من المرتقب أن ينطلق الموسم الدراسي الجمعة المقبل، بعد تأجيله بغرض تلقيح 3 ملايين من الفئة ما بين 12 و17 سنة، إلا أنه إلى حدود الأحد كان مجموع من تلقوا الجرعة الأولى من هذه الفئة هو مليون و817 ألفا و546 تلميذا، وهو ما يمثل 60.5 بالمائة من الفئة المستهدفة، أما عدد التلاميذ الذين تلقوا جرعتين فلم يتجاوز عددهم 240379 شخصا. ورهنت الوزارة التعليم الحضوري بضرورة استكمال لقاح هذه الفئة، وهو ما يطرح تساؤلات كبيرة لدى القائمين على القطاع بشأن طريقة التعامل مع الفئة غير الملقحة، وهل يمكن ضمان تعليمها بشكل حضوري أو ستدرس عن بعد، أو بالتناوب. ما بين الحضوري وعن بعد حسب معطيات من مؤسسات تعليمية عديدة فإن نمط التعليم الذي سيتم اتباعه هو التناوب ما بين التعليم الحضوري وعن بعد، خاصة في الأقسام التي يفوق عدد التلاميذ فيها العشرين فردا، أو تلك التي بها نسبة تلقيح منخفضة، هذا "في حال لم تصدر قرارات جديدة عن الوزارة الوصية". وفي هذا الإطار قال عمر حينا، رئيس جمعية مديرات ومديري التعليم الابتدائي، إن المؤسسات اعتمدت إلى حدود الساعة نمط التناوب ما بين التعليم الحضوري وعن بعد، والتفويج في "استعمالات الزمن" التي أعدتها. وأضاف حينا، ضمن تصريح لهسبريس، أن هذا هو النمط الذي سيتم اتباعه إذا لم تصدر قرارات جديدة عن الوزارة الوصية، وزاد موضحا: "الأقسام التي فيها عدد تلاميذ أقل من 20 أو تم تلقيح الجميع بها يمكن أن تعتمد التعليم الحضوري بالكامل". من جانبه قال سعيد لعريض، خبير تربوي، إنه سبق أن ربطت وزارة التربية الوطنية الأنماط التربوية المعتمدة برسم الدخول المدرسي 2022- 2021 بالوضعية الوبائية في الجهات والأقاليم بشكل عام، والوسط المدرسي بشكل خاص، مضيفا أن "هذا الإجراء كان مرتبطا ب 10 شتنبر، إذ أعلنت الوزارة عن أنماط تربوية لضمان سلامة الأطر التربوية والمتعلمين، واقترحت تبعا لذلك نمط التعليم الحضوري الذي سيكون بالمؤسسات التعليمية التي تتوفر على الشروط المادية المحققة للتباعد الجسدي ولتلقيح جميع روادها، ونمط التعليم بالتناوب بين التعليم الحضوري والتعلم الذاتي في باقية المؤسسات التعليمية، ونمط التعليم عن بعد وفق رغبات الأسر أو عند اكتشاف بؤر وبائية داخل مؤسسة تعليمية؛ وصلاحية ذلك متروكة لكل مؤسسة تعليمية والمصالح الترابية"، وفق تعبيره. وأكد المتحدث ذاته أن "الأمر تغير بعد تمديد فترة التلقيح ليغطي أكبر عدد من المتعلمين"، مردفا: "إلى حد الساعة لم نتمكن من تحقيق هدف تعميم التلقيح، ما يسائل الوزارة عن أي نمط ستعتمد؟"، وزاد معلقا: "أعتقد أن الأمر يقتضي من المسؤولين دراسة جميع السيناريوهات الممكنة لإنجاح الدخول المدرسي في وقته". التعامل مع غير الملقحين من جانبه قال عبد السلام عمور، رئيس رابطة التعليم الخاص بالمغرب: "إذا ما كان هناك تأجيل جديد لانطلاق الدراسة ستحل الكارثة، فلا أحد له القدرة على تحمل آثار هذا التأجيل". وتابع عمور ضمن تصريح لهسبريس: "أملنا جميعا اتباع نمط التعليم الحضوري، لكن سيقع لنا إحراج مع التلاميذ الذين لم يتم تلقيحهم لسبب أو آخر". كما أكد المتحدث أنه "في حالة كان التلاميذ جميعهم ملقحين يمكن أن نتجاوز 20 تلميذا في القسم، وأن تكون الدروس حضورية مائة بالمائة؛ لكن الإشكال المطروح هو أن 30 بالمائة من الفئة المستهدفة غير ملقحة، وهو ما سيترتب عنه إشكال وارتباك خلال الانطلاقة". وتساءل عمور: "إلى حد الساعة غير معروف كيف سنتعامل مع هذه الفئة، هل باعتماد نمط التناوب أو التفويج أو غيرهما؟"