زمنان اثنان، فِي كل من مصر وسوريا، يرجان العالم العربِي بشكل قدْ يعيدَ رسمَ حدود الدور الأمريكِي في المنطقَة، ما يحتمُ على رئيس الولاياتالمتحدة، باراك أوبامَا، التحركُ على نحوٍ جريء وعلى عجلٍ لتدارك الموقف كيْ لا يرخيَ الوضعُ الحالِي بتداعياته خلال العقد القادم، على الأمريكِيِّين كمَا على العرب. الرئيس الأمريكي رمَى بمسؤولية اتخاذ القرار الاستراتيجِي العسكرِي إلى الكونغرس الذِي لمْ يتبين بعد خيوط ردة فعله إلا قبل فترة قصيرة، فالولاياتالمتحدةوروسيا توجدان في معسكرين متعارضين.. موسكُو ترى في سوريا ورقة رابحة من الناحية الاستراتيجية، وهي أيضاً تحدوها رغبة في حماية موطنيها المقيمين بالبلد. وهي التِي تمثل، من وجهة نظر أمريكيَّة ومنذ وقتٍ طويل، دعمًا للإرهابين بزعزعة لبنان ودعم حركة حمَاس. إلى جانبِ روسيا، تقفُ إيران حليفاً كبيراً لسوريا.. إيران التِي يمكن اعتبارها من أكبرِ حاضنِي الإرهاب في عالم اليوم بعدما أرسلت عناصر من حرسها كيْ يقاتلُوا في سورية، فضلاً عن عدمِ توانِيها عن دعمِ الإرهابِ بالبحرين والسعودية وفلسطين واليمن، في نزوعٍ بادٍ إلى تحوِيل العالم العربِي إلى مزرعة تابعة لها، على غرارِ ما فعلته بسورية. تبعاً لذلك، فِي ظلَّ استمرار بشار الأسد بحكم سورية فإنَّ إيران ستكثفُ جهودهَا لقلبِ حلفاء واشنطن في المنطقة العربية. ما ينذرُ بفقدان الولاياتالمتحدة، ودول محور الاعتدال، للتأثيراتها في منطقة ستتحول إلى قبلة يأس بالنسبة لهذه الأطراف التي قد تكون، حينها، في حاجة إلى إيجاد تسويَةٍ مع إيران. فِي غضون ذلك، لم ينجحْ الإخوان المسلمُون بمصر، خلال مدة حكمهم القصيرة، فِي احترام التعدد الاجتماعِي والسياسي، وذلكَ ليسَ بخطأ في الحكم بقدر ما هو مقترن بفلسفة الإخوان المسلمِين التي ترى أن عقيدة الإسلام السياسِي تسخرُ من فكرة تقرير الانتخابات في القانون. بالنظر إلى الشروع في استهداف الصحفيين والفنانين والموسيقيين منذ صعود الإخوان إلى السلطة، بدعوى تشجيع "الفن النظيف"، انطلاقًا من نصائحَ يتمُّ إسداؤُهَا، انطلاقًا من تأويلٍ صارم للإسلام. الإخوان المُسلمُون فِي مصر لم يكونُوا واعين بأنَّ الفوز في الانتخابات، يعنِي التدبير لفترةٍ محدودة في إطار الديمقراطيَّة، دون اللجوء إلى تغيير الدستور. أو سلوك طريق الحركات التحررية الإفريقية، التي انتهجت شعار الصوت الواحد، والرجل الواحد. أمَّا فِي الآونة الأخيرة، فَجرى في المغرب، تفكيكُ خليَّة إرهابيَّة، كانتْ تعتزمُ تنفيذ هجمات ضدَّ مصالح فرنسيَّة وأمريكيَّة في المغرب، يؤمنُ أفرادهَا بإيديلوجيَّة كتلكَ التِي توجد لدى نظرائهم من الإخوان. عطفًا على ما قيل، يكونُ من المهم بمكان، تنظيمُ قمَّة عالميَّة تجمع البلدان العربيَّة البلدان الأمريكيَّة، لبحث تقوية المؤسسات الديمقراطيَّة، وتشجيع الإعلام على بثٍّ سبل بلوغ مجتمع حر، وهنَا يجدرُ بمصر وباقي الدول العربيَّة أنْ تستفيدَ منْ المغرب، الذِي ضمن التعدديَة منذُ مدة طويلة، وضمَّ مشهدهُ السياسيُّ إسلاميين ويساريين. مما أتاح إفساح الفضاء الديمقراطِي منذُ اعتلاء الملك محمد السادس العرش، حيثُ أنَّ دستورًا جديدًا جرى إقرارهُ قبلَ عامين مضَيَا. في غضون ذلك، تبدُو اللعبة السياسية في المغرب متكافئة نسبيًّا، بإيجاد الإسلاميين أنفسهم مضطرِّين إلى التحالف مع الليبراليين لضمان موقعٍ لهمف ي الحكومة. فيمَا تكادُ حظوظ الإسلام السياسي الراديكالِي في حكمِ المغرب، جد ضعيفة. وزيادةً على تنافس الأحزاب، عرف المجتمع المدنِي في المغرب تقويًا ساعد على إيقاف الزحف الإسلامِي، فيما حافظَ الملكُ على صفته أعلى سلطة دينيَّة في البلاد، عبر إمارة المؤمنين. لقدْ أبْرَم المغرب، على عهدِ الحكوماتِ السابقة، اتفاقيات تبادل حر مع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوربِي، فيمَا لمْ يتحقق أيُّ تقدم مع حكومة الإسلاميين. بل إنَّ الأمور شهدت تراجعًا. ذكر معهُ الملك محمد السادس بأنَّ هناك أسرًا تعانِي البطالة. مما يعنِي ضرورة انصراف إسلاميِّي المغرب على ما هو إيديلوجِي ووضع الحاجات الإنسانيَّة الملحَّة نصبَ أعينهم.