أصدر الشيخ المغراوي فتواه وقوبلت بإدانة شعبية ، وتم تهميشها ، لأنها تجدف خارج مسار التاريخ ، ولأن أقل مايمكن أن يخلص إليه عقل الإنسان بشأنها كونها تغرد خارج السرب الزماني والمكاني . ولم تكن بذلك حاجة إلى ردة الفعل التي اتخدتها الجهات الرسمية وهي تقوم بحجب موقع المغراوي وإغلاق فروع جمعية المغراوي " الدعوة للقرآن والسنة " ، لأن ذلك يشكل إساءة أخرى إلى الشأن الديني والحقوقي بالمملكة . "" والجدير ذكره ، أن القاصرة التي جعل لها المغراوي قدرة على النكاح لما لبنات العشرين ، تعد طفلة في عمر الزهورفاقدة لمقومات زوجة تستطيع تحمل أعباء الزوجية . ففاقد الشيءلا يعطيه . وبنت التاسعة بحاجة إلى رعايا ونمو جسدي وتكوين وتأطير نفسي ، ولا يمكنها إطلاقا منح شيء تفتقد إليه وتتطلع إلى أن يتم تطبيقه عليها من قبل أوليائها ومحيطها ،لا أنيتم ممارسة البيدوفيليا عليها. وحينما قررت النيابة العامة متابعة المغراوي قضائيا وتحركت عدد من الجهات الحقوقية والإعلامية لنصرة حقوق الطفل ، كان عليها أن تتحلى ببعض من الواقعية والنظرة الشاملة للأمور ، فليس بمتابعة المغراوي ستحل مشاكل الطفولة المغربية ، لأن قضية المغراوي ساحتها النقاش والتناظر. فحقوق الطفل تنتهك بصورة يومية وتغتصب كرامتهم وحريتهم وحقهم في التمدرس ، والتمتع بحقوقهم المشروعة من تطبيب وعناية وفقا لما تضمنه لهم دولة المواطنة حقوقا وواجبات ... ويوجد في المغرب آلاف الأطفال المغاربة البالغين سن التمدرس والذين يشتغلون في ورشات الصناعة التقليدية ويتعرضون لأبشع أنواع الاستغلال ، لأن ما يمتهنونه فوق طاقاتهم الجسدية والنفسية ، هذا إلى جانب امتهان مهن مذلة كالتسول ومسح الأحذية وبيع السجائر والأكياس البلاستيكية . وتتعرض القاصرات الخادمات في البيوت إلى وسائل تعذيب مختلفة تتوزع بين العنف الجسدي من ضرب وكي ، وعنف نفسي من خلال الشتم وأقبح النعوث الحاطة بالكرامة الإنسانية ، وتتجاوزه أحيانا إلى استغلال جنسي وتحرشات جنسية من قبل المشغلين .دون إغفال شبكات الدعارة التي تستغل القاصرات في السياحة الجنسية في عدد من المدن المغربية وخاصة مراكش وأكادير ... وكانت فاجعة انفكو قد تسببت في وفاة أزيد من ثلاثين طفلا بسبب الجوع والبرد والإهمال ، فإذا كان الثلج ظاهرة طبيعية فإن الإهمال ظارهرة مخزنية ... قمنا بسرد بعض من واقع الطفولة المغربية ليتبين لناحجم التناقض الذي يكشفه لنا الواقع والذي تمارسه الجهات المكلفة بحماية حقوق الإنسان عموما والطفل خصوصا، فهل لا تستحق منا أرواح ضحايا انفكو أن نصرخ بأعلى أصواتنا حول مصير ومستقبل الطفولة المغربية ؟ ولماذا يتم غض النظر عن السياحة الجنسية وشبكات الدعارة التي تتاجر في اللحم البشري ؟ وأين هي الجهات المكلفة بحقوق الطفل عندما يتعلق الأمر بالعبودية التي يتعرض لها الأطفال المغاربة في ورشات الصناعة التقليدية ؟ وألا تستحق كل هذه المآسي وغيرها أن يتم مقاضاة الدولة المغربية بسبب مسؤوليتها الضمنية والمباشرة عن كل ما وقع ويقع لأطفال المغرب والذي يلفه الغموض ويتسم بإعادة إنتاج المأساة التي يتعرض لها المغاربة جيلا بعد جيل؟