المفترضة، التي اتهمت بالتخطيط لاختراق مؤسسات الدولة والأحزاب والمجتمع المدني واغتيال شخصيات مغربية وازنة، من بينهم منواطنون يعتنقون الديانة اليهودية. وتمكنت الفرقة من إماطة اللثام عن مجموعة من الألغاز التي كانت تحيط بهذا الملف المتشعب، على الرغم من أنها المرة الأولى التي تصادف فيها هذا النوع من المخططات الخطيرة، وطبيعة الأشخاص المشاركة فيها.