قال باحثون إن توقعات الأممالمتحدة بشأن مدى تأثير السياسات المناخية الحالية والتعهدات الوطنية بخفض انبعاثات الكربون على ظاهرة الاحترار المناخي "مضللة". وكانت الأممالمتحدة أعلنت قبيل مؤتمر الأطراف للمناخ (كوب-26)، الذي عقد خلال الشهر الجاري في غلاسكو، أن السياسات الحالية ستسبب ارتفاعا "كارثيا" لمتوسط درجة حرارة سطح الأرض بمقدار 2,7 درجة مئوية، فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعة، بحلول العام 2100. وأشارت الأممالمتحدة، خلال المؤتمر نفسه، إلى أن التعهدات المتجددة لدول تعتبر من أكثر البلدان تلويثا، مثل الهند، سيكون لها تأثير ضئيل على الاحترار هذا القرن، وما زالت بعيدة جدا عن هدف اتفاق باريس المتمثل في حصر الاحترار ب1,5 درجة مئوية. لكن الدقة التي تبدو في الظاهر واضحة لهذه التقديرات، مضللة، كما جاء في دراسة جديدة شارك فيها العديد من المساهمين في تقارير الأممالمتحدة التي شككت في صحتها التقديرات المذكورة. وكتبت إيدا سوغنايس المشاركة في الدراسة، وهي عالمة بارزة في مركز البحوث المناخية والبيئية الدولية في أوسلو (سيسيرو)، أن "الدقة الزائفة للنتائج المناخية التي قدمت خلال كوب-26 قد تدفع البلدان إلى الاعتقاد أنها تحرز تقدما جيدا، في حين إن العكس قد يكون صحيحا". وتتمثل نقطة الخلاف في الطريقة القياسية المستخدمة لربط النقاط بين مجموعة من السياسات المناخية والارتفاع في درجات الحرارة التي قد تؤدي إليها في نهاية القرن. تعتمد معظم توقعات المناخ على النماذج التي تبدأ بنتيجة درجة الحرارة المرغوبة، على سبيل المثال حد أقصى للاحترار العالمي يبلغ 1,5 درجة مئوية أو درجتين مئويتين، ثم تعمل بشكل رجعي لمعرفة السياسات التي يجب تبنيها للوصول إلى الهدف المنشود. وفي هذا النهج، يعدل الخبراء متغيرات مثل استخدام الفحم ومصادر الطاقة المتجددة والتشجير للوصول إلى الهدف الموضوع لنهاية القرن. وقال غلين بيترز، مدير البحوث في "سيسيرو"، إن "دراستنا هي (توقعات). نضع نموذجا يظهر إلى حيث تأخذنا السياسات الحالية ثم نرى أين ينتهي بنا المطاف". واستخدمت سبع مجموعات مختلفة للنمذجة المناخية هذه التقنية لتقييم كيف سيكون تأثير تنفيذ تعهدات الدول بموجب اتفاق باريس، الذي يستمر حتى العام 2030، بحلول العام 2100. سيناريوهات غير واقعية وتراوحت تقديرات الخبراء، التي نشرت في دورية "نايتشر كلايمت تشاينج"، بين 2,2 درجة مئوية و2,9 درجة مئوية، وهي أرقام مشابهة تقريبا لأرقام الأممالمتحدة. لكن ما برز هو الافتقار إلى اليقين. وأوضح بيترز لوكالة فرانس برس أنه "إذا أخذنا الحد الأدنى من هذا النطاق، فقد يبدو أننا اقتربنا فعلا من تحقيق أهداف اتفاق باريس". وأضاف: "لكن من المحتمل في الوقت نفسه أن تكون النتيجة أعلى وتصل إلى ثلاث درجات مئوية، وفي هذه الحال، ستكون هناك حاجة إلى سياسات أقوى بكثير". وقارن بيترز طرق الدراسة الجديدة بتلك المستخدمة لقياس تأثير السياسات التي تم تبنيها لمكافحة وباء كوفيد-19، مثل وضع الكمامات والتباعد الاجتماعي ونشر اللقاحات. ومنذ تفشي الوباء أوائل العام 2020، كانت نمذجة كوفيد تحدّث كل بضعة أشهر بناء على طريقة تأثير السياسة على انتشار الفيروس. وتابع بيترز بأن "السياسة الجديدة تستند إلى أين نحن متجهين فعلا، وليس إلى أين سنتجه في حال عدم اتخاذ أي إجراء". وتتناقض معظم الدراسات حول تأثيرات الاحترار المناخي، بين أسوأ سيناريوهات انبعاثات الكربون المستمرة، مع المسارات المتفائلة المتمثلة بهدف حصر الاحترار ب1,5 درجة مئوية. ومع ذلك، فإن الواقع يقع في مكان ما بين هذين النقيضين، ومن المرجح أن يبقى هناك لعقود.