عاد الناشط الأمازيغي أحمد الدغرني، إلى نبش بعض الوقائع التاريخية والسياسية التي ترتبط بموضوع الجنرال أحمد الدليمي، مبرزا بأنه للبحث عن هذا الرجل الذي طبع تاريخ البلاد ردحا من الزمن ينبغي النظر فيما "جرى من أحداث سياسية قبل موته بستة شهور، وأيضا بكل ما وقع بعد موته لعائلته وأقاربه، ومعاملة المخزن لآثاره". وأفاد الدغرني، في مقال خص به هسبريس، بأن وفاة الدليمي وقعت بمدينة مراكش في 12 يناير 1983، بعد نهايته من بناء الجدار الرملي بالصحراء بستة شهور فقط"، مردفا أن "موت الدليمي بمراكش كان خطأ تكتيكيا ارتكبه يشبه خطأ الجنرال أوفقير بقدومه إلى القصر الملكي بعد فشل انقلاب1972". وفيما يلي نص مقال الدغرني كما توصلت به هسبريس: تصدر بالمغرب من حين لآخر مقالات في الصحافة تتكلم عن الجنرال أحمد الدليمي، وتجدد في أذهان الشباب ما يمكن أن نطلق عليه "الثقافة الانقلابية" وفيها يندرج أحمد الدليمي، وهو شخصية سياسية وعسكرية وأمنية وقبلية (فتح الباء)، لا ينفصل الحديث عنها عن كل جيل الدليمي من عناصر المخابرات والجيش والأحزاب السياسية والمقاولات الكبرى، والقبائل المغربية، والنخب الثقافية والفنية والرياضية والجهات وعناصر "العروبية" و"الأمازيغ" والعائلة الملكية، وفرنسا وإسبانيا، وهو بالمقارنة مع عائلة أوفقير لم يكن له حظ في وجود أفراد من فرنسا ومن عائلته، يكتبون عنه الكتب والمذكرات والسيرة الذاتية ، ولا حتى من يطالب بإعادة التحقيق في وفاته بعد أن ظهرت شهادات تشكك في سبب وفاته، ويكتب عنه الناس دائما كفرد وحيد ومنبوذ، هل يعقل صمت العدالة؟ عسكري واحد سيقلب نظام حكم، هل يعقل ذلك؟ ولا يمكن من الناحية المنهجية أن تكتمل المعرفة التاريخية حول مثل هذه الشخصية التي لها حظ واحد هو عدم صمت الصحافة، ولو بمجرد المقالات السطحية بدون الاعتماد على بنية المجتمع المغربي ككل، لأن القضايا السياسية والمالية والاقتصادية والعسكرية لا تنفصل عن بعضها. وبداية نقول بأن تاريخ الانقلابات العسكرية بالمغرب مرتبط بتاريخ فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تولى الجنرال دوكول رئاسة فرنسا بعد الحرب، وورثت عنه المستعمرات الإفريقية جيشا بتربية وتقنية فرنسية يعتبر حكم العسكر للدول الإفريقية مسألة عادية، والرسوم العقارية les titres fonciers والمحافظة العقارية هي المصدر الأول لفهم الصراعات العسكرية والمدنية في فترة1956 الى سنة1995 بالمغرب، ومن جهة أخرى فإن الحديث عن شخصية الدليمي التي يتردد الكلام عن كونها مقتولة وتعرضت لحادثة سير، وكونها كانت تهيئ انقلابا عسكريا ضد النظام الملكي، وحتى كونها حوكمت قضائيا بفرنسا حول اغتيال واختطاف المهدي بن بركة هو وصديقه الشيخ شبرق ،أحد قدماء معطوبي مغاربة الجيش الفرنسي، والجاسوس الماحي، وأشياء أخرى مثل عضوية الدليمي كقاض عسكري في هيئة محاكمة المتهمين العسكريين بتنظيم محاولة انقلاب 16غشت 1972 وهذه أمور يوجد أناس على قيد الحياة يعرفون عنها الكثير، ونعتذر لهم مسبقا عن أي خطأ في القول لا نقصده في هذا المقال، ونقبل منهم التصحيحات بصدر رحب، مثل وجوده مع الحسن الثاني كرئيس للضباط المرافقين