أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بتقنين أنشطة الباعة الجائلين. جاءت هذه التوصية ضمن رأي استشاري أعدته المؤسسة الدستورية سالفة الذكر، التي تضطلع بمهام استشارية تخص الاختيارات التنموية الكبرى والسياسات العمومية في الميادين الاقتصادية والاجتماعية، حول ظاهرة الباعة الجائلين. واعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن "من شروط انتقال الباعة المتجولين إلى القطاع المنظم ومن شروط تحرير الطاقات من أجل اقتصاد نشيط ومنتج، وجود بيئة قانونية متكاملة تؤطر أنشطة التجارة الجائلة". وأوردت وثيقة المجلس أن "الحاجة ماسة كي تستكمل المنظومة التشريعية الوطنية ترسانتها بإقرار الوضع القانوني للباعة المتجولين بكافة فئاتهم والتنصيص على الشروط والالتزامات التي تفرضها ممارسة التجارة الجائلة، وتحديد وتبسيط المساطر وتوضيح الصلاحيات فيما يتعلق باستغلال الفضاء العمومي، وإقرار الجزاءات في حالة مخالفة القانون". ولفت المجلس إلى أن "تطوير البيئة التشريعية خطوة لا محيد عنها من أجل تأطير أنشطة الباعة الجائلين، والتحكم في حجم الظاهرة وإعادة إدماج هذه الفئة الاجتماعية المعرضة للهشاشة". كما دعا المجلس السلطات المعنية إلى العمل على سد الفراغ القانوني بتنظيم وتأطير التجارة الجائلة بكافة أشكالها عن طريق سن مقتضيات تنظم شروط ومعايير ممارسة الأنشطة ذات الصلة، مع تحديد المخالفات كاحتلال الفضاءات والأماكن العمومية، أو المزاولة دون ترخيص، ودرجة خطورتها والجزاءات المناسبة لها. المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أوصى كذلك بتحيين المقتضيات التنظيمية والمساطر وتبسيطها وإضفاء الشفافية عليها بشأن الترخيص بالاحتلال المؤقت للملك العمومي من طرف الباعة المتجولين، سواء باستغلال أماكن قارة داخل المجال الحضري أو في التجمعات شبه الحضرية أو القروية، أو باستغلال مركبات، أو باستغلال مواقع على المحاور الطرقية خارج المدن. من جهة أخرى، أكد المجلس ضرورة "دعم مقاربة الإصلاح وإعادة الإدماج، من خلال تنصيص التشريع الجنائي على إمكانية الخضوع لبرنامج تكوين مهني كبديل للعقوبات السالبة للحرية لفائدة الأفراد المحكومين في بعض الجنح الذين يعانون من الهشاشة، وخفض مدة العقوبة السالبة للحرية لفائدة بعض فئات السجناء حين يخضع هؤلاء لبرنامج تكوين مهني". وأشارت الوثيقة ذاتها إلى أن عدد الباعة الجائلين يقدر بمئات الآلاف رغم عدم وجود إحصاءات رسمية حول ذلك، مبرزة أن تقديرات قطاع الصناعة والتجارة سنة 2014 سجلت وجود 430 ألف بائع جائل.