في انتظار الإعلان على انطلاق المقابلة الكروية الساخنة الحاسمة، لا بأس من الحديث على ما جاء به متفلسفون جدد في ميدان الكرة على الصعيد المحلي. جاء متفلسفون جدد بفلسفة جديدة اعتمدوها لما أطلقوا عليه "إصلاح الكرة المحلية"، حيث أتوا بأنثى إفريقية كلاعبة أساسية في تشكيلة الفريق، "فريق النخبة"، بعد أن رفضت جميع الفرق التكتل لإعادة تأسيس "فريق البلد" المنهار. بل جعلوا اللاعبة الجديدة، الأنثى إفريقية الأصل، عميدة ل"فريق النخبة" ذاك الذي ادعى الدفاع عن قضية اللاعبين المهرة الذين سجنوا خارج الملعب. جاءت اللاعبة الجديدة، الأنثى إفريقية الأصل، إلى "فريق النخبة" و دخلت الملعب بشعر مصفّف، و أظافر طويلة حادة مصبوغة بعناية، و حداء بكعب عالي، و أخذت تداعب الكرة بطريقة غريبة جعلت من "فريق النخبة" أعجوبة الميادين. طالبت اللاعبة الجديدة، الأنثى إفريقية الأصل، بإحداث ثورة كروية، و تمردت على كل التقاليد الكروية بدءا بمخالفة البذلة الرسمية للفريق، فخاضت كل المباريات بألبسة أنثوية جدا لا تلتزم سوى بآخر صيحات الموضة التي تظهر الكثير من العضلات الأنثوية الرياضية. تألقت اللاعبة الجديدة، الأنثى إفريقية الأصل، في الملعب إلى حد التحاق كل اللاعبين في الميدان بالجماهير الكروية المتفرجة التي تضاعف عددها، و التي أصبحت تحج إلى الملعب للتفرج على الأنثى الثائرة التي تداعب الكرة بأسلوب الهرة المخادعة اللعوب التي تحب لعبة الكرة. نال أسلوب لعب اللاعبة الجديدة، الأنثى إفريقية الأصل، إعجاب ثلث الجماهير الكروية التواقة للتفرج على كل لاعبة أنثى تصفّف شعرها كل صباح عند الأخصائيين في تصفيف شعر اللاعبات الثوريات. و حصلت أيضا على مساندة ثلثي الجماهير الكروية الأخرى المتبقية بما أن اللاعبة الجديدة، الأنثى إفريقية الأصل، كانت تقدم نفسها كلاعبة ثورية تدافع عن اللاعبين المهرة الذين سجنوا خارج الملعب. حصلت إذا اللاعبة الجديدة في "فريق النخبة" على مساندة الجميع لعلها تسجل هدف التقدم، رغم كونها أضحت أعجوبة الميادين الكروية، و رغم ما كانت تثيره من سخرية النقاد الكرويين. ولكن بمجرد أن خيّرت اللاعبة الجديدة، الأنثى إفريقية الأصل، بين الاستمرار في الحصول على الأموال الضرورية لتسريحات شعرها المتنوعة حسب نوعية المباريات، و للعناية بأظافرها الحادة الطويلة و صباغتها، و لاقتناء ألبستها القليلة الثوب و الباهظة الثمن، أو الاستمرار في الدفاع عن اللاعبين المهرة الذين سجنوا خارج الملعب، حتى خرجت ببيان كروي على الفور تتخلى بموجبه على الدفاع عن كل مظلوم سجن خارج الملعب. و يا للهوان. بطبيعة الحال، كل متأمل اطلع على الحلقة الماضية من هذه السلسلة الكروية المباركة إن شاء الله إلا و سيضع اللاعبة الجديدة، الأنثى إفريقية الأصل، في صنف اللاعبين الذين لا مبادئ لهم (-أنظر فقرة "الكرة المحلية و الكرة العالمية"-). فلقد اتضح أن اللاعبة الأنثى، إفريقية الأصل، عميدة "فريق النخبة" باعت لاعب مظلوم مسجون خارج الملعب بثمن بخس. و كيف لا و هي، عوض التفكير في تسجيل أهداف التقدم، لا تفكر سوى في إثارة حديث الجمهور الكروي حول أناقتها في الميدان، و بذلتها الملونة الباهظة الثمن المصنوعة بثوب قليل قليل، و نعومة شعرها الكثيف المصفف كل صباح عند الأخصائيين في تزيين اللاعبات الإناث اللائي لا مبادئ لهن، و اللواتي هنّ بالتالي في حاجة إلى تزيين اصطناعي. اتضح إذا أن "فريق النخبة" فريق نخبوي هزيل منهزم انهزاميّ فارغ لا مبادئ له. "فريق النخبة" إلى زوال، لأن لا مبادئ لكل لاعبيه، و لا مبادئ لكل لاعباته، فمن الحكمة تركه يندثر عن بكرة أبيه بدل محاولة إنقاذه بحثه على تقبّل فكرة تكتل الفرق الأربعة لإعادة بناء "فريق البلد". انتهى إذا الكلام على "فريق النخبة" لأنه فريق كروي وصولي لاعبوه لا مبادئ لهم، و لاعباته لا مبادئ لهن. "فريق النخبة" يسبب القرف، و أصبح خارج المعادلة الكروية المحلية، لا يجب محاورته بتاتا و لا اعتباره ككائن موجود لأنه أصلا لم يعد موجودا كفريق حقيقي. بقي "فريق النظام" و "فريق التسليم" و "الفريق الممنوع". ثلاثة فرق يجب الاستمرار في محاولة إقناعهم بالتكتل في فريق واحد لإعادة الروح ل"فريق البلد" من أجل السير قدما نحو تسجيل هدف التقدم. لحد الآن مبادرات الفرق الثلاثة متفرقة، و عموما متناحرة في ما بينها، و لا تخدم مصالح الجماهير الكروية المفتقرة لهدف التقدم مما يجعلها بئيسة و غاضبة في نفس الوقت. المشكل مشكل ثقة. لا ثقة بين الفرق المحلية الثلاثة. وحده "فريق التسليم" يبادر للظفر بثقة "فريق النظام"، و ذلك لسحب البساط من تحت أقدام "الفريق الممنوع" المؤيد لمبادرة جمع شمل الفرق المحلية الثلاثة في إطار إعادة إحياء "فريق البلد". ولكن الجماهير الكروية باتت مستاءة من "فريق التسليم" الذي أرغمه طمعه في التقرب من "فريق النظام"، (-صاحب الكرة الفارغة إلا من الهواء و الذي يهدد في كل لحظة و حين بسحب كرته من الميدان و وضع حد للّعبة-)، إلى مضاعفة عدد التذاكر المجانية المخصصة للفئة القليلة الغنية من الجمهور الكروي، مع الزيادة في ثمن التذاكر المخصصة لعامة الجماهير الكروية العريضة الفقيرة المخلصة، و الوفية للكرة. و لم يكتف "فريق التسليم" بذلك، بل ضاعف ثمن السردين المعلب داخل الملعب، علما بأن هذا غداء العمال الفقراء من الجماهير الكروية العريضة كلما حجوا إلى الملعب لتتبع أطوار مباراة من المباريات. و بما أن مادة السردين المعلب، كمادة الخبز الأبيض، خط أحمر لدى الجماهير الكروية، فلقد صار "فريق التسليم" على شفا جرف من الانهيار، و لن ينقذه أبدا "فريق النظام" من الذل و الهوان النهائي الذي ينتظره، لأن إذا كان "فريق النظام" يتحكم في الكرة الفارغة إلا من الهواء، فهو لا يتحكم أبدا في قلوب الجماهير الكروية العريضة التي لا بد يوما و أن تقول كلمتها، لأن الاستهتار بالمصالح الكروية بلغ مداه، فطفح الكيل، و فاض الكأس، و لم تعد للحياة الكروية من معنى لدى الجماهير الكروية العريضة بعدما تخلى "فريق التسليم" عن ضميره، ثم باع كل قضايا اللاعبين المهرة المظلومين الذين لهم مبادئ تتحكم في قراراتهم و تاجر بها، فبات بدوره يعيث فسادا في الميادين الكروية كلّها بطريقة غير مباشرة أكثر فعالية تضمن استمرار الفساد الكروي العام و تمكّن له. أما بالنسبة ل"الفريق الممنوع"، فلا يحسبنّ أحد من الجماهير الكروية أنه يمثل بديلا منطقيا ل"فريق التسليم" الذي أضحى لا قيمة كروية له. ف"الفريق الممنوع" يعلم أنه خيار بين اثنين لا ثالث لهما: فإما أن يقنع "الفريق الممنوع" "فريق النظام" بإعادة تشكيل "فريق البلد" على أسس صلبة بتكتل منطقي قوي، أو أن يسلك نفس الطريق الذي سلكه "فريق التسليم" دون قيد أو شرط فينال نصيبه هو الآخر من الذل و الهوان. وأما "فريق النظام"، فالكرة كرته و بالتالي يمكنه سحبها من الملعب في أي لحظة و حين فيحرم الجميع من اللعب. و بما أن "فريق التسليم" يهوى لعب الكرة إلى حد الجنون، فهو لا يزعج أبدا "فريق النظام" حتى لا يسحب هذا الأخير كرته من الملعب فتتفرق الجموع اللاعبة و تذهب إلى حال سبيلها. لهذا تخلّى "فريق التسليم" عن ضميره و باع كل قضايا اللاعبين المظلومين الذين لهم مبادئ تتحكم في قراراتهم و قبل المتاجرة بها، و تنكر للعدل الكروي كما تنكر للعدالة الكروية، و قرر العدول على كل تنمية كروية، فاستحال تسجيل هدف التقدم. يا للهول. انتهى الشوط الأول من المباراة و لا نعرف ماذا حصل... لقد شغلنا المتفلسفون الجدد في شأن الكرة المحلية ثم تاه تفكيرنا... ولكن لا بأس. الشوط الثاني آت، آت، آت. و لعله شوط يخفي ما يخفيه من مفاجآت كروية ممتعة ليست في الحسبان... فابقوا معنا لأن المباراة لم تنته بعد. و شكرا لكم