له، ومدير للإدارة العامة للأمن الوطني، والمهام السرية والعلنية التي أسندت إليه، وأخلاقه وحياته الشخصية... ولا يتكلمون عن ما يعرفونه جهرا ولكنهم يتناولونه بصوت منخفض تحت سقوف الخفاء، ولا يغتفر لهم ذلك، إما لأسباب مهنية أو بسبب الخوف أو فقدان الشجاعة الأدبية... ولاشك أن الارتباطات العائلية لمحيط أحمد الدليمي وأصدقائه تتعرض للآلام عندما تقرأ ما ينشر من صفحات عبر الصحافة الحالية بمختلف أنواعها، وخاصة عندما تبتعد عن ذكر الحقائق، وخاصة أيضا بعد أن فقدت مصادر المعلومات المدققة بوفاة الكثير من العارفين، مثل الشيخ شبرق بسيدي سليمان، والقاضي عبد النبي بوعشرين الذي ترأس جلسات المحكمة العسكرية، وكانت له اتصالات مباشرة مع الحسن الثاني أثناء المحاكمات لأنه كان من عائلات المشور بالرباط، والكولونيل بنعيادة الذي كان وكيلا للملك بالمحكمة العسكرية الدائمة للقوات المسلحة أثناء محاكمات الانقلابيين خلال سنوات1971- 1972 والجنرال إدريس بنعيسى الذي كان مفتشا عاما للقوات المسلحة، والشرفي أحد مساعدي أوفقير..الخ. والهدف من هذا المقال هو السعي لإعادة النظر في منهجية تناول الموضوع، وليس تفصيل المعلومات لأنها تحتاج الى أكثر من مقال مع التزام الحياد، بعد أن لوحظ أن الذين يكتبون يحتاجون الى بحث ميداني لدى العائلات ومناطق جذور المعنيين، ولدى متقاعدي ضباط الجيش والشرطة والدرك...وسوف نذكر مثلا أن أحمد الدليمي ينتسب الى قبائل الشراردة Chrarda التي تستوطن شمال وشرق مدينة سيدي قاسم، وتعيش من خيرات مياه وادي "رومان" وواد "ارضم" واسم هذه المجموعة القبلية على ما يبدو مشتق من كلمة "اشرادن" ICHERRADEN التي تعني المسلحين أو العساكر بالأمازيغية، وهي تعتبر بمنطقة الغرب من ملاك أراضي "الكيش" وتجاور عاصمة الرومان بالمغرب القديم "وليلي" التي بنيت على أنقاضها مدينة "زرهون" التي دفن بها إدريس مؤسس إمارة الأدارسة، وتوجد شمال مواقع قبائل كروان IGRWAN . ونؤكد أنه لا يمكن فهم مشاكل أحمد الدليمي وصراعاته السياسية والمالية التي قدم من أجلها روحه إلا بعد دراسة تاريخ هذه المدينة البترولية الصغيرة، والمهمشة حاليا بسبب أحمد الدليمي، وأيضا معرفة تاريخ منطقة الغرب التي جعلتها القوى الاستعمارية موقعا للقواعد العسكرية وخاصة القاعدة الأمريكيةبالقنيطرة، وجعلتها موقعا وحيدا لسجن العسكريين، وبنت قرب سيدي قاسم سجن أوطيطة OUTITA الشهير، ووالده هو الحاج الحسن الدليمي من زوجته الأولى، وهو مشهور بجماعة زكوطة وسيدي قاسم، وبكونه رئيس فريق سيدي قاسم لكرة القدم USK خلال بضع سنوات الرصاص بالمغرب، وكان كاتبا وترجمانا لدى المراقبة المدنية الفرنسية، ثم موظفا مركزيا بوزارة الداخلية بالرباط ورئيسا للجماعة القروية زكوطة في أسوأ فترات تزوير الانتخابات الجماعية والبرلمانية بالمغرب، وكان برلمانيا لسيدي قاسم لعدة سنوات في أزهى فترات صعود ابنه أحمد في سلاليم السلطة المخزنية، وربما كان وراء شبكة الجواسيس الشعبيين والأميين الذين انتشروا كمخبرين(شكامة) بأجور سرية وزهيدة من الصناديق السوداء خارج كوادر المخابرات المعروفة بجميع المناطق. ولا يمكن فصل الجنيرال