تحت عنوان: "الرحلات الألمانية إلى المغرب"، نظمت الجمعية المغربية للباحثين في الرحلة لقاء علميا افتراضيا استضاف الأستاذ خالد لزعر، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية-ظهر المهراز بفاس، بصفته متخصصا في الدراسات الجرمانية. في مستهل محاضرته، رفض الأستاذ لزعر القول بقلة اهتمام الجرمانيين بالمغرب، مستندا إلى أطروحته للدكتوراه التي جعلته يكتشف كم وجودة الدراسات الجرمانية التي اهتمت بالمغرب، والتي نتجت عن الرحلات العديدة للباحثين الجرمانيين الذين كان المغرب وجهتهم. كما رفض الباحث تسمية هذه الدراسات أو الرحلات بالألمانية؛ لأن الأمر يتعلق برحالة ألمان ونمساويين وسويسريين، كلهم ناطقين بالألمانية، لكنهم ليسوا جميعا من جنسية ألمانية. المتخصص في الدراسات الجرمانية تحدث عن أهمية الرحلات في ألمانيا خلال القرن التاسع عشر؛ إذ كان لها دور إعلامي كبير، وكانت تحوي موضوعات عدة، أدبية وأنثروبولوجية وعسكرية، ذكر منها على سبيل المثال كتاب "ماكس هيبنر" حول الجغرافيا العسكرية للمغرب، وكتاب "إيمانويل هوبتمان": "المغرب كمشكلة عسكرية واقتصادية لزمننا الراهن"، الصادرين سنة 1905. هذا الاهتمام فسره الباحث بالأطماع العسكرية الألمانية في المغرب؛ إذ أبرز أن ألمانيا كانت لديها أطماع في المغرب بداية من سنة 1870م إلى غاية قدوم "غيوم"، وانتهاء بإرسال بارجة حربية قبالة أكادير سنة 1911. وحول الأشخاص الذين زاروا المغرب، ذكر الباحث أن منهم المغامرين الفرادى أمثال "غيرهارد غولفس"، الذي تكلف الباحث بترجمة كتابه إلى الفرنسية سنة 2016م تحت عنوان "إقامتي الأولى في المغرب: السفر جنوب الأطلس"، ومنهم من زار المغرب ضمن بعثة رسمية مثل "أوغسطين" الذي كان عسكريا. ومن جملة ما أثاره لزعر في محاضرته، أن الرحالة تطرقوا في نصوصهم الرحلية للمغرب كبلد غير معروف؛ إذ ابتغوا من خلال رحلاتهم اكتساب السبق من جهة، ومن جهة أخرى توفير عنصر التشويق والإثارة عند القراء، مما يكشف حقيقة أن وصف الرحالة ما هو إلا انعكاس لتمثلات سابقة لديهم. وكشف عميد كلية الآداب ظهر المهراز بفاس نوع الصعاب التي كانت تعترض الرحالة في مقامهم بالمغرب، ومنها ما هو جغرافي يتعلق أساسا بالتضاريس، وما هو لوجستيكي يخص توفير الغذاء والمبيت والحراسة من اللصوص وقُطّاع الطرق، ثم الجانب الثقافي المتمثل في انغلاق بعض القبائل التي كانت ترى في غير المسلم تهديدا حقيقيا للدين والوطن. واختتم خالد لزعر محاضرته بتحفيزه الطلبة والباحثين على ترجمة أعمال الرحلات الجرمانية التي تعالج المغرب من مشارب ثقافية وتخصصات علمية مختلفة، وإغناء الخزانة العلمية في هذا الجانب الهام حتى يستفيد منها الباحثون الذين لا يتقنون اللغة الألمانية.