، مؤكدا أن "جميع المؤسسات اتخذت الإجراءات اللازمة لانطلاق الدراسة، وأن "هناك تواصلا يوميا مع أولياء التلاميذ لتحفيزهم على تلقيح الأطفال". وزاد المتحدث ذاته: "المؤسسات التعليمية لا يمكنها خرق توصيات السلطات الوصية، لكن أملنا أن يستفيد كامل التلاميذ من الدراسة الحضورية هذه السنة من أجل إنقاذ هذا الموسم وتدارك التعثرات التي حصلت خلال السنتين الماضيتين". أما في ما يهم طريقة التعامل مع التلاميذ أقل من 12 سنة، الذين ليسوا ضمن برنامج التلقيح، فقال عمور: "لم يعد مقبولا لدى الأسر التفويج أو التناوب، وبالتالي حتى من هم أقل من 12 سنة سنعتمد لهم التعليم الحضوري". لكل جامعة اختيارات وحتى في المؤسسات الجامعية يطرح الإشكال نفسه، إذ قررت عدد من المؤسسات والجامعات اعتماد نمط التعليم عن بعد، وفي أحسن الأحوال التناوب ما بين الحضوري وعن بعد. وفي هذا الإطار قال جمال الصباني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي، إن مؤسسات عديدة "حسمت في نوع التعليم الذي ستتبعه، واتخذت قراراتها بناء على طبيعتها". وأردف الصباني: "مثلا هناك مؤسسات ذات استقطاب وطني سيصعب عليها اعتماد نمط التعليم الحضوري، خاصة في ظل طرح عدة تساؤلات مثل: هل ستكون الأحياء الجامعية مفتوحة أم لا؟". كما أورد المتحدث ضمن تصريح لهسبريس أن "هذه الوضعية لا يمكن الحسم فيها"، مؤكدا أن التعليم عن بعد "يطرح إشكالات كثيرة، إذ يجب أن يكون مكملا وأن لا يكون هو الأساس". مستجدات الموسم الدراسي قال لعريض إن "وزارة التربية والتعليم تقوم الآن بتنزيل المشاريع الإستراتيجية المتضمنة في القانون الإطار 17.51، خاصة المتعلقة بالبرامج إلى غاية دجنبر من هذه السنة"، مضيفا أن الوزارة عمدت كذلك إلى "تكييف المقرر الوزاري الخاص بتنظيم الموسم الدراسي، الذي جاء إثر إرجاء الانطلاق الفعلي للدراسة إلى فاتح أكتوبر". وحسب المتحدث ذاته فإن الوزارة حددت لهذا الموسم هدف "الاستفادة الكاملة من جميع المتعلمين من الحصص الدراسية المقررة، وكذا ضمان ما أسمته سلامة المجتمع المدرسي؛ ولأجل ذلك قامت بإجراءات عديدة وبتعديل موعد العطل المدرسية". ومن بين التعديلات التي أقرتها الوزارة ذكر لعريض تمديد الموسم الدراسي إلى غاية يوليوز، وتكييف مواعيد امتحانات المراقبة المستمرة والامتحانات الموحدة مع التنظيم الجديد للموسم الدراسي، وزاد مستدركا: "غير أن هذه الإجراءات طالها نوع من عدم التدقيق، خاصة إجراء الفروض في آخر السنة الدراسة التي ستتزامن مع عطلة عيد الأضحى المبارك، ما سيحصل معه ارتباك كبير إذا استحضرنا أجواء العيد وما يصاحبه من سياقات نفسية واجتماعية واقتصادية ستربك المتعلم والأستاذ والآباء"، مواصلا: "ومن هذا المنبر أدعو المسؤولين في الوزارة إلى التدقيق في تواريخ هذه الفروض؛ بما يسمح بتحقيق الكفايات المرجوة منها".