عن تأثير أبيه وبيئته، ولاشك أن الوسط الذي نشأ فيه هذا الضابط هو وسط سياسي وعسكري مختلط بين خدمات مخزنيه تقليدية مغربية وخدمات للسلطات الفرنسية في فترة الحماية، ومتأثر بمعيشة القبيلة التي تنتمي إلى أراضي "الجيش" التي يلتجئ إليها سلاطين المخزن لتحميهم عسكريا، ويقتطعون لهم أراضي شاسعة يستغلونها حسب الأعراف القبلية، ولا شك أيضا أن ظهور الفكر الانقلابي العسكري بالمغرب نشأ من جراء أمور أهمها: 1- إحداث مكتب السكنى العسكرية الذي بدأ يقتطع التجزئات العقارية الحضرية ويمنحها لضباط الجيش. 2- توزيع الأراضي المسترجعة من الأجانب على الضباط، وأخيرا مغربة التجارة والصناعة ابتداء من سنة1973 وجعل المغربة امتيازا لكبار الضباط والنافذين لدى المخزن، وهو ما نتج عنه تناقض في المصالح العقارية والتجارية بين أفراد الأسرة الملكية والجيش ولوبيات المال، ودولتي إسبانيا وفرنسا المتضررتين من المغربة وانتزاع أرضي المعمرين، وأهم من يمكن أن يتحدث عن موضوع الدليمي هم زملاء دراسته بالمدرسة العسكرية الدار البيضاء بمكناس، بسيدي قاسم التي كانت تعرف سابقا أيام الحماية الفرنسية بمدينة petit jean وينسب اسمها حاليا الى أحد صلحائها وهو سيدي قاسم بوعسرية. ولا شك أن أحمد الدليمي كان له حس قبلي ومحلي بانتمائه الى "العروبية" الذين نعني بهم في هذا المقال البدو القاطنين في بوادي وسهول الغرب، ونؤكد أن كلمة "العروبية" لا تعني مفهوما عرقيا، لأن هذه الفئة من المغاربة هي خليط شعبي من الأمازيغ والمستعربين، ويؤكد هذا كون الجينيرال كان مهتما في حياته الاجتماعية والسياسية بمحل سكنى قبيلته، وكان كل أسبوع ينزل بها بطائرة هيلكوبتر عسكرية قادما من الصحراء لقضاء ساعات مع أصدقائه بضيعات سيدي قاسم، وبلقبه المشتق من قبيلة "أولاد دليم" وهي إحدى فخدات قبائل الشراردة الذين منهم زيرارة zirara، ونتيفة ntifa واشبانات CHEBANAT وساهم في تأسيس جمعية قدماء ثانوية سيدي قاسم وأعطاها قوة ونفوذا، لكن انطفأت بوفاته، وخطط عملية تحويلها من مدينة صغيرة الى عمالة اقتطعها من عمالة القنيطرة، وضم إليها مدينة وزان، وجزء كبيرا من بلاد جبالة، حيث وسع نخبته السياسية الى مناطق جبالة مثل عبد السلام زنيند. وكادت المدينة حسب الإشاعات التي راجت حول تنظيم الدليمي لمحاولة انقلابية، أن تصبح في مخيلة البسطاء عاصمة، وبعد تنظيم الجنرال الدليمي زيارة وضيافة بمدينته للحسن الثاني، واستقبله استقبالا ملوكيا خياليا بتلك المدينة التي لم يبنها سلطان، ولا وجد بها قصر ملكي، لا ندري هل أرخ لها عبد الوهاب بنمنصور في فترة سياسية كانت تتميز بوجود مدينة سطات كعاصمة لإدريس البصري، وبالجمعيات الجهوية التي كان السياسيون يطلقون عليها "جمعيات الوديان والسهول والجبال" بسبب ظهور جمعية أبي رقراق بسلا وجمعية رباط الفتح بالرباط، وجمعية فاس سايس بفاس، وجمعية انكاد ANGAD بوجدة.. حتى ظهر في الساحة السياسية أن على كل موظف كبير بالدولة المخزنية بمافي ذلك مستشاري الملك وأقاربه مثل محمد عواد أن يؤسس جمعية سياسية في مسقط رأسه، أو في مجموعة زملاء مدرسته لملء الفراغ السياسي الذي نتج عن فرض حالة