يقصد كل زائر لأكادير، عاصمة سوس، ميناءها بحثا عن تذوق أسماك هذه المدينة الساحلية، حيث لا بديل عن "المرسى" من أجل ذلك، وهناك تتكتل محلاّت وصل كمّها إلى ال118 بجوار البوابة الرئيسة للمرفق البحري، وبها يتفنن الكل في عرض خدماتهم وكذا لوائح الأسعار، هذه الأخيرة التي تطالها لازمة تلوكها ألسن الكل وهي تورد: "الثَّمَنْ بْحَالْ بْحَال..الاِخْتِلاَفْ فْالتَّعَامُل". الزبون يستوقفه شباب يعرضون "بطائق تعريف" تحمل رقم محل و أنواع السمك المقدّمة، معلنين النية في ضمان معاملة حسنة، وحسب "السّي حسن" فهؤلاء "لا تجارة و لا مطعم لهم،بل هم وسطاء يقومون بجلب الزبائن للمحل مقابل عمولة تختصم للزبون من كمية الأكل المقدمة له"، هذا ما يطلق عليه بين المهنيين "الكْيَادَة"، وتعني "جرّ الزبون إلى مائدة مطعم بذاته". "السي حسن" رجل ستيني، وقف أمام مربد السيارات يتابع الكر و الفر بين "الكيادة" و الزبناء المفترضين، فيما قال لهسبريس: "قامت السلطات المحلية، قبل ثلاثين عاما من الآن، وبتنسيق مع بلدية المدينة، بطرد بعض مالكي أكشاك كانوا يستغلونها داخل الميناء لاجل شيّ الأسماك، ومقابل ذلك منحتهم رخصا بالموضع الحالي حتى يصبح مقصدا للراغبين في تذوق أسماك أكادير". زبناء ارتأوا تناول وجبة سمك بذات المكان المحاذي لبوابة مرفئ الصيد بعاصمة سوس، فتوجّهوا لشرطي متواجد بالمدار الطرقي القريب، سأله أحدهم عن المكان الأجدر بقصدهم ليجيبه رجل الأمن: "إياكم أن ينصبوا عليكم، سيطالبونكم بمبالغ خيالية بمجرد فراغكم من الأكل، لذلك احرصوا على الاتفاق بخصوص سعر الخدمة ونوعية المنتوج أولا"، بعدها زاد ذات الشرطي لهسبريس: "ترد على مصلحة الشرطة بالميناء شكايات عديدة لمواطنين تناولوا وجبات وتمت مطالبتهم بعدها بأداء مبالغ قد تصل إلى 900 درهم، وهنا يصعب الفصل بين الطرفين". "بعض المتطفلين على هذا الميدان تمكنوا من التحصل على رخص، وقد أنشأوا مطاعم وأرادوا الاغتناء بسرعة عبر انتهاج النصب واستغلال ذوي النيات الحسنة" يقول "السّي حسن" بحسرة ضمن حديثه مع هسبريس، وسيترسل: "هؤلاء أساؤوا للمهنة بقد إساءتهم للمكان، وأخاف أن يصبح المكان مهجورا إذا استمر الوضع على ماهو عليه". مقدمو وجبات "السمك السوسيّ" يشتغلون بفضاء غير مرتبط بشبكة الماء الشروب، وهذا وسط مسلك غير معبدة يقود إلى دكاكينهم التائهة وسط الغبار والمسقّفة بالقصدير، أمّا المراقبة الطبيّة فيقول عنها مهنيون إنّها "تشتدّ مع قدوم الصيف قبل أن يقترب من الغياب التام باقي أوقات العام"..