خرج رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، ليشرح حيثيات وسياقات ما رافق المفاوضات لتشكيل الحكومة المغربية في نسختها الثانية، مبديا تفاؤله بمستقبل المغرب مع الحكومة الجديدة، قبل أن يؤكد "أن الحكومة في نسختها الأولى لو فشلت لما تشكلت الحكومة في نسختها الثانية". واعتبر بنكيران، الذي كان يتحدث في لقاء تلفزيوني بث على قناتي الإعلام العمومي، وجاء بطلب منه لإلقاء الأضواء على تفاصيل تعيين الحكومة الثانية التي وقع تعديلها يوم الخميس الماضي، أن الأزمة التي وقعت جاءت بعد وصول حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال "وقعت أزمة في الأغلبية ولم تقع أية مشاكل في الحكومة"، مضيفا أن هذه الأزمة وإن أثرت على الحكومة ولكنها لم تفشلها، واستمرت وحظيت بعطف المجتمع الذي يحاسبنا رفقة البرلمان". الملك قال لنا: "إلى العمل" كشف رئيس الحكومة عن جزء من علاقته بالملك محمد السادس، حيث كشف أن الملك قال لنا بعدما كنا نأخذ صورة جماعية للحكومة الجديدة "إلى العمل au travail"، مؤكدا من خلال توضيحه لمسار المفاوضات "أنه لا يمكن أن أرفع لائحة لجلالة الملك ويرد عليها، ومكثنا حتى رفعنا اللائحة بعدما كان عليها توافق قبلي". وأضاف بنكيران في هذا السياق بالقول "أنا وجلالة الملك نتشاور، هذا شرف لي"، نافيا أن يكون قد فرض الملك علينا وزيرا"، وأقول لكم "حاشا لله، وأنا من اقترحت جميع الأسماء"، مضيفا "ما عمر جلالة الملك فرض عليا حتى اسم"، واللائحة التي رفعت جاءت من عندنا ب 39 وزيرا. وتطرق بنكيران إلى "الخطأ الذي وقع بحذف الحريات من وزارة العدل والمجتمع المدني من وزارة العلاقة مع البرلمان، "اتصلت بجلالة الملك لتصحيح الأمر وفعل ذلك، لأن هذه دولة ما فيها اللعب"، على حد تعبير رئيس الحكومة، "والمغاربة يريدون حكومتهم تتفاهم مع جلالة الملك، والديمقراطية في المغرب هي هذه وتحترم القوانين"، مشيرا أن "التشاور مع جلالة الملك هو أن لا نضع أمور ما باغينها". ونبه بنكيران، في السياق ذاته، أن "الدستور الجديد لا يعطي الحق لرئيس الحكومة ليقوم بكل شيء، ولا يجب أن تنسوا أن الملك هو رئيس الدولة". التراجع عن مزوار وزيرا للمالية وكشف بنكيران أن صلاح الدين مزوار، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار "كان مرشحا للمالية، ومن بعد تم التراجع عليه"، معتبرا "هاد الأمر ماشي ماتش ديال الكرة، لكن الأساس هو أن يكون الطبق الذي يقدم للمغاربة جيدا، وهو ما حصل مع الحكومة"، على حد تعبير بنكيران. وحول التكتم الذي رافق مشاورات تشكيل الحكومة الثانية مع حزب التجمع الوطني للأحرار، قال بنكيران إنه منذ أن قرر حزب الاستقلال الانسحاب من الأغلبي، كان يجب الإجابة عن سؤال حول وضع حد لعمر الحكومة أو تعويض حزب الاستقلال، ورأينا أن الأسلم هو تعديل الحكومة، لذلك تشاورونا مع الأحرار"، يقول رئيس الحكومة. وفي هذا السياق أوضح بنكيران أن "العلاقة بيننا والتجمع الوطني للأحرار شابتها في لحظات معينة، "كلام قاصح من جهتنا ومن جهته"، لذلك احتجنا للتواصل"، موضحا أن "الكتمان ضروري في مثل هذه الحالات لأن كلام كايقساح في بعض الأحيان، لكن الأهم بالنسبة للمواطنين هو النتيجة، وهي التي وصلنا إليها"، معتبرا فترة المشاورات بأنها كانت "مناسبة للتواصل مع سي مزوار". سعيد بتعيين مولاي حفيظ العلمي وعن الانتقادات التي وجهت للحكومة بسبب تواجد عدد كبير من التكنقراط، نفى بنكيران بخصوص الوزير مولاي حفيظ العلمي أن يكون قد "تمت صباغته"، معتبرا أن هذا مقترح من طرف مزوار، وهو أول اسم اقترحه، "وأنا فرحت"، لأنه لا يمنع أن تكون شخصية لها مكانة