الاستثناء، ولكون المخزن مر بمرحلة محاربة التنظيمات السياسية التي انتشرت فيها السلفية والاشتراكية والشيوعية، وحاول تبديل سياسة الانتماء الأيديولوجي والحزبي بالانتماء الجهوي. واعتمد أحمد الدليمي في علاقاته السياسية على أبناء منطقته مثل أطر عائلة بنزروال، وحمر الكرون، والحافظ، وبلمجدوب، والعلام، والقاسمي، والحمراوي، والكايسي، وأصهاره آل الحبايزي، و كان من القاسميين وهم عائلة تنسب نفسها الى"بوعسرية" عضده القوي المحامي عبد الحميد القاسمي، وعميد الشرطة المشهور الحاج بوهوش الذي كان مديرا لمدرسة الشرطة بالجديدة، وانتقل إلى طاقم الشرطة السياسية بالإدارة العامة للأمن الوطني، وأصبح من أعمدة معاوني الدليمي، وربما نائبا له في بعض الفترات، واعتمادا على نخبة الشراردة وأصهاره بمنطقة مشرع بلقصيري، بدأت تتمحور حول احمد الدليمي نخبة وبطانة سياسية محلية يقودها عبد الحميد القاسمي الذي ردد على مسامع معارضيه بعد وفاة احمد الدليمي قولة مستوحاة من شعر قديم: "خلا لكم الجو يا قبرات فبيضوا واصفروا" وانسحب من السياسة الى أن مات نقيبا للمحامين بالرباط، وقد أوردنا هذه المعلومات لنستنتج أن عملية تسييس الدليمي كانت طبيعية وخرجت به من مجرد المهنة العسكرية والمخابرات الى طموحات عريضة في السياسة والثروة، وبناء لوبي عائلي تجلى في انتمائه الى شبكة عائلية عسكرية تربطه مثلا بالكولونيل حمو أرزاز، الذي كان قائدا للدرك الملكي، وبالجنرال عبد السلام الصفريوي، والى عسكر سيدي قاسم، مثل الكولونيل بلمجدوب الرياضي الشهير، والكولونيل العلام الذي مات في حرب الجولان بسوريا، وتأسيس فريق المستقلين SAPالذي كان تنظيما سياسيا شبه سري استولى على البرلمان، والجماعات المحلية والحكومة عن طريق استعمال صفة المحايدين في انتخابات 1976، الذي كان قد راج عند تأسيسه أنه "حزب العروبية" بعد أن انضم اليه عبد القادر بنسليمان وزير مالية الحسن الثاني ومدير سابق للبنك الوطني للانماء الاقتصادي BNDEمن منطقة "زعير" الذي لعب حينذاك نفس الدور الذي يحاول أن يلعبه البكوري والهمة الآن بحزب الأصالة والمعاصرة، وأرسلان الجديدي من منطقة "خريبكة"، والكولونيل عبدا لله القادري من "برشيد"، وعلي أقيوح من منطقة "هوارة" على ضفاف وادي سوس، وكان الدافع وراء تأسيس "حزب العروبية" الذي أشرفت عليه مخابرات الدليمي وكل أجهزة المخزن، ومجموعة من السياسيين مثل أحمد عصمان ورضا كديره، وأحمد بنسودة ...الخ. هو التفكير السياسي في تعويض سحب الثقة من النخب العسكرية الأمازيغية التي كانت وراء المحاولتين الانقلابيتين 1971-1972 تحت قيادة عسكريين وسياسيين من قبيلة كزناية igzennayen الريفية وعلى رأسهم الجينيرال المذبوح، والأطلس المتوسط مثل اوفقير، وكويرة ، وأمقران، وعبابو، وعقا، والشلواطي، وبوكرين، وحبيبي، وأمحارش.... وكان طبيعيا أن تدرك المجموعات السياسية "العروبية" وحتى مجموعات من "الأمازيغ" في مناطق سوس والصحراء الخطر الذي يتهدد مصالحها لو نجحت المحاولتان الانقلابيتان المعتمدتين على عناصر جهوية لا تشمل كل جهات المغرب، بل تقتصر على خريطة محددة بالريف والأطلس المتوسط، وكان للحسن