تُواصل "بلاد شنقيط" مبادراتها السياسية الرامية إلى رأب الصدع وتذويب الخلاف الدبلوماسي بين المغرب والجزائر، من خلال اقتراح وساطتها حيال نزاع الصحراء الذي أرخى بظلاله على وحدة البلدان المغاربية طيلة العقود الماضية. وعادَ الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، إلى تأكيد رغبة نواكشوط في تعزيز "اللحمة المغاربية"، وهو ما قرأه بعض الخبراء على أنه رسالة غير مباشرة من أجل التوسط بين البلدين المغاربيين في ما يتعلق بالقضايا الخلافية. وأورد الغزواني، في حوار أجراه مع مجلة "الاقتصاد والأعمال" اللبنانية، أنه "قلق من عوامل التوتر التي تظهر من حين إلى آخر"، ثم زاد: "نعبر بشكل دائم عن أن بلادنا يمكن أن تلعب دورا رئيسيا في استعادة اللحمة بين البلدان المغاربية". وتابع الرئيس الموريتاني: "ظلت مواقفنا تصب في هذا الاتجاه دائما"، ليردف: "لا يمكن تصور حجم الكلفة التي تدفعها شعوب المنطقة جراء عدم قيام اتحاد مغاربي قوي وفعال ومتكامل. ونحن ندرك الصعوبات التي تواجه هذا الحلم، ونأسف للعقبات التي تقف في طريقه". في هذا الصدد قال هشام معتضد، خبير في العلاقات الدولية مقيم بكندا، إن "الخروج الإعلامي الأخير لولد الغزواني، في ما يتعلق بتعزيز اللحمة المغاربية، يدخل في إطار الإرادة الموريتانية تفعيل وساطتها بين المغرب والجزائر، وهو ما أعربت عنه نواكشوط منذ بداية المواقف المعادية للجزائر تجاه الرباط". وأضاف معتضد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "نجاح وتفعيل الإرادة الموريتانية رهينان بالعزيمة السياسية والإرادة المسؤولة للنظام الجزائري، بشأن تجاوز رؤيته الرجعية والمحدودة للتكامل المغربي، واحترام سيادة البلدان المغاربية وتوجهاتها الإستراتيجية والسياسية". وأوضح الباحث السياسي ذاته أن "الرئيس الموريتاني يعي جيداً مدى تعقيد العلاقات المغربية الجزائرية، خاصة في ما يتعلق بالتركيبة التقليدية المركبة والمتجاوزة للتوجه الجزائري في ما يرتبط بالفضاء المغاربي، خاصة أن توجه السياسة الخارجية الجزائرية يبقى رهين رؤية غير قادرة على التجديد والتقلبات الجيوسياسية في المنطقة، بما يتماشى مع تطلعات الشعوب". واستطرد المتحدث ذاته: "الغزواني، الذي لم يتأخر في تقديم دور الوساطة الموريتانية، يبحث أيضًا من خلال هذه المبادرة الدفع بموريتانيا إلى لعب أدوار جديدة على المستوى الدبلوماسي في المنطقة، من أجل تعزيز حضورها على مستوى شمال إفريقيا، خاصة أن دولة موريتانيا فقدت رصيدًا دبلوماسيا كبيرًا نتيجة غيابها دبلوماسيا في السنوات الأخيرة، بفعل تركيزها على إعطاء الأولوية للبناء الداخلي". وختم معتضد تصريحه بالقول: "الوساطة الموريتانية لن تثمر في ظل غياب أي تحول جدي وفعَّال من طرف النظام الجزائري إزاء رؤيته للفضاء المغاربي، واستعداده للانخراط في مواجهة تحديات ورهانات شعوب المنطقة، واحترام سيادة بلدانها وطموحاتها التنموية والاجتماعية".