خاصة وتزاد وسط 39 هذا مكسب للبلاد، وفي تقديرنا هذا الرجل نجح في عالم الأعمال. "قلنا لابد أن يأتي واحد من رجال الأعمال للتغلب على الإشكالات التي كانت عندنا من أجل أن يسيرها"، يؤكد بنكيران الذي أضاف "هذا من أحسن الاختيارات التي جاءت لنا أما الوزير بالمختار فهو رجل الميدان"، متابعا أنه "لا يوجد منطق يقول أنه نأتي بأشخاص خارج الحزب لكن لابد أن يكون مقبولا، ونحن محاسبون عليه". الرفع من عدد الحقائب أوضح رئيس الحكومة أنه "من روج لكلام خفض الحقائب في الحزب قبل تشكيل الحكومة الأولى هو سي الداودي (وزير التعليم العالي)، مضيفا "لكن عندما يكون السياسي في المعارضة تكون له نظرة، وعندما يكون في الأغلبية يكون له رأي، لكن الربط بين مصاريف الحكومة وترشيد النفقات في تعسف والحكومة لا تكلف ميزانية الدولة كثيرا"، على حد تعبير رئيس الحكومة. وفي هذا السياق أوضح رئيس الحكومة "أنه مع الحكومة الأولى ثارت ثائرة النساء، وكان من الطبيعي وفقا لما وعدت به أننا ستصحح الأمور، وأضفنا أربعة حقائب وكان لكل حزب ضغوطه، ولذلك أعطيت الفرصة لجميع الأحزاب"، مشيرا إلى أن "بعض القطاعات ثقيلة يقع أن الوزراء يشتغلون في ملفات، ولا يعطون الأهمية لقطاعات على حساب الأخرى لذلك قررنا تجزئة القطاعات، وهذا اقتراح من طرف مزوار". وأضاف أن "الأحزاب السياسية ضغطت، فكان من الضروري رفع عددها، ونحن لم نرفع في العدالة والتنمية، والأحرار طلبوا ثمانية ولم يطالبوا بمجلس النواب، لكن مع الزيادة الأخيرة في الأعضاء قررنا إضافة رئاسة مجلس النواب لحزب التجمع الوطني للأحرار، والهدف هو راحة الشركاء". الاستغناء عن العثماني مؤلم وقال رئيس الحكومة إن الاستغناء عن وزير الخارجية السابق سعد الدين العثماني "حاجة مؤلمة بالنسبة للعدالة والتنمية، وهو من رموز الحزب ورئيس مجلسه الوطني، ويحظى بالتقدير، ولم يكن مطروحا، لكن استجدت ظروف معينة"، مبرزا أنه "لما طرح سعد الدين العثماني توقفت المشاورات مدة، وشرحت له الأمور، ولم يتردد لحظة واحدة، وقبل مغادرة الحكومة تقديرا منه لمصلحة البلد، وهذا درس للجميع أن هناك رجال يقدرون مصالح البلاد على المصالح الشخصية". "سعد الدين العثماني لم ينته، وأقول لكم أن أهل الميت صبروا والعزاية كفروا"، يواجه بنكيران محاوريه من صحفيي عدد من الجرائد المغربية، موضحا في هذا الاتجاه "قلت لسعد الدين أنه هناك منصب له، لكن قلنا أحسن أن يرتاح في بيته ورتب أموره للعودة لعمله، ما تخافوا عليه"، على حد تعبيره. الوفا له كفاءات رهيبة وأشاد رئيس الحكومة بمحمد الوفا، وزير التربية الوطنية السابق والوزير المكلف بالحكامة الحالي، حيث قال إنه "كان من الوزراء المرشحين للاستمرار في منصب التربية الوطنية، لأنه في تقديري ما قام به جيد جداً. وتابع بنيكران أن الوفا "رجل ذو كفاءات رهيبة في القانون والاقتصاد ووطني محترم"، مؤكدا "أن اقتراحه في الحكامة ليس لأنه عندي مشكل مع الوزير نجيب بوليف، لكن لأنه كان هناك إشكال في النقل، لذلك اخترناه لهذا الموقع". وزير الداخلية وأكد بنكيران أن وزارة الداخلية من الإشكاليات الكبرى التي طرحت في المفاوضات"، مبرزا أنه "بعض الناس يتحدثون عن الحياد في الانتخابات، وكذلك المسؤوليات التي يتحملها وزير الداخلية، وبالتالي أن يتواجه الوزير مع المواطنين هو شيء غير مستحيل، ولكنه مكلف". وأكد بنكيران أنه "إذا أتى واحد من أبناء الدار للإشراف على وزارة الداخلية، فأين المشكل هنا، يستاءل رئيس الحكومة قبل أن يردف أن "وزير الداخلية مازال محترما ويتمتع برضا جلالة الملك، ورغم أنه لم يكن سهلا لكن "لقيناه ولد الناس"، وفق تعبير رئيس الحكومة.