في سياق مواكبة متغيّرات المجتمع ومؤسسات الدّولة، أصدر الملك محمد السادس تعليمات من أجل إجراء إصلاح عميق للمندوبية السامية للتخطيط، لتأهيلها لتكون قادرة على مواكبة النموذج التنموي. وجاءت التعليمات الملكية خلال خطاب عاهل البلاد أمام نواب الأمة بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الأولى بعد استحقاقات الثامن من شتنبر. وأوصى الملك في تعليماته بإصلاح المندوبية السامية للتخطيط من أجل جعلها آلية للتنسيق في سياسات التنمية، ومواكبة تنفيذ النموذج التنموي وفق معايير مضبوطة ووسائل حديثة للتتبع والتقويم. غياب المعلومات من خلال قراءة الخطاب الملكي، يقول الأستاذ الجامعي في كلية فاس أمين السعيد، "نجد أنه ركز في البعد الثالث على إصلاح المندوبية السامية للتخطيط، وذلك من خلال الانتقال من مرحلة تحليل الأرقام والإحصائيات إلى مرحلة مواكبة هذه الأرقام ومتابعتها داخل السياسات العمومية والترابية". ودعا السعيد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى "التركيز على الإكراهات والحدود المحيطة بالمندوبية السامية للتخطيط، إذ عانت هذه الإدارة من القيود المحيطة بعملها، لاسيما على مستوى الإطار القانوني المنظم لاختصاصاتها". وقال الجامعي المتخصص في القانون الدستوري إن "الكثير من الوزارات والإدارات ذات الطبيعة الخاصة لا تقدم المعلومات والمعطيات للمندوبية السامية، في حين أن السياسات العمومية والترابية في جوهرها تبنى على الأرقام والإحصائيات التي توفرها"، وتابع: "وجب التفكير في تطوير الإطار القانوني المنظم لهذه المندوبية، من خلال إجبار الوزارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية وإدارات القطاع الخاص على توفير كل المعلومات والوسائل التي يمكنها أن تساعدها في عملها". كما دعا المتحدث ذاتها إلى "إعادة النظر في طبيعة عمل المندوبية السامية المبني على فرق بحث مكونة من مشرفين ومراقبين وباحثين"، موردا أن "الميزانية المعتمدة للمندوبية لا تسمح لها بإبرام تعاقدات مع خبراء ومختصين في المجالات التي تنبغي دراستها ومواكبتها"؛ كما دعا إلى "التفكير في صيغ للتشاور والتفكير الدائم، والانتقائية بين المندوبية والحكومة ومختلف الإدارات العمومية". رؤية إصلاحية ثورية من جانبه، قال محمد أبركان، أستاذ التعليم العالي في الكلية متعددة التخصصات بالناظور، إن "الخطاب الملكي الموجه إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية 11 يأتي في سياق دولي ووطني مطبوع باستمرار تداعيات وانعكاسات الأزمة الوبائية، وتشكيل حكومة جديدة منبثقة عن استحقاقات 08 شتنبر 2021′′، موردا أن "الحكومة تنتظرها العديد الملفات والقضايا الخارجية والداخلية التي تستوجب وضع الأولويات الإستراتيجية وتضافر الجهود لمواصلة مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال تنزيل المشاريع والأوراش المهمة المتمثلة في منظومة الحماية الاجتماعية والإقلاع الاقتصادي، وتحفيز الاستثمار وتنزيل النموذج التنموي الجديد". وأوضح أبركان في تصريح لهسبريس أن "دعوة الملك محمد السادس كانت موجهة أساسا إلى الدور المهم الذي يمكن أن تقوم به المندوبية السامية للتخطيط، في إطار الرؤية الملكية، ارتباطا مع إطلاق مجموعة متكاملة من المشاريع والإصلاحات من الجيل الجديد"، واعتبر أن "هذه إصلاحات هيكلية وعميقة وتهم القطاع العام ومعالجة الاختلالات التي تعيشها المؤسسات والمقاولات العمومية، التي تعاني من غياب الانسجام في التدخلات والتداخل في المهام والوظائف، من خلال إصلاح وتأهيل هذه المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري والاقتصادي والاجتماعي قصد تحقيق الالتقائية في القيام بمهامها ووظائفها والرفع من أدائها ونجاعتها وفعاليتها". وتابع المتحدث ذاته بأن "هذه الإصلاحات تهدف إلى جعل المندوبية السامية للتخطيط (باعتبارها المؤسسة المعنية بإنتاج وتحليل ونشر الإحصائيات الرسمية المتعلقة بالسكان والسكنى وجمع المعطيات والمعلومات المرتبطة بمختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية) كآلية للمساعدة على التنسيق الإستراتيجي لسياسات التنمية، ومواكبة تنفيذ النموذج التنموي"، مشددا على أن "هذا ما جاء به القانون الإطار رقم 50.21 المتعلق بإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية، وهو ما سبق أن أكدت عليه الخطابات الملكية في العديد من المناسبات، لاسيما الخطاب الملكي السامي الموجه إلى الأمة بمناسبة تخليد عيد العرش بتاريخ 29 يوليوز 2020، وكذلك الخطاب الملكي الموجه إلى أعضاء البرلمان بتاريخ 09 أكتوبر 2020".