دعا الملك محمد السادس، حكومة عبد الإله بنكيران إلى إعطاء الأولوية للدبلوماسية الاقتصادية المقدامة، القادرة على تعبئة الطاقات، بغية تطوير الشراكات وجلب الاستثمارات، وتعزيز جاذبية البلاد، وكسب مواقع جديدة، وتنمية المبادلات الخارجية، معتبرا أن التعريف بالنموذج المغربي ليس مجرد شعار فحسب، وإنما هو هدف استراتيجي سيمكن بلوغه من تحقيق كل فرص التعاون الممكنة في جميع الميادين. وأشار الملك في الرسالة التي وجهها للمشاركين في ندوة سفراء المملكة المغربية، التي افتتحت صباح اليوم الجمعة بالرباط، أنه قام مند اعتلائه العرش، ببلورة رؤية دبلوماسية شاملة ومتناسقة، تكرس الهوية الحضارية العريقة للمغرب، وتستغل موقعه الجيو-ستراتيجي المتميز، وتتجاوب مع ثوابته الراسخة ، وتتكيف باحترافية وفعالية مع محيط دولي معقد، يعرف متغيرات متسارعة، ويعيش على إيقاع أحداث ووقائع متنوعة. ودعت الرسالة الملكية التي تلاها وزير الشؤون الخارجية والتعاون، سعد الدين العثماني، الدبلوماسية المغربية إلى تقوية العمل من أجل الترويج للنموذج المغربي القوي والغني بفضل الإصلاحات العميقة، والأوراش التنموية الكبرى في جميع المجالات، سواء للنهوض بالتنمية البشرية، أو في مجال السياحة والتنمية المستدامة والطاقات المتجددة وغيرها، فضلا عن الرصيد التاريخي للمغرب كبلد للانفتاح والتسامح، وفضاء لتعايش وتفاعل الحضارات والثقافات. واعتبر الملك محمد السادس في ذات الرسالة أن سفراء المغرب بمثابة جنود يجب أن يسخروا كل جهودهم لخدمة القضايا الاقتصادية لبلادهم، داعيا أيضا إلى إعطاء الدبلوماسية الثقافية، ما تستحقه من دعم وتشجيع، وخاصة من خلال إقامة دور المغرب، والمراكز والمصالح الثقافية بالخارج، وتكثيف الأنشطة الفنية، وتنظيم المعارض، للتعريف بالرصيد الحضاري والثقافي العريق للمغرب، وتعزيز إشعاعه دوليا، والتعريف بهويته الموحدة الأصيلة، والغنية بتعدد روافدها. كما أكدت رسالة الملك محمد السادس على ضرورة مواصلة المجهودات، من أجل حماية حقوق لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج ، والدفاع عن مكتسباتها الاجتماعية والقانونية، وتحسين جودة الخدمات المقدمة لها، لتكون في مستوى تلك التي توفرها لهم دول الإقامة، لا من حيث الكفاءة ولا من حيث الشفافية. وعلى الصعيد العربي، أشارت الرسالة الملكية إلى أن العاهل المغربي يتابع بانشغال كبير وقلق عميق، الأوضاع الصعبة التي تعيشها بعض الدول العربية الشقيقة، بدرجات متفاوتة وحسب خصوصيات ورهانات مختلفة، حيث تشهد تغيرات سياسية ومؤسساتية، معربا عن أمله في أن تتمكن هاته الدول من تجاوز هذه المرحلة الصعبة من تاريخها، من خلال الحوار البناء، والمصالحة الوطنية، في إطار الوحدة الترابية والتطلعات المشروعة للشعوب المعنية. وبخصوص العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي، دعا الملك محمد السادس إلى إيلاء أهمية بالغة لتطوير علاقات متميزة مع دول مجلس التعاون الخليجي، الذي تجمعه بقادة دوله وشائج الأخوة الراسخة، والتقدير المتبادل، والتفاهم الموصول، من أجل تعزيز الشراكة الاستراتيجية النموذجية التي تم إرساؤها في 2011. وفي نفس السياق، أكد الملك على ضرورة مضاعفة الجهود لتنويع وتقوية العلاقات ع الاتحاد الأوربي، وكافة دوله الأعضاء، عبر التفعيل الميداني للوضع المتقدم الذي تحظى به المملكة، منذ 2008، معربا عن اعتزازه بما يجمع المغرب بدول الاتحاد الأوروبي من علاقات الصداقة المتينة والتعاون المثمر. كما دعت الرسالة، الديبلوماسية المغربية إلى تطوير العلاقات الثنائية مع دول جنوب الصحراء، و المساهمة الفعالة، ضمن تجمع دول الساحل والصحراء "سين صاد"، مع تقوية العلاقات مع المنظمات الإقليمية الإفريقية، وخاصة منظمات إفريقيا الغربية والوسطى، و تفعيل أنشطة مؤتمر الدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي.