تنتعش صناعة النبيذ حاليا في المغرب الذي يعد أكبر منتج للنبيذ في العالم العربي، حيث تخصص 37 ألف فدان حاليا لزراعة العنب أو الكروم المخصص لانتاج النبيذ في بلد يوفر فيه الطقس المعتدل والمناطق المرتفعة ظروفا مثالية لنمو الأنواع الجيدة من العنب. ويعمل زهاء 10 آلاف مغربي بشكل دائم في صناعة النبيذ، وفق ما ذكرته وكالة رويترز، بينما تعمل أعداد كبيرة بشكل موسمي أثناء موسم حصاد العنب، كما يبيع المغرب حاليا ما يزيد على 40 مليون زجاجة نبيذ سنويا في السوقين العالمي والمحلي، وتتطلع الصناعة الآن للتوسع، فكثير من المنتجين المغاربة يرغبون من أن تنضم بلادهم الى شيلي وكاليفورنيا وجنوب افريقيا كأحد أكبر منتجي النبيذ في القرن الحادي والعشرين. وقال عبد العزيز الكوان وهو مسؤول ضيعة كروم بمنطقة بوفكران في ضاحية مكناس "تطورت هذه الصناعة في المنطقة وأصبح إنتاجها يضاهي الإنتاج في بعض المناطق في أوروبا.. نحن نجلب أنواعا من العنب من خارج الوطن، تبين أنها صالحة لهذه المنطقة وتعطي مردودية كبيرة وجودة عالية بالنسبة لصناعة العنب فيما بعد وهذا جعل المنطقة تزدهر فيها هذه الزراعة." وثلاثة أرباع انتاج المغرب يغلب عليه النبيذ الأحمر و20 في المئة الوردي والبقية من النبيذ الأبيض، بينما تقع غالبية مزارع الكروم أو العنب في المغرب بضواحي مكناس، وهي ذات المنطقة التي كان يزرع فيها الفينيقيون والرومان العنب قديما. ويرى زهير بن عمر مدير الانتاج في إحدى شركات إنتاج النبيذ، أن المغرب "يتوفر على أراض لها خاصيات متعددة. بالنسبة لنا. التكنولوجيا ليست وسيلة للحصول على منتوج عادي أو منتوج عصري لأننا نسخر هذه التكنولوجيا لإبراز الخاصيات التي تتميز بها اراضينا. ولهذا فإننا نحرص على تطوير كرومنا لأن لدينا إمكانات عالية لإنتاج خمور تساير كل الأذواق والبلدان والثقافات لكن في نفس الوقت دون أن نتنكر لثقافتنا الخاصة بنا." بدوره يقول عمر مونقشي، مدير التسويق الاستراتيجي بالشركة ذاتها، وهو الذي عاد في الآونة الأخيرة من رحلة عمل بالولايات المتحدة "في أمريكا هناك اهتمام كبير من طرف المستهلكين بمنتوجنا.. لديهم رغبة كبيرة لاستكشاف منتوجات مختلفة.. اليوم، هناك أسواق جديدة كالصين أو اليابان التي تهتم بمنتوجاتنا بالإضافة إلى الأسواق التقليدية كفرنسا وبلجيكا وهولندا.. نحن من جهتنا نهتم كثيرا بهذه الأسواق الجديدة وأعتقد أننا نتوفر على إمكانيات هائلة لتلبية كل الطلبيات في المستقبل." وبلغ انتاج المغرب من النبيذ ذروته إبان حقبة الاستعمار الفرنسي حين زرعت أنواع عديدة من العنب لتلبية الطلب من جانب الفرنسيين المقيمين في البلاد، وتعتبر" ليه سيلييه دي مكناس" (أقبية مكناس) من أشهر شركات انتاج النبيذ في المغرب حيث تنتج زهاء 70 في المئة من النبيذ المغربي، حيث تنتج أنواعا عديدة من النبيذ وتقول إنها تستخدم أحدث التكنولوجيا لانتاج النبيذ لارضاء قطاع عريض من الأذواق المختلفة. وفي نهاية القرن التاسع عشر دمرت آفات زراعية الكثير من مزارع الكروم في اوروبا، لكن حين وصل مزارعو الكروم الفرنسيون الى المغرب اكتشفوا تنوعا فريدا في التربة ومناخا معتدلا وهي ظروف مثالية لنمو العنب.