افتتحت الدورة البرلمانية الجديدة، وهي الأولى من السنة التشريعية الثالثة للولاية التاسعة، وسط جدل دستوري وفقهي حول مجموعة من الاشكاليات، منها ما يتعلق بالملائمة بين النظامين الداخليين لكل من مجلسي النواب والمستشارين، والتنصيب البرلماني للحكومة الذي طالبت به فرق المعارضة بالإضافة إلى هيكلة المجلس التي مازالت تحمل العديد من الملاحظات. وسجل العديد من الملاحظين أن عدم التنسيق بين مجلسي البرلمان أدى إلى أزمة نتيجة لعدم تنازل مجلس المستشارين عن حقه في عقد جلساته المخصصة للأسئلة الشفوية يوم الثلاثاء ابتداء من الساعة الثانية والنصف وهو نفس اليوم الذي اختاره مجلس النواب وكان يرغب في عقد جلساته بالأسبقية ابتداء من التوقيت المذكور، لكن إصرار مجلس المستشارين حال دون طموح مجلس النواب الذي اضطر الى عقد جلساته ابتداء من الحادية عشر صباحا. من جهة ثانية فإن تشكيل حكومة بنكيران في نسختها الثانية لازالت تثير النقاش حول مجموعة من القضايا منها قضية التنصيب البرلماني بما يفرضه ذلك من ضرورة عرض رئيس الحكومة لبرنامج حكومي جديد على البرلمان تنتهي مناقشته بمنح مجلس النواب الثقة للحكومة وهو المطلب الذي رفعته فرق المعارضة واحتجت من خلاله على الحكومة عشية الأربعاء الماضي بمناسبة عرض وزير الاقتصاد والمالية لمشروع القانون المالي لسنة 2014. من جهة أخرى يرى نواب الأغلبية أن الأمر لا يتعلق بحكومة جديدة بقدرما يتعلق بتعديل حكومي لا يبرر المطالبة بتنصيب برلماني جديد للحكومة، وفي هذا السياق يرى العديد من النواب "أن ظهير تعيين أعضاء الحكومة يحسم في النقاش حول هذا الموضوع، كما أن ترأس جلالة الملك لمجلس الوزراء يؤكد بما لا يدع مجالا للشك دستورية الحكومة و عدم حاجتها لتنصيب برلماني، و قد لاحظ نفس المتحدث أنه يستحسن تقديم رئيس الحكومة فيما بعد لأولويات حكومته أمام البرلمان دون أن تعقب مناقشتها تصويت". إلى ذلك طفى النقاش حول مآل منصب رئيس مجلس النواب على السطح وذلك بعدما تخلى الفريق الاستقلالي الذي ينتمي إليه كريم غلاب عن الأغلبية وانضم إلى المعارضة، ونفس السؤال يطرح حول مصير رئاسة لجنة العدل والتشريع التي يرأسها التجمعي محمد حنين لكون الفريق الذي ينتمي إليه تخلى هو الآخر عن موقعه في المعارضة و انضم إلى الأغلبية . وطبقا لأحكام الفصل 62 من الدستور "ينتخب رئيس مجلس النواب وأعضاء المكتب و رؤساء اللجان الدائمة ومكاتبها في مستهل الفترة النيابية ثم في سنتها الثالثة عند دورة أبريل لما تبقى من الفترة المذكورة، و هي نفس الأحكام التي يتضمنها النظام الداخلي في المادتين 15 و 58"، وهو ما يعني أنه يتعين انتظار دورة أبريل للقيام بالتغييرات الضرورية من أجل الملائمة مع المستجدات الطارئة لكون الأحكام السالفة لا تجيز الانتخاب للمناصب المذكورة إلا في آجال محددة . وفي هذا السياق أفضت المفاوضات بين فرقاء الأغلبية الحكومية إلى إسناد رئاسة مجلس النواب إلى التجمع الوطني للأحرار ويبقى في هذا الصدد رشيد الطالبي المرشح الأوفر حظا للظفر بهذا المنصب، في الوقت الذي بقيت ليه رئاسة لجنة العدل والتشريع دون تنافس لفرق المعارضة حولها باستثناء الرغبة التي كان قد عبر عنها فيما سبق عبد اللطيف وهبي من الأصالة و المعاصرة، والذي لم يتلق على ما يبدو الضوء الأخضر لتحقيق رغبته.