دفع التناقص الحاد للموارد المائية بإقليم طاطا، وتصنيف الإقليم منطقة متضررة من الجفاف، إلى إصدار قرار من طرف السلطات المحلية بردم الآبار غير المرخصة التي يستغلها الفلاحون لسقي ضيعات زراعة البطيخ الأحمر (الدلاح). ويُثير إنشاء ضيعات "الدلاح" بإقليم طاطا موجة رفض واسعة من طرف الجمعيات والمنظمات المدنية وساكنة الإقليم، ذلك أن هذا النوع من الزراعة يشكل خطرا كبيرا على الموارد المائية القليلة أصلا. وأفاد مبارك أوتشرفت، رئيس منتدى إفوس للديمقراطية وحقوق الإنسان، بأن أصحاب الضيعات الفلاحية المخصصة لزراعة البطيخ الأحمر لا يلتزمون حتى ببنود الرخصة المسلمة لهم من طرف وكالة الحوض المائي، إذ يعمدون إلى حفر آبار سرّية وغير مرخّص لها. وأضاف أوتشرفت، في تصريح لهسبريس، أن قرار عامل إقليم طاطا ردم الآباء السرية وغير المرخصة يأتي كإجراء لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الموارد المائية بالإقليم، لاسيَما بعد إعلان الجماعات الترابية نفوذ إقليم طاطا مناطق متضررة من الجفاف. وخلف قرار ردم الآباء السرية، الصادر عن عامل إقليم طاطا، ارتياحا في صفوف الجمعيات والمنظمات المدنية بالإقليم، غير أنه وُوجه بالرفض من قِبَل رئيس الغرفة الفلاحية لجهة سوس-ماسة، الذي طالب بوقف عملية ردم الآبار، بداعي "مراعاة مصلحة الفلاحين بالمنطقة". وطالب رئيس الغرفة الفلاحية لجهة سوس-ماسة، في المراسلة التي وجهها إلى عامل إقليم طاطا يوم 10 نونبر الجاري، وتتوفر عليها هسبريس، ب"دراسة إمكانية إيقاف تنزيل قرار هدم وإغلاق آبار الفلاحين، وذلك في أفق العمل بمقتضياته بشكل استباقي وتدريجي وتشاوري مع مختلف الأطراف والفاعلين في القطاع، وإنقاذ الموسم الفلاحي الحالي". في المقابل يسود غضب واسع في صفوف هيئات المجتمع المدني بإقليم طاطا، التي تؤيّد قرار عامل الإقليم ردم الآباء السرية وغير المرخصة، لاسيَما في ظل الجفاف الشديد الذي يعاني منه الإقليم وموجة العطش التي تهدد الساكنة. وقال فاعل جمعوي من إقليم طاطا لهسبريس إن هناك "استغلالا فاحشا للأراضي عن طريق السطو عليها بطريقة غير قانونية وحفر مئات الآبار السرية بشكل غير قانوني"، مضيفا: "العيون جفّت والناس لا يملكون ماء للشرب". وأطلقت عدد من هيئات المجتمع المدني حملة تحت شعار "أنقذوا إقليم طاطا"، معتبرة، في بيان أصدرته حول الموضوع، أن "كل 'دلاحة' تُزرع في الواحات هي قنبلة ستنفجر في وجه المستقبل". ووصف البيان الموقع من طرف إحدى عشرة هيئة مدنية الرسالة التي وجهها رئيس الغرفة الفلاحية بجهة سوس-ماسة إلى عامل إقليم طاطا، إثر الشروع في عملية ردم عدد من الآبار السرية وغير المرخصة، والتي يطلب فيها وقف القرار اعتبارا لما يرى فيه "مراعاة المصلحة الفلاحية"، ب"الغريبة". واعتبرت الهيئات المدنية الموقعة على البيان أن مطالبة رئيس الغرفة الفلاحية بسوس عاملَ إقليم طاطا بوقف عملية ردم الآباء السرية وغير المرخصة بمثابة "خرق لمقتضيات القانون 36.15 المتعلق بالماء". وثمّنت الهيئات نفسها القرار العاملي القاضي بردم الآبار السرية وغير المرخصة، داعية إلى الاستمرار في تنفيذ هذا الإجراء، من أجل "الوقف الفوري لاستنزاف الفرشة المائية وتسميم الأراضي وتلويث الغطاء النباتي الناتج عن اتساع مساحة الزراعات الجائرة والأنشطة الفلاحية الدخيلة على المجال الواحي". وفي خضم موجة الجفاف التي تضرب إقليم طاطا، دعت الهيئات المدنية الموقعة على البيان إلى الإسراع في إخراج المخطط المديري للموارد المائية بالإقليم، وإنشاء بنيات تحتية مائية لسد الخصاص، تنفيذا لتوصيات اللجنة الإقليمية للماء المنعقدة مطلع شهر مارس الماضي بمقر عمالة إقليم طاطا.