الدليمي أولاد شباب غير أشقاء لأحمد الدليمي، كانوا يعيشون فخامة نفوذ العائلة بمدينة سيدي قاسموالرباط سنوات قبل وفاة الجنيرال، لكنهم على ما يبدو فقدوا كل شيء بعد وفاته، وتبعه أبوه بعد وفاته بقليل ومات بمدينة الجديدة ودفن بمراسيم لا تذكر، وكان أحد أصهار الحسن الدليمي من أعيان مدينة سيدي سليمان "الحاج السحيمي" قد حضر بالرباط مراسيم دفن أحمد الدليمي قد قال للناس بعد رجوعه من الرباط حسب الرواية الشفوية "دفننا شى حاجة بحال حجار" بعد أن راج التشكك حتى فيما يحتويه نعشه، ولم يتم دفنه بسيدي قاسم كما ينوي أقرباؤه، وبالأحرى قرية زكوطة ZGGOUTA. وختاما فإن وفاة الدليمي وقعت بمدينة مراكش يوم12/1/1983 بعد نهايته من بناء الجدار الرملي بالصحراء بستة شهور فقط، ويبدو أن موته بمراكش كان خطأ تكتيكيا ارتكبه يشبه خطأ الجنيرال أوفقير بقدومه الى القصر الملكي بعد فشل انقلاب 16غشت1972 وفي ملابسات موضوعية وقعت خلال الستة أشهر الأخيرة من سنة1982 وهي اعتراف منظمة الوحدة الإفريقية بجمهورية RASD التي تعتبر في نظر البعض هزيمة للسياسيين والدبلوماسيين المغاربة بعد تقديم الضحايا الكثيرين من شهداء الجيش والأسرى قادهم الدليمي في حرب شرسة استمرت حوالي9 سنوات، حولت الدليمي من ضابط كان قبل توليه قيادة الجيش في الصحراء يعيش بذخ مرافقة الحسن الثاني في مباهج الحكم وقصور المدن، إلى قائد حرب صحراوية ميدانية قاسية في المناخ والأعداء. وكان طبيعيا أن يتبدل، لأن الميدان جعله يقود نخبة عسكرية تعد بعشرات الآلاف متشبثة بالروح الوطنية النظيفة، ومنها من لم يشارك قط في قمع المدنيين وتؤثر عليه معاشرتها فوق رمال الصحراء، وتعتبر نفسها منتصرة في الحرب بعزيمتها القوية وإيمانها العميق ببطولاتها، فرضت عليه أن يكون مثلها أو يلقى مصيرا سيئا، فوجئت بعدة أمور سياسية خطيرة، منها توقيع موريتانيا لهدنة مع البوليساريو لم يرض بها جيش موريتانيا نتجت عنها محاولة الجيش الموريتاني لقلب نظام حكم ولد داده الذي ظهر وكأنه استسلم للبوليساريو والجزائر، وقبول السياسيين المغاربة في مؤتمر نيروبي لإجراء استفتاء حول تقرير المصير بالصحراء، ومطالبة الأمم المتحدة للمغرب بإجراء مفاوضات مباشرة مع البوليساريو، ووقوع الإضراب الوطني العام في20يونيه1982 والذي قتلت فيه قوات المخزن عددا كبيرا من الناس واعتقلت أعدادا أخرى، وبدء السياسيين في تبني حلول غير عسكرية تجر الى التنازلات، وتأزم الوضع السياسي الداخلي بكثرة الاعتقالات التي شملت حتى قادة سياسيين عارضوا نتائج مؤتمر نيروبي مثل عبد الرحيم بوعبيد، وتأسيس مجلس استشاري خاص مكلف بالقضايا الصحراوية في20غشت1982 ويهيئ لحكم صحراوي محلي يصعب قبوله على مؤيدي الحل العسكري وهم كثيرون، ومن ثم هل كان الدليمي ضحية موقف عسكري كحسم لقضية الصحراء مبني على تجربة الانتصارات التي حققها في حرب 9سنوات؟ ونتيجة لكل ما سبق يظهر أنه لابد لمن يبحث عن الدليمي أن يربط دراسته بكل ما جرى من أحداث سياسية بالمغرب قبل موته بحوالي ستة شهور، وأيضا بكل ما وقع بعد موته لعائلته وأقاربه وبعض أصدقائه، ومعاملة المخزن لآثاره وذكراه. ومن استفاد من موته..!