شهدت دبي اليوم الخميس افتتاح الحدث العالمي التاريخي "إكسبو 2020 دبي"، بحضور كبار المسؤولين في الإمارات العربية المتحدة ومشاركة 192 وفداً يمثلون دول العالم، من بينها المغرب الذي أعد جناحاً فريداً ومتميزاً في هذا الموعد الدولي الهام. ورحّب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بجميع المشاركين في "إكسبو 2020 دبي"، في أول انعقاد له في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا. ومن المنتظر أن يفتتح المعرض للعموم غداً الجمعة لبدء حوار ثقافي وإبداعي يمتد على مدار ستة أشهر، يتم من خلالها رسم ملامح مستقبل العالم بتقديم الحلول والابتكارات والأفكار التي تعين على تحقيق طموحات شعوبه، وإيجاد آليات أكثر كفاءة لتفعيل العمل المشترك نحو غد أفضل للجميع. وجرى حفل الافتتاح الرسمي في ساحة الوصل التي تشكل قلب "إكسبو"، والرابط بين محاوره الثلاثة: "الاستدامة و"التنقل" و"الفرص"، وشهد حضور عدد من الوزراء وكبار المسؤولين، وأعضاء في السلك الدبلوماسي لدى الدولة، وحشد كبير من ممثلي وسائل الإعلام المحلية والعالمية. لحظة تاريخية قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إن "دولة الإمارات العربية المتحدة تشهد لحظةً تاريخية استثنائية مع انطلاق إكسبو 2020 دبي الذي يعد الحدث الأهم في العالم، عبر اجتماع 192 دولة بثقافاتها وتجاربها وتاريخها". وأضاف بن راشد، في كلمة افتتاحية، أن "دولة الإمارات تدشن اليوم محطةً جديدة في مسيرة المستقبل التي ستنطلق بتسارع أكبر من أي وقت مضى، حيث كل الطموحات ممكنة التحقق بالإرادة القوية والحكيمة"، مؤكدا أن "الإمارات تثبت للعالم أنها دولة على قدر التحديات، وأنها الأقدر على الخروج من الأزمات عبر خلق الفرص وصنع الأمل، لتقدم نموذجاً عالمياً مستقبلياً تنمويا". كما أورد المسؤول الإماراتي أن "إكسبو 2020 دبي يشكل احتفالية إنسانية بأرقى منجزات الدول وإبداعاتها وابتكاراتها، كما يوفر فضاء لاجتماع العقول والأفكار والخبرات والتجارب الإنسانية؛ فيما يعين الحدث العالمي على اكتشاف آفاق جديدة من التعاون وبناء جسور الثقة بين الشعوب وتعزيز العمل المشترك لبناء مستقبل أفضل للبشرية، عنوانه السلام والاستقرار والازدهار للجميع". وأشار المتحدث إلى أن "انطلاق فعاليات إكسبو 2020 دبي يعدّ دفعةً قوية لمسيرة التعافي عالمياً لحقبة ما بعد كوفيد-19، ضمن مرحلة تستلزم توحيد الجهود والرؤى والإمكانات والأهداف لما فيه خير البشرية". الإمارات تفتح قلبها للعالم من جهته، قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إن دولة الإمارات العربية المتحدة "تفتح ذراعيها وقلبها للعالم على أرضها، هذه الأرض التي كانت ملتقى الحضارات والثقافات على مر التاريخ، ونقطة التقاء الشرق والغرب، وموطن التسامح والتعايش منذ القدم". وأضاف بن زايد، خلال حضوره افتتاح فعاليات معرض "إكسبو 2020 دبي"، أن "استضافة دولة الإمارات هذا الحدث الدولي الكبير، للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا، تؤكد الثقة العالمية فيها وفي تجربتها التنموية الرائدة وما تجسده من قيم وسياسات وتوجهات تدعو إلى الخير والتنمية والتعاون والسلام". وأردف المسؤول الإماراتي: "إكسبو 2020 دبي يقف وراءه رجل دولة استثنائي يمتلك رؤية واضحة للحاضر والمستقبل وإرادة صلبة تسمو فوق التحديات، هو أخي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي وصل الليل بالنهار في قيادة فرق العمل الوطنية المتميزة حتى يخرج هذا الحدث بالصورة التي تشرف دولة الإمارات وشعبها، وتليق بصورتها على الساحة الدولية". ورحب بن زايد بالدول المشاركة في المعرض، وتمنى لها التوفيق والنجاح في تعزيز شراكاتها الاقتصادية والتكنولوجية والتجارية، والاستفادة من الحوارات المثمرة التي سيشهدها المعرض لمصلحة التنمية والرخاء فيها، واستكشاف مزيد من الفرص التنموية في المستقبل لمصلحة شعوب العالم. رسالة سلام ووئام وجاء في كلمة الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، المفوض العام ل"إكسبو 2020 دبي"، أن "مسيرة دولة الإمارات الممتدة على مدار الخمسين عاما الماضية تمثل قصة سطر فصولها قادة وأبناء الوطن، لتتجلى فيها القيم التي كانت أساساً لطموحاتهم وثقتهم بقدرتهم على تحقيق ما هو أفضل لهم ولغيرهم". واستذكر الوزير المشاركة الأولى لدولة الإمارات في منصة إكسبو العالمية في مدينة أوساكا اليابانية في العام 1970، حيث قدم شعب الإمارات ثقافته إلى العالم ضمن جناح صُمم على هيئة قلعة الجاهلي في مدينة العين، وذلك قبل عام ونصف من قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة. كما قال المتحدث ذاته إن "الاستثمار في بناء الإنسان محور الاهتمام الرئيسي في مسيرة دولة الإمارات، عملا برؤية قيادتها الرشيدة؛ توازياً مع التوسع في تأسيس البنية التحتية وتنويع الاقتصاد وإيجاد الفرص لازدهار الجميع". قصة مذهلة أعرب ديميتري كيركِنتزس، الأمين العام للمكتب الدولي للمعارض، الجهة المنظمة لأحداث "إكسبو" العالمية، عن كامل تقديره لدولة الإمارات العربية المتحدة قيادةً وشعباً، مهنئاً بانطلاق "إكسبو 2020 دبي"، في وقت مهم يستعد فيه العالم إلى الانتقال إلى حقبة جديدة من العمل والإنجاز، مؤكداً سعادته بالمشاركة في هذه اللحظة التاريخية من القصة المذهلة لدبي ودولة الإمارات العربية المتحدة التي تحتفل هذا العام بيوبيلها الذهبي. وأكد الأمين العام للمكتب الدولي للمعارض، في كلمة افتتاح المعرض أن "إكسبو دبي يمثل للملايين حول العالم مناسبة بالغة الأهمية لإعادة الاتصال بالعالم بأسره، والمشاركة في إيجاد وسائل للتغلب على التحديات التي يتشاركون في التصدي لها، وعرض الحلول المبتكرة والمتطورة للمشكلات التي تواجه عالمنا اليوم". وشدد الأمين العام للمكتب الدولي للمعارض على أهمية "إكسبو 2020 دبي"، إذ "يأتي في وقت تحد كبير اهتزت معه المجتمعات حول العالم، بينما سيسهم الحدث مع انعقاده تحت شعار 'تواصل العقول وصنع المستقبل' فرصة نموذجية للمساعدة في تشكيل عالم أفضل، تتجاوز فيه الشعوب خلافاتها لتتوحد من خلال التنوع لإيجاد حلول ناجعة لتخطي هذه المرحلة، لخلق عالم أكثر مرونة وتراحماً وتعاونا". حفل أسطوري وعاش العالم في قلب ساحة الوصل حفلا أسطورياً تضمن عرضاً مرئياً وصوتياً غامرا لم يسبق له مثيل، ضمن سلسلة من العروض المبهرة على أكبر شاشة محيطية من نوعها في العالم، بزاوية 360 درجة، احتفت بقيم السلام والمحبة والتعايش والتعاون التي يدعو لها الحدث الكبير، وتتناغم في جوهرها مع رسالة دولة الإمارات الدائمة إلى العالم، التي تنشد من خلالها نشر السلام والمحبة بين مختلف شعوب الأرض. ووضع حفل الافتتاح، وهو أول فعالية تُقام في ساحة الوصل، الجمهور في قلب الحدث مع انطلاق العرض على المسرح الدوّار، الذي استخدمت فيه أحدث تقنيات العرض المسرحي الصوتية والمرئية، وكذلك المؤثرات البصرية. واستلهم الحفل شعار "إكسبو 2020 دبي": "تواصل العقول وصُنع المستقبل"، إذ اصطحب الجمهور في رحلة ملؤها الإبهار، تم خلالها استعراض المحاور الثلاثة التي يركز عليها الحدث الأكبر من نوعه في العالم، وهي "الفرص والتنقل والاستدامة"، مسلطا الضوء على القيم الإماراتية الراسخة ورؤية "إكسبو 2020 دبي" وأهدافه، وترحيبه بمشاركة 192 دولة في رحاب دبي وعلى أرض دولة الإمارات. وجاء افتتاح الحدث الأكبر من نوعه في تاريخ المنطقة معبراً عن هذا المزيج الفريد بين أصالة دولة الإمارات واعتزازها بتاريخها العريق وطابعها العالمي وسماتها العصرية المستلهمة من عراقة حضارتها الضاربة بجذورها في عمق التاريخ، وانفتاحها على العالم وترحابها بكل صاحب حلم ينشد النجاح والتميز، إذ شارك في العروض الإبداعية التي شملها حفل الافتتاح 910 من المؤدين من دولة الإمارات و64 دولة من مختلف أنحاء العالم. وكان الحفل بدأ بعزف السلام الوطني لدولة الإمارات، تزامناً مع رفع علم البلاد، وتأدية الفنان الإماراتي راشد النعيمي النشيد الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، فيما أُطلقت الألعاب النارية بألوان علم الدولة في سماء ساحة الوصل. وكانت ذكرى مؤسس الاتحاد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاضرة من خلال قصيدته "حي الشهامة"، التي أداها غناءً الفنان الإماراتي حسين الجسمي، تكريماً لمن كرسوا حياتهم لخدمة الوطن وتحقيق عزته ورفعته ورقيه. وتلا ذلك عرض مسرحي مبهر يروي بأسلوب مبدع من خلال طفلة إماراتية صغيرة قصة شعار "إكسبو 2020 دبي"، الذي تم استلهام تصميمه من مشغولة ذهبية أثرية تم العثور عليها في موقع "ساروق الحديد" التاريخي، الذي يقدر عمره بنحو 3000 عام، واكتشفه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم خلال إحدى جولاته في صحراء دبي، عندما لاحظ أن الكثبان الرملية في هذا الموقع أخذت شكلاً مغايراً لنمط باقي الكثبان في تلك المنطقة، بما يحمله المُكتشف الأثري من رمز لتاريخ عريق وغني ولمستقبل مبني على الوحدة والاتصال والقوة. ويقام "إكسبو 2020 دبي" خلال الفترة من 1 أكتوبر 2021 إلى 31 مارس 2022، وهو أول "إكسبو دولي" ينظم في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا. وسيحتضن الحدث العالمي أفضل عروض الموسيقى وفنون العمارة والتقنيات والثقافة من أنحاء العالم طوال فترة إقامته. وسيتيح "إكسبو 2020 دبي" للعالم فرصة الاستمتاع بالاحتفالات والثقافة والفنون؛ وسيجمع أيضا أنبغ عقول العالم عبر برنامج "الإنسان وكوكب الأرض"، ليتيح لكل الزوار من مختلف الأعمار والاهتمامات فرصة للاستمتاع وتحقيق أقصى استفادة من هذا الحدث الاستثنائي.