لقد وقع ما وقع وانهزم الفريق كالعادة. ولكن المهم أن نتوفر على روح رياضية ونتقبل الهزيمة. سنخوض مباراة أخرى و يجب أن نعمل جاهدين من أجل الفوز في المرة المقبلة. صحيح أن الكرة مستديرة، كما يبدو أنها تدور عشوائيا، ولكن إن كنا لا نعلم لها اتجاها مضبوطا و مستقرا معروفا مسبقا فلأننا لم نقم بعد بتحليل الأشياء و الأمور التي تجعلنا نكاد لا نفهم في الكرة شيئا. و جب علينا إذا تحليل قضية نظام الكرة دون تعقيد و لا تهويل، مع اعتماد البساطة و التبسيط في طرح الفكرة أو الأفكار حتى يسهل استيعابها لدى القوم الكرويّ. حسنا. الانهزام انهزام الجميع و ليس انهزام فريق دون الآخر. الانهزام يشمل "فريق النخبة" و "فريق النظام" على حد سواء، و ذلك لأن الكرة مشتركة بين الفريقين، فلا توجد كرة ل"فريق النظام" و كرة ل"فريق النخبة". لا. الكرة واحدة و هي كرة الجميع. كلا الفريقان يستعملان، نظريا، نفس الكرة في سبيل تسجيل هدف التقدم. و بما أن الكرة متخلفة عن تسجيل أي هدف، فهذا معناه أن كلا الفريقين متخلفين عن هدف التقدم. التخلف إذا تخلف الفريقين معا. و لا يهم من المستحوذ على الكرة الآن ما دامت هذه الأخيرة متخلفة بعيدة كل البعد عن هدف التقدم. "فريق النخبة" متخلف عن هدف التقدم و هذا شيء بادي للعيان دون عناء. "فريق النظام" متخلف عن هدف التقدم و هذا شيء بادي للعيان دون عناء. و لكن، أي الفريقان تسبب في التخلف هذا، "فريق النظام" أم "فريق النخبة"؟ هذا سؤال دون جدوى سيتم الجواب عليه بمجرد معرفة من الذي سبق، البيضة أم الدجاجة؟ طيب. ماذا قدم كلا الفريقين للكرة؟ إذا كان "فريق النظام" وفّر للجماهير الكروية على الأقل الاستقرار في الميدان و لو في ظل التخلف عن تسجيل هدف التقدم، ف"فريق النخبة" لم يقدم شيئا يذكر للكرة مع تخلفه عن تسجيل هدف التقدم بطبيعة الحال. إذا كان من المعلوم و الواضح أن "فريق النظام" لا يهمه تسجيل هدف التقدم بقدر ما يهمه استقرار الكرة في جهته، ف"فريق النخبة" يبدو و كأنه فريق منافق يقول أنه يريد تحقيق هدف التقدم في حين أنه لا يبدل أي مجهود من أجل ذلك، و كأنه فريق يسعى إلى إفشال كل المباريات حتى يستمر في المطالبة بتغيير اللاعبين و المتاجرة فيهم و من خلالهم. يبدو فعلا و كأن "فريق النخبة" فريق حقير يتاجر في التخلف بدل العمل على تسجيل هدف التقدم. "فريق النظام" يلعب ضد "فريق النخبة"، و "فريق النخبة" يلعب ضد "فريق النظام"، في حين أن المرمى واحد و هو مرمى الاثنين معا، و هنا يكمن سر التخلف عن تسجيل هدف التقدم. فكلا الفريقين يسجلان الأهداف ضد مرماهما مما يضمن انهزام الفريقين معا و يجعلهما بعيدين كل البعد على تسجيل هدف التقدم. أما المصيبة العظمى فهي أن كل فرد من أفراد "فريق النخبة" و كل فرد من أفراد "فريق النظام" يريد البطولة، تسجيل هدف يعتقد خطأ أنه هدف التقدم، و لا يسمح لأي فرد آخر أن يسبقه في التسجيل، مما يجعل المباراة سريالية يلعب فيها كل فرد من نفس التشكيلة ضد كل أعضاء فريقه قبل اللعب ضد الفريق الذي ينافسه. ولكن لا بد من نبذة تاريخية في ما يتعلق بنشأة "فريق النظام" و "فريق النخبة" : كان قد أعلن على مباراة بين فريقين، "فريق البلد" و "فريق الآخرين"، على أن يضم كل فريق 11 لاعب. "فريق البلد" لم يقرأ القانون المنظم للعبة رغم توصله بنسخة منه، فجاء إلى الملعب ب39 لاعب. "فريق الآخرين"، و هو فريق متحضّر، جاء إلى الملعب ب11 لاعب كما ينص على ذلك قانون اللعبة، و طالب بتقليص عدد "فريق البلد" إلى 11 لاعب قبل إجراء المباراة. عقد "فريق البلد" اجتماعا طارئا في الميدان لتقليص عدد أفراده إلى 11 لاعب، فعمت فوضى عجيبة أعجوبة وسط الميدان انتهت بانقسام "فريق البلد" إلى فريقين دون أن يلتفت، في خضم فوضاه العارمة، إلى كون "فريق الآخرين"، المتحضّر، كان قد غادر المكان و ذهب للبحث على فريق متحضّر يحترم القانون المنظم للعبة للتباري معه في مباراة لا تسجل فيها سوى أهداف التقدم. هكذا إذا انقسم "فريق البلد" إلى فريقين: "فريق النخبة" الذي أراد اعتماد انتخابات نخبوية عجيبة أعجوبة لإزاحة 28 لاعب من أصل 39 لاعب من الميدان، و "فريق النظام" الذي أراد فرض النظام قبل طرد 28 لاعب من أصل 39 لاعب من الملعب على أن يتم تعين المطرودين عشوائيا. ذهب إذا "فريق الآخرين"، الفريق المتحضّر، إلى حال سبيله الحضاري و لكنه أخد معه مرماه حتى لا يسجل ضده أي هدف في غيابه. و بقي "فريق البلد" وحده في الميدان، فانقسم إلى فئتين كل واحدة منهما تسجل أهداف التخلف ضد نفسها، و كل فئة من الفئتين تظن أنها بذلك تلحق الضرر بالفئة الأخرى، في حين أن كل فئة من الفئتين لا تلحق الضرر سوى بالكرة، كرة الجماهير الكروية. واستمر انهزام "فريق النظام" كما انهزام "فريق النخبة" إلى أن أصبح الانهزام قدرا محتوما لا مفر منه. و على إثر التخلف المهول عن تسجيل هدف التقدم، انشقت فئة أخرى على "فريق النخبة" و وعدت بتسجيل هدف التقدم، ثم شكلت فريقا يخصها، "فريق التسليم". و لكن بما أن المرمى واحد في الملعب، لم يؤذي هذا الانشقاق سوى إلى مضاعفة تسجيل أهداف التخلف في المرمى الوحيد في الميدان أمام اشمئزاز الجماهير الكروية. تذكير: "فريق البلد" ينقسم إلى فريقين و هما "فريق النظام" و "فريق النخبة". ثم ينشق "فريق التسليم" عن "فريق النخبة"، و هكذا يصبح في الميدان ثلاث فرق بكرة واحدة و مرمى واحد لا علاقة له بمرمى الخصم، لأن الخصم، و هو خصم متحضّر، كان قد غادر الميدان و أخد معه مرماه حتى لا تسجل ضده أهداف في غيابه. في هذه الأجواء الكروية المتخلفة جدا، مسار الكرة معروف حتما رغم كون الكرة مستديرة و تدور...