استقر حجاج بيت الله الحرام في مشعر مزدلفة الليلة، بعد أن مّن الله عليهم بالوقوف على صعيد عرفات وقضاء ركن الحج الأعظم. وأعلن الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكةالمكرمة، نائب رئيس لجنة الحج العليا، نجاح نفرة ضيوف الرحمن من مشعر عرفات إلى مزدلفة "في زمن قياسي"، حيث نقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية عن الفيصل، رئيس لجنة الحج المركزية، قوله إن "خطة النفرة تمت في زمن قياسي عبر قطار المشاعر (...) دون وقوع أي حوادث تُذكر، وذلك على كافة الأصعدة الأمنية منها، والمرورية، والصحية". وعقب وصولهم إلى مزدلفة، أدى ضيوف الرحمن صلاتي المغرب والعشاء جمعاً وقصراً، اقتداء بسنة المصطفى صلى الله علية وسلم، وبدأوا في التقاط الجمرات. ويبيت ضيوف الرحمن الليلة في مزدلفة، ثم يتوجهون إلى منى بعد صلاة فجر يوم عيد الأضحى، غدا الثلاثاء، لرمي جمرة العقبة ونحر الهدي. وتعد النفرة من عرفات إلى مزدلفة المرحلة الثالثة من مراحل تنقلات حجاج بيت الله الحرام في المشاعر المقدسة لأداء مناسك حجهم. وشهدت الطرق الفسيحة التي سلكها حجاج بيت الله الحرام في طريقهم إلى مزدلفة انتشار رجال المرور والأمن والحرس الوطني والكشافة لمساعدة الحجاج وتسهيل حركتهم، بحسب وكالة الأنباء السعودية. واتسمت تحركات قوافل حجاج بيت الله الحرام من معرفات إلى مزدلفة بالانسيابية باستخدام قطار المشاعر والحافلات، في حين سلك المشاة من الحجاج المسارات التي خصصت لهم. وشوهدت الطائرات العمودية تحلق فوق الطرق المؤدية إلى مزدلفة وتتابع حركة سير مركبات الحجيج والمشاة في نفرتهم إلى مزدلفة لتزويد الأجهزة المختصة بحالة ضيوف الرحمن حتى يتسنى تقديم المساعدة والإرشاد لمن يحتاج. كان حجاج بيت الله الحرام قضوا اليوم على صعيد عرفات ملبين متوجهين إلى الله بقلوب خاشعة متضرعة أن يغفر ذنوبهم ويتقبل منهم حجهم وصالح أعمالهم . ويعد الوقوف بعرفة ركنا أساسيا في الحج؛ لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة"، ويتم مع إشراقة صبح التاسع من ذي الحجة وينتهي عند مغيب الشمس حيث ينفر الحجيج إلى المزدلفة. وأدى ضيوف الرحمن بعرفة صلاتي الظهر والعصر جمعًا وقصرًا واستمعوا إلى خطبة عرفة التي ألقاها في مسجد نمرة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ. وقال آل الشيخ في خطبته إن العالم الإسلامي يمر بظروف حرجة ويواجه تحديات ومصائب تستدعي الوحدة بين أبناء الأمة. ودعا قادة الأمة إلى نشر العدل في رعاياهم، والشعوب إلى المحافظة على أمن واستقرار بلادهم، محذرا الجميع من هناك أعداء يتربصون بالأمة. وكان ضيوف الرحمن تدفقوا مع الساعات الأولى من صباح اليوم الإثنين، التاسع من ذي الحجة، إلى صعيد جبل عرفات، على بُعد 12 كيلومترًا من مكةالمكرمة، وشهدوا الوقفة الكبرى وقضوا الركن الأعظم من أركان الحج. ويعود تسمية مزدلفة، حسب ما ذكره العلماء والمؤرخون، إلى نزول الناس بها في زلف الليل، وقيل أيضاً لأن الناس يزدلفون فيها إلى الحرم، كما قيل إن السبب أن الناس يدفعون منها زلفة واحدة أي جميعاً فيما سماها الله تعالى المشعر الحرام وذكرها في قوله: (فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام). ويقضي الحجاج في منى أيام التشريق الثلاث (11 و12 و13 من ذي الحجة) لرمي الجمرات الثلاث، مبتدئين بالجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة (الكبرى)، ويمكن للمتعجل من الحجاج اختصارها إلى يومين فقط، حيث يتوجه إلى مكه لأداء طواف الوداع وهو آخر مناسك الحج.