مر وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط أول أمس الأحد بفتح تحقيق في فتوى محمد المغراوي، حول تزويج ابنة التسع سنوات. وأفادت بعض المصادر بأن رجال الأمن حلوا ببيت المغراوي بمدينة مراكش، للتحقيق معه في النازلة، لكنهم لم يجدوه. إلى ذلك، ذكرت بعض المصادر المقربة من الشيخ السلفي أن هذا الأخير يوجد خارج التراب الوطني، حيث حل قبل أسابيع بالديار السعودية لأداء مناسك العمرة. ولم تخف المصادر ذاتها تذمر صاحب فتوى تزويج ابنة التسع سنوات من «الحملة التي شنتها وسائل الإعلام ضده»، مشيرة إلى أن «تصريحات المغراوي يتم بترها بهدف الإساءة إليه». واستغربت المصادر ذاتها، والتي فضلت عدم ذكر اسمها، «كيف يتم استغلال فتوى المغراوي، والتي لها روافد في الدين من أجل النيل منه». وفي سياق ذي صلة، عملت السلطات الأمنية على حجب موقع المغراوي، الذي بث الفتوى التي أثارت عدة ردود أفعال، كان آخرها المجلس العلمي، الذي ندد في بيان صادر عنه بإباحة زواج البنت الصغيرة. واعتبر المجلس العلمي المغراوي: «فتان ضال ومضل، ومن ثم لا يلتفت إليه ولا ينتبه لرأيه أحد»، مشيرا إلى أن صاحب الفتوى «معروف بالشغب والتشويش على ثوابت الأمة ومذهبها». وأوضح المجلس أن «النظام المعمول به في المملكة المغربية في ما يتعلق بالسن الشرعي للزواج حاليا يستند إلى قانون صادقت عليه الأمة بجميع مكوناتها وشارك العلماء في صياغته»، وأن «الفتوى المعتبرة في شؤون الدين بالمملكة المغربية لا تصدر عن الأشخاص وإنما تصدر عن المجلس العلمي الأعلى». وفي هذا السياق، أعرب مراد بكوري، محامي بهيئة الرباط، عن ارتياحه لقرار وكيل الملك، وكذا لموقف المجلس العلمي الأعلى من فتوى المغراوي. وأشار بكوري، في تصريح ل«المساء»، إلى أن المواقف المتخذة بخصوص هذه القضية هي عين الصواب، إذ كان لابد، يضيف، من توقيف هذا الشخص عند حده. وكان مراد بكوري قد سجل دعوى قضائية لدى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط ضد محمد المغراوي، بعد إصداره فتوى تزويج ابنة التسع سنوات، كما سجل دعوى ثانية من أجل توقيف موقعه الذي تنشر فيه الفتوى المذكورة. واعتبر بكوري، في تصريح ل«المساء» أن فتوى المغراوي المجيزة لتزويج الفتيات في سن التاسعة هي بمثابة «تحريض صريح على الاغتصاب». وأضاف المحامي أن «ما يدعو إليه المدعو المغراوي يعتبر إخلالا بمقتضيات مدونة الأسرة، التي تحدد سن الزواج في الثامنة عشرة، والاستثناء يكون بمقتضى قرار معلل». ويضيف أن ما أقدم عليه المغراوي» ضرب عرض الحائط مدونة الأسرة ودعوة صريحة إلى التحريض على الإضرار بالقاصرين دون الثامنة عشرة مع ما يمكن أن يترتب عن ذلك من جرائم اغتصاب في حق أطفال أبرياء، كما يعد مسا خطيرا بأبسط حقوق الإنسان عامة وحقوق الطفل خاصة ناهيك عن تشويه سمعة الإسلام بمثل هذه الترهات». واعتبر مراد بكوري أن مثل المغراوي يسيئون إلى الإسلام، مستغربا في الوقت ذاته صمت الجمعيات الحقوقية التي تعنى بأمور الطفولة والمرأة عن هذا الموضوع، وعدم اتخاذها لموقف حازم في القضية. وكان محمد بن عبد الرحمن المغراوي الذي يعتبر رمزا للسلفية الوهابية في المغرب أصدر فتوى نشرت على الموقع الإلكتروني لجمعية الدعوة والسنة في القرآن تجيز زواج ابنة التاسعة. وعلل المغراوي فتواه، التي خلفت عدة ردود أفعال بالقول: «قد حدثنا وشاهدنا أن هناك بنات تسع لهن القدرة على النكاح ما للكبيرات من بنات العشرينات وما فوق». من جهته، اعتبر الشيخ عبد الباري الزمزمزي أن فتوى المغراوي «فتوى عابثة لا فائدة منها، الهدف من ورائها هو إثارة الزوبعة والانتباه». وأشار الزمزمي، في اتصال مع المساء، إلى أن «المغراوي الذي يعرف على أنه من السلفيين المتشددين المعسرين الذين لا يفهمون الواقع ويتعاملون مع النصوص بجمود، لا يحتكم إلى الواقع وما فعله لا يخرج عن سياق إطلاق الكلام على عواهنه». واعتبر أن زواج ابنة التاسعة زواج غير واقعي، مثله مثل زواج امرأة في سن الثمانين. وأردف قائلا : «حتى زواج المرأة في سن الثمانين جائز، لكنه زواج غير واقعي»، مشيرا إلى أن هناك «فتيات جاهزات قادرات على تحمل المسؤولية ولم يتزوجن، فبالأحرى أن يتم تزويج ابنة